مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف
Getty Images
على مدار 50 عاما، اعتادت منظمة الصحة العالمية أن يعمل الأطباء المتدربون فيها دون أجر لمدة 6 أشهر.

من المقرر أن توفر منظمة الصحة العالمية تدريبا مدفوع الأجر للأطباء، وذلك لأول مرة، بهدف تعزيز فرص الأطباء الذين يتقدمون من الدول النامية، وذلك حسبما علمت بي بي سي.

وتقبل منظمة الصحة، وهي واحدة من أكبر الوكالات التابعة للأمم المتحدة، نحو 1200 متدرب سنويا، من أجل دعم عملها في تحسين الصحة العامة، ومكافحة الأمراض حول العالم.

لكن لا يوجد من بين من يختارون سوى أقل من واحد من بين كل أربعة، من الدول ذات الدخول المنخفضة.

وعلى مدار الخمسين عاما الماضية، ظلت منظمة الصحة العالمية تنتظر متدربيها، للانتقال إلى مقارها في جنيف أو إلى واحد من مكاتبها الإقليمية الستة، وظلت تتعامل معهم بطريقة لا يحصلون فيها على أجر ولا مصاريف للسفر، لفترة ستة أشهر، ويكلف هذا كل واحد منهم نحو 6540 دولارا.

لكن الوكالة التابعة للأمم المتحدة وافقت، بعد حملة قادها متدرب سابق، على دعم مالي كامل لعامليها الشباب، وذلك بحلول عام 2020 كحد أقصى.

وقالت المنظمة لبي بي سي إنها الآن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة أن يكون 50 في المئة من بين المتدربين من الدول النامية، بحلول علم 2022.

وقد بدأ الحملة أشتون بارنت فينيس، وهو طبيب بريطاني يبلغ من العمر 29 عاما، وكان ذلك بعد انتهاء فترة تدريبه في المنظمة عام 2012.

ويقول فينيس: "من غير المقبول أن يكون 80 في المئة من عمل منظمة الصحة العالمية موجها لدعم الناس في الدول النامية، بينما 20 في المئة فقط من المتدربين يأتون من تلك الدول".

وأمضى فينيس ست سنوات يحشد المجتمع الدولي، قبل أن يعمل في النهاية مع وزراء عبر منطقة الكاريبي وأفريقيا، من أجل إقناع 194 دولة عضوة في الأمم المتحدة بالتوصل إلى هذا الاتفاق.

وفي عام 2015، أطلق الدكتور فينيس وزميلته المتدربة السابقة تارا كيديا، البالغة من العمر 27 عاما، والتي تعمل حاليا في السياسة الصحية في العاصمة الأمريكية واشنطن، حملة تمويل جماعي، من أجل إنشاء منحة دراسية بقيمة 10 آلاف دولار، من أجل تمكين اثنين من الشباب للتدرب في المنظمة.

واختيرت كريستابيل آبي، وتبلغ من العمر 28 عاما من أوغندا، وياسين الخلبوصي، وهو من تونس ويبلغ من العمر 29 عاما، لهذه المنحة.

وتقول السيدة آبي: "لم أكن أستطيع المشاركة أبدا دون المنحة".

ياسين الخلبوصي
Facebook
يعمل ياسين الخلبوصي في المركز التونسي للصحة العامة

ويتفق الخلبوصي مع آبي ويقول: "كان ذلك سيكلفني ما يوازي راتبي لمدة عامين كاملين".

ويعمل الخلبوصي حاليا في اللجنة التنفيذية للمركز التونسي للصحة العامة، بينما تعمل آبي باحثة في مجال الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي، في الدول النامية.

وهناك أكثر من 100 دولة ليس لها متدربون كل عام، بينما توجد 50 دولة أخرى، من بينها أنغولا، وباربادوس، وكمبوديا، وكوبا، وليبيا، ليس لها متدرب واحد في المنظمة، خلال الفترة ما بين عامي 2015، و2017، وذلك وفق أرقام منظمة الصحة العالمية. ولم يكن لدولة جامايكا متدرب واحد خلال العامين الماضيين.

وأقرت منظمة الصحة العالمية أن عملية الاختيار ليست "قائمة على الجدارة"، وقالت لبي بي سي إنها اكتشفت أن تدريبها غير المدفوع الأجر، غير عادل.

وقالت المنظمة إنها وفرت بالفعل تمويلا لـ50 متدربا سنويا، من جانب منظمة "ويلكام تراست"، وهي منظمة بحث طبي خيرية مقرها لندن، لكنها أضافت أنه "لا تزال هناك حاجة لمزيد من الدعم".

وقال الفريق الإعلامي لمنظمة الصحة: "من أجل تنشئة الجيل القادم من قادة العالم، الذين يأتون من أنحاء الأرض الأربعة، علينا أن نسهل عليهم قضاء وقت معنا".

وقد دربت الأمم المتحدة أكثر من 38 ألف شخص، خلال الفترة ما بين عامي 2009 و2017، لكن أكثر من 80 في المئة منهم لم يتلقوا أجرا.

ووفقا لهذه الأرقام، فإن العدد سيصل إلى نحو مليوني متدرب خلال الخمسين عاما الماضية، وهو أكبر من عدد سكان دولة ترينداد وتوباغو.

وذكر تقرير، أعدته وحدة التفتيش المشتركة للأمم المتحدة، أن المتدربين عليهم أن يتحملوا "ظروف الحياة القاسية"، لكي يكملوا مدة البرنامج، أو يتحملوا العمل "بعد انقضاء ساعات العمل"، أو في الوظائف غير الرسمية مثل تمشية الكلاب لتلبية احتياجاتهم.

وفي عام 2015، تصدر عناوين الصحف خبر المتدرب السابق بالأمم المتحدة ديفيد هايد، البالغ من العمر 22 عاما حينها، والذي وجد نائما في خيمة على شواطئ بحيرة جنيف، بعد أن وجد تكلفة الحياة في المدينة غالية للغاية مقارنة بقدراته.

وأقر هايد في وقت لاحق أن ذلك كان حيلة، لإثارة نقاش حول "العمل غير العادل غير المدفوع الأجر".

وتعد منظمة الصحة العالمية أول وكالة أممية تصدر قرارا بشأن التدريب، اتخذته الدول الأعضاء فيها.

ومع بدء الجمعية العامة للأمم المتحدة جلساتها السنوية لهذا العام، يأمل نشطاء في أن تثار قضية التدريب غير المدفوع الأجر على الأجندة من جديد، في ضوء العنوان الرئيسي لاجتماعات هذا العام، وهو "جعل الأمم المتحدة مناسبة لكل الناس".