استدعت باكستان السفير الأميركي لديها، بحسب ما أعلن متحدث باسم السفارة الثلاثاء، في توبيخ علني نادر من نوعه إثر انتقادات لاذعة وجّهها الرئيس دونالد ترمب إلى إسلام أباد، مهددًا بوقف المساعدات لها.

إيلاف: طُلب من السفير ديفيد هايل التوجه إلى وزارة الخارجية في العاصمة الباكستانية مساء الاثنين، بعدما ردت إسلام أباد بغضب على اتهامات الرئيس الأميركي لها "بالكذب" بشأن إيواء متطرفين، في آخر حلقة من الخلافات التي تهز تحالفهما.

خداع وأكاذيب
وأكد متحدث باسم السفارة الأميركية أن هايل التقى مسؤولين، لكنه أضاف "ليس لدينا أي تعليق حول جوهر اللقاء". ولم تشأ وزارة الخارجية التعليق على المسألة في الوقت الحاضر.

وكان ترمب هاجم إسلام أباد في تغريدته الأولى للعام 2018، فكتب في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، "إن الولايات المتحدة وبحماقة أعطت باكستان أكثر من 33 مليار دولار من المساعدات في السنوات الـ15 الأخيرة، في حين لم يعطونا سوى أكاذيب وخداع معتقدين أن قادتنا أغبياء". أضاف "يقدمون ملاذًا آمنًا للإرهابيين الذين نتعقبهم في أفغانستان بدون مساعدة تذكر. انتهى الأمر!".

سارعت باكستان إلى الرد معلنة أنها قدمت الكثير للولايات المتحدة وساعدتها على "القضاء" على تنظيم القاعدة، فيما لم تحصل سوى على "الذم وعدم الثقة"، وذلك في تعليقات غاضبة من وزيري الخارجية والدفاع.

وتنفي إسلام أباد باستمرار الاتهامات لها بالتغاضي عن العمليات المسلحة، منتقدة الولايات المتحدة لتجاهلها الآلاف الذين قتلوا على أراضيها والمليارات التي أنفقت على محاربة المتطرفين. وبعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، أقامت واشنطن تحالفًا استراتيجيًا مع إسلام أباد لمساعدتها على حربها ضد المتطرفين.

حركة حقاني
ولطالما اتهمت واشنطن وكابول، إسلام أباد بإيواء متطرفين أفغان، منهم عناصر في طالبان، يعتقد أنهم مرتبطون بالمؤسسة العسكرية الباكستانية، التي تسعى إلى استخدامهم كدرع إقليمية لمواجهة العدو الهندي. ومن أكثر ما يقلقهم موقف إسلام أباد من شبكة حقاني القوية، أحد فصائل حركة طالبان الأفغانية بزعامة سراج الدين حقاني.

المجموعة متهمة بالوقوف وراء عدد من أعنف الهجمات الدامية على القوات الأميركية في أفغانستان، ووصفها رئيس أركان الجيش الأميركي السابق الجنرال مايك مولن بأنها "ذراع حقيقية" للاستخبارات الباكستانية.

ووجدت هذه المجموعة منذ سنوات عدة ملاذًا آمنًا في المناطق القبلية في شمال غرب باكستان. غير أن الجيش الباكستاني شن عملية عسكرية في تلك المناطق في 2014، ويصر الآن على أنه قضى على جميع الملاذات الآمنة في البلاد.

رد قاس
تدهورت العلاقات الأميركية الباكستانية في عهد ترمب الذي أعلن في أغسطس أن "باكستان غالبًا ما تقدم ملاذًا آمنًا إلى الذين ينشرون الفوضى والعنف والإرهاب". واستدعت تلك التصريحات سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة المستوى في الولايات المتحدة وباكستان، لكن إسلام أباد أعطت مؤشرات قليلة إلى تقديم تنازلات.

وأبلغت إدارة ترمب الكونغرس في أغسطس الماضي أنها تدرس وقف مساعدة بقيمة 255 مليون دولار مخصصة لإسلام أباد، بسبب عدم تشديدها الإجراءات ضد المجموعات الإرهابية في باكستان. وقال المحلل الباكستاني امتياز غول إن تصريحات ترمب الأخيرة أثارت ردًا "قاسيًا جدًا" من باكستان.

وقال لوكالة فرانس برس إن تلك التصريحات "من شأنها فقط أن تفاقم التوتر الذي تشهده العلاقات الثنائية منذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض"، ووصف تعاطي واشنطن بأنه "متسلط أكثر ما هو عقلاني". أضاف أيضًا أن الاعتقاد السائد في باكستان هو أن الهند تغذي عداء ترمب تجاه إسلام أباد.

ودعا ترمب ومسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية، الهند، إلى لعب دور أكبر في أفغانستان، وهو ما ترفضه إسلام أباد. وقال غول "المحاولة الأولى لباكستان ستكون إضعاف خطاب الهند بشأن باكستان".