رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية، هانز- جيورج ماسن
AFP
سلطت الأضواء على ماسن الذي كان يعمل طويلا في الظل

عزلت الحكومة الألمانية رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية، هانز- جيورج ماسن، من منصبه ونقلته إلى منصب رفيع آخر في وزارة الداخلية.

وجاء قرار الحكومة وسط ضجة بشأن رد ماسن على القلاقل التي أثارها اليمين المتطرف في مدينة كيمنتس شرقي ألمانيا.

وطارد عناصر من اليمين المتطرف مهاجرين في 26 أغسطس/آب في أعقاب مقتل رجل ألماني طعنا في مشاجرة مع مهاجرين.

وقد شكك ماسن في صدقية مقطع يظهر مطاردة أشخاص يبدو من مظهرهم أنهم أجانب، ما أثار الكثير من الدعوات التي حضت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على عزله.

ويقول المنتقدون إن تشكيكه يُخفض من جدية التعامل مع عنف اليمن المتطرف وأفعال الترهيب التي قام بها في كيمنتس.

وسيغادر ماسن منصبه على رأس جهاز الاستخبارات الداخلية، لكنه سيتولى بعد ذلك منصب وكيل وزارة الداخلية.

ورأت وسائل إعلام محلية في هذه الخطوة ترقية له إلى منصب أعلى، وليس واضحا حتى الآن من سيخلفه في منصبه الاستخباري.

ماذا حدث في كيمنتس؟

أُفيد بوقوع عدد من الهجمات المعادية للأجانب في المدينة الواقعة شرقي ألمانيا في أعقاب مقتل دانيال هيليغ طعنا.

ووصفت الحوادث بأنها ملاحقات عنصرية، وقد نُشرت صور عنها تُظهر محتجين يطاردون أشخاصا ويرمون قناني ومفرقعات نارية.

وقال ماسن إن الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، "ليس لديها معلومات موثقة بشأن وقوع ملاحقات" لأجانب في كيمنتس.

وتساءل أيضا هل أن الفيديو الذي نشرته حركة معادية للفاشية يعرض حقا عمليات "ملاحقات في كيمنتس" في 26 أغسطس/آب، كما يزعمون؟ وأثارت هذه التصريحات جدلا.

وقال ماسن إن الفيديو قد يحتوي معلومات مضللة، مضيفا أنه لا يعرف من يقف وراء المنظمة المعادية للفاشية التي تطلق على نفسها اسم "Antifa Zeckenbiss".

وقالت هيئة الإذاعة الألمانية الرسمية (أيه أر دي) إنها توصلت، عبر تدقيق المعلومات، إلى أن حساب المنظمة المذكورة على تويتر مسجل باسم غير مُعرّف، وبدا نشاطه منذ فبراير/شباط في نشر رسائل معادية للفاشية "وليس ثمة ما يشير إلى أنه حساب مفبرك".

https://twitter.com/AZeckenbiss/status/1033790392037199873

وقد وقع العديد من المظاهرات الأخرى لليمين المتطرف في كيمنتس بعد 26 أغسطس، فضلا عن مظاهرات مقابلة مضادة صغيرة من اليساريين.

واُنتقد ماسن أيضا لصلاته بسياسيين من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليمني المتطرف.

من قرر عزل ماسن؟

جاء قرار العزل الثلاثاء كاتفاق حل وسط بين ميركل وشريكيها في الائتلاف الحاكم : وزير الداخلية هورست زيهوفر، من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، وزعيمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط) أندريا ناليس.

وقد دافع زيهوفر عن مواقف ماسن مما حدث في كيمنتس، بيد أن ناليس طالبت بعزله.

وكتبت بياتريكس فون شتورش، من حزب البديل من أجل ألمانيا، على تويتر واصفة قرار العزل بأنه "أعطى الحزب الاجتماعي الديمقراطي ما أراده نظريا" ومنح ميركل بعض السلام وراحة البال، بينما " يظل زيهوفر بينهما "ضعيف الشخصية" وبلا سند .

ما الذي حدث بشأن عملية الطعن؟

ما زالت التحقيقات بشأن مقتل دانيال هيليغ مستمرة.

وفي وقت سابق الثلاثاء، اُطلق سراح رجل عراقي يدعى "يوسف أيه" من السجن، بعد ثلاثة أسابيع من اعتقاله في قضية القتل. وقال محاميه أولريخ دوست روكسين إن اعتقاله كان "غير قانوني"، واتهم مسؤولين وسياسيين باستخدامه من أجل أغراض سياسية. وقال في بيان "ليس ثمة شهود يتهمون موكلي بالضلوع في الجريمة".

ومازال رجل سوري قيد الاعتقال، وتبحث الشرطة عن مشتبه به ثالث.

ماهي الصورة الكاملة لما حدث؟

أثارت تصريحات ماسن المثيرة للجدل المخاوف من أن يكون الجهاز الأمني الرسمي الرئيسي لَينا في التعامل مع نزعة اليمين المتطرف.

وقد أصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يحتل 92 من مقاعد البوندستاغ (البرلمان الألماني) الـ 709، حزب المعارضة الرئيسي. ويدعم الحزب محتجي اليمين المتطرف، مطالبا بإبعاد مرتكبي العنف من طالبي اللجوء من البلاد.

مسيرة لليمين المتطرف في كيمنتس
AFP
سير حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف مسيرات احتجاج في كيمنتس بعد مقتل ألماني في مشاجرة مع مهاجرين

ويحتج الحزب بغضب على ميركل لسماحها بدخول نحو مليون مهاجر في 2015 - 2016.

وقد أجبر سلف ماسن على الاستقالة بسبب قصور في تعامل الجهاز الأمني مع قضية جماعة النازيين الجدد (أن اس يو)، التي قتلت فيها خلية إرهابية 10 أشخاص في حملة ذات دوافع عنصرية في الفترة بين 2000 - 2007، حيث وجد أن الجهاز الأمني والشرطة قد تجاهلا أو أهملا الدافع العنصري في القضية.

ما هو عمل الاستخبارات الداخلية؟

يضم الجهاز 3100 من الكوادر الأمنية، يراقبون، إلى جانب أجهزة استخبارية خاصة بالأقاليم، الجماعات التي تعمل ضد النظام الديمقراطي في ألمانيا.

وقد أنشأت سلطات الحلفاء في عام 1950 الجهاز في ألمانيا (الغربية) لمراقبة نشاطات الجماعات الشيوعية والمؤيدة للنازية. وهو جزء من وزارة الداخلية الفيدرالية ويخضع لإشراف ورقابة البرلمان.

ولا يمكن للجهاز أن يقوم بعمليات اعتقال لأشخاص. ويقول إن معظم معلوماته يجمعها من مصادر علنية وعامة، وبضمنها التقارير الصحفية.

ويمكنه التجسس على الجماعات فقط، وليس الأفراد، الضالعة في نشاطات مضادة للدستور. وتتولى إدارات منفصلة داخل الجهاز التجسس على عناصر اليسار المتطرف واليمين المتطرف والمتشددين الإسلاميين.

كما يدير الجهاز عمليات مضادة للتجسس، تراقب الجواسيس الأجانب في ألمانيا، بيد أن جمع المعلومات الاستخبارية في الخارج من اختصاص دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية (بي أن دي).