مرت أول سنة على دونالد ترمب في البيت الأبيض، فكان الحصاد سلبيًا في مجمله، عدا بعض الاختراقات التي لا تغير واقعًا مفاده إنها كانت سنة ترمبية بائسة.

هيمنت شخصية الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عام 2017. سواء بتغريداته في الصباح الباكر أو لطخة الفساد التي لصقت بإدارته أو الانعطاف الحاد نحو اليمين في فلسفته في الحكم، فإنه كان نقيض سلفه باراك أوباما في كل شيء.

في هذه الأثناء، أخفى الأداء الاقتصادي القوي في 2017 حقيقة أن ترمب أخفق في تنفيذ أي سياسات مهمة لمساعدة العمال الأميركيين البيض الذين ساعدوه في الوصول إلى البيت الأبيض، كما لاحظ رجل الأعمال الأميركي ستيفن راتنر في صحيفة نيويورك تايمز، عارضًا لسنة ترمب الأولى في البيت الأبيض. 

سنة أولى بائسة

تسلم ترمب منصبه بأدنى شعبية لأي رئيس في الفترة الأخيرة. ومن هذه البداية غير الواعدة استمرت شعبيته في التراجع نتيجة تصريحاته التي كانت كاذبة حينًا، ومشحونة عرقيًا أحيانًا، ونتيجة مبادراته السياسية غير الشعبية، وادعاءاته بشأن التدخل الروسي في الانتخابات. ويتميز ترمب بين الرؤساء الاميركيين بوصفه الوحيد الذي ودع العام بنسبة من الاميركيين غير الراضين عن أدائه أعلى من نسبة المؤيدين له.

هاوية التحزب

اختار ترمب توجيه رئاسته الوليدة نحو قاعدته على النقيض من أغلبية الرؤساء الجدد الذين يحاولون التواصل مع الناخبين الذين لم يصوتوا لهم، وخصوصًا المعتدلين منهم. لذا، بقي ترمب يتمتع بشعبية داخل حزبه مثل سابقيه، لكنه أقل شعبية في اوساط المعارضة من الرؤساء السابقين. وعلى الرغم من هبوط شعبية ترمب، تتوقع أغلبية المراقبين أن يُكمل ولايته الأولى.

رئاسة غير منتجة

على الرغم من تصريحات ترمب عن إنجازاته غير المسبوقة في الأشهر العشرة الأولى من رئاسته، فإن عدد القوانين التي وقعها في أول 337 يومًا من ولايته كان أقل مما وقعه أي رئيس منذ دوايت آيزنهاور في أقل تقدير. وأغلبية القوانين التي وقعها كانت ثانوية باستثناء قانون خفض الضرائب بالطبع. يضاف إلى ذلك أن ترمب كان بطيئًا في رفد إدارته بالكوادر المطلوبة، في حين أن العديد من وعوده الانتخابية مثل رصد ترليون دولار لمشروعات البنية التحتية والجدار الحدودي الشهير ما زالت حبرًا على ورق. 

هدية جديدة للأثرياء 

مُرر قانون خفض الضرائب بعجالة من دون إخضاع بنوده لنقاش واسع كما هو معتاد في الكونغرس. ويكافئ القانون الشركات الأميركية الكبرى بإضافة 1.4 تريليون دولار، وربما أكثر، إلى الدين العام. وستكون منافعه ضئيلة إلى حد الإحراج للطبقتين الوسطى والعاملة بالمقارنة مع ما سيحصل عليه الأثرياء. ونال هذا القانون أدنى نسبة من تأييد الأميركيين منذ عام 1990.

إنجاز على مستوى الثقة الاقتصادية

تسمية

اقترن انتخاب ترمب بزيادة كبيرة في تفاؤل قطاع الأعمال وزيادة متواضعة في ثقة المستهلكين. لم يكن هذا مستغربًا إزاء وعد ترمب بخفض الضريبة خفضًا حادًا وإلغاء آلاف الضوابط الحكومية على نشاط رأس المال. وبالنسبة إلى المستهلكين، فإن تفاؤلهم يمثل استمرارًا لاتجاه بدأ في عام 2009 حين أخذت آثار الأزمة المالية بالانحسار. 

الاقتصاد العالمي في أفضل وضع منذ عقود

أخيرًا، يعمل الاقتصاد العالمي بكل طاقته. ومن المتوقع أن تعاني ستة بلدان فقط آثار الركود في عام 2018، وهو أصغر رقم حتى الآن. وأسهمت الاقتصادات النامية في زيادة أرباح الشركات وارتفاع الأسهم في أسواق المال على الصعيد العالمي. وفي حين أن تشديد ترمب على اتباع سياسات مؤازرة لرأس المال ساعد في صعود أسواق الأسهم الاميركية، فإن أميركا ليست وحدها التي تتمتع بارتفاع الأسهم، ويجب أن نتذكر أن اسواق المال ارتفعت بمعدلات أعلى خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من ولاية اوباما (37 في المئة مقارنة بـ 18 في المئة لترمب). 

لم يساعد في توفير فرص عمل للاميركيين 

من الواضح أن فضل ترمب قليل أو معدوم في استمرار النمو الاقتصادي وتزايد فرص العمل، على الرغم من ادعائه عكس ذلك. فمعدل زيادة فرص العمل تباطأ في الحقيقة منذ تنصيب ترمب بنحو 44 ألف فرصة عمل في الشهر. كما أن ادعاء ترمب بأن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي حاليًا بنسبة 3.3 في المئة هو "الأعلى منذ سنوات عديدة" ليس صحيحًا، لأن أوباما حقق زيادات مماثلة أو أعلى في ستة فصول من إدارته. 

استمرار ركود الأجور لملايين الاميركيين

من الأسباب الرئيسة لفوز ترمب ركوبه موجة الاستياء بين العمال الأميركيين بسبب ركود أجورهم أو حتى هبوطها منذ بداية الأزمة المالية وتداعياتها. وفي أواخر عام 2014، أُجبر أرباب العمل على زيادة الأجور زيادة تفوق معدل التضخم. لكن منذ تنصيب ترمب، تراجع هذا التحسن وتلهث المداخيل الحقيقية الآن ليكون نموها أسرع من نمو الأسعار. 

أثمان لا إنسانية من دون مبرر

بعدما فشل الجمهوريون في هجومهم المباشر على قانون الضمان الصحي المعروف باسم "أوباماكير"، تمكنوا من دس بند في قانون الضريبة الجديد يلغي شرط أن يكون لدى جميع الاميركيين غطاء من التأمين الصحي. ونتيجة لذلك، سيكون عدد الأميركيين المشمولين بالتأمين الصحي أقل 13 مليونًا مما كان متوقعًا في السابق بحلول عام 2025، كما تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس. وكان من المتوقع أن يضيف قانون "أوباماكير" قبل تقويضه بهذا البند 34 مليونًا إلى المشمولين بالتأمين الصحي. 

مزيد من القضاة البيض المحافظين

على النقيض من تعثر إدارة ترمب في تنفيذ أولوياتها التشريعية، فإنها نجحت نجاحًا متميزًا في جانب آخر من مسؤولياتها، وهو تعيين القضاة. وكما هو متوقع، فإن عدد القضاة البيض الذين يعينهم ترمب يزيد على من عينهم أي رئيس آخر منذ رونالد ريغان. كما أنه قدم أربعة مرشحين للقضاء وصفتهم نقابة المحامين الاميركيين بأنهم "غير مؤهلين"، وتعين على ثلاثة من مرشحيه أن ينسحبوا. وأخيرًا، فإن القضاة الذين يعينهم ترمب مدى الحياة في هذه المناصب هم من الشباب نسبيًا، الأمر الذي يعني عمليًا تغيير الميزان الأيديولوجي للمحاكم الأميركية لعقود مقبلة. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.nytimes.com/interactive/2017/12/29/opinion/2017-the-year-in-charts.html