الرباط: طلب العاهل المغربي الملك محمد السادس من الادارة المكلفة تدبير قطاع الأوقاف العامة بالمغرب بإعداد مشروع استراتيجية على المدى الطويل لمواصلة إصلاح الأوقاف العامة، وعرضها عليه في ظرف ستة أشهر بهدف تحديث أساليب تسييرها. 

وأشار العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف، إلى أن مشروع هذه الاستراتيجية، التي تهدف إلى تحديث أساليب تسيير هذه المؤسسة، "يجب أن يصاغ في سياق يأخذ بعين الاعتبار، الإكراهات الملزمة والفرص المتاحة على حد سواء. كما ينبغي أن يكون مفصلا بما فيه الكفاية من حيث الأهداف المتوخى بلوغها، والوسائل المسخرة، ونوعية الأداء المنشود، مع تحديد جدول زمني دقيق للتنفيذ".

كما أوضحت الرسالة الملكية أن هذه الاستراتيجية "ينبغي أن تعتمد، ضمن أولوياتها، على الجرد النهائي لمجمل الأملاك الوقفية العامة، فضلا عن التدابير الواجب اتخاذها للحفاظ عليها، سواء على المستوى القانوني أو المادي”، وأن ترتكز، بالإضافة إلى ذلك، "على سياسة طموحة وواقعية، لاستثمار وتثمين رصيد الأوقاف العامة، مع الحرص على أن تكون كل المشاريع لصالحها”.

وأضاف العاهل المغربي أن هذه الاستراتيجية يجب أن تشكل، بعد موافقته عليها، "مرجعا ملزما للإدارة المكلفة حين وضعها للميزانيات السنوية المتعاقبة، وللمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، في التقييمات الدورية التي ينجزها".

وأشار بيان صادر عن الديوان الملكي إلى أن التوجيهات الجديدة التي تضمنتها الرسالة الملكية تندرج في سياق حرص العاهل المغربي على "مواصلة إصلاح الأوقاف العامة، من أجل الحفاظ عليها وتثمينها وحسن تدبيرها، وذلك اعتبارا لأهدافها النبيلة، ولإسهامها القوي في النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، فضلا عن رمزيتها الروحية، ومكانتها في مجال الأعمال الخيرية وترسيخ التضامن الاجتماعي". 

واضاف البيان أن الرسالة الملكية ذكرت بهذا الصدد بالمبادرات التي اتخذها العاهل المغربي، من منطلق مهامه الدينية والدستورية كأمير للمؤمنين، في سبيل الارتقاء بمؤسسة الأوقاف، سواء في ما يتعلق بإطارها القانوني، أو بآليات التسيير والمتابعة الخاصة بها، ومن ضمنها إصدار مدونة الأوقاف، وإقامة المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة.

ومن توجيهات الرسالة الملكية ضرورة إخضاع آراء المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، ذات الصلة باحترام الشريعة، لمصادقة المجلس العلمي الأعلى، الذي سيتكفل بإبلاغ قراره لكل من إدارة الأوقاف والمجلس المكلف المراقبة ، وذلك لكي تصبح ملزمة للإدارة المكلفة تدبير الأوقاف العامة.

كما أشارت التوجيهاتإلى أنه "يتعين على إدارة الأوقاف العامة أن تلتزم التزاما تاما بالمساطر وبالإجراءات المتعلقة بتنظيم الميزانية، وبمجال المالية والمحاسباتية، وكذا بتلك المرتبطة بالنفقات العمومية". 

واشارت الرسالة الملكية الى ضرورة "أن تحرص الإدارة المسؤولة على تدبير الأوقاف العامة على الاستفادة من الملاحظات والتوصيات الوجيهة التي يقدمها المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، والمتمخضة عن عمليات التدقيق والتقييم الموكولة إليه، قصد تصحيح الاختلالات وأوجه القصور التي يتم الكشف عنها”.

وبخصوص التقرير السنوي الذي يرفعه المجلس الأعلى لمراقبة ميزانية الأوقاف العامة للعاهل المغربي، شددت الرسالة الملكية على ضرورة أن يعتمد فيه المجلس، "من الآن فصاعدا، قاعدة التعارض، بتضمينه جزءا مخصصا لأجوبة الوزير المكلف الأوقاف”.

وفي ختام الرسالة الملكية، دعا العاهل المغربي كلا من وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف للعمل سويا، كشركاء نموذجيين، في جو يطبعه التعاون التام، من أجل تأهيل الأوقاف العامة، وإنجاح عملية الإصلاح والتحديث التي تعرفها هذه المؤسسة العريقة. كما أكد على ضرورة احترام التوجيهات الواردة في رسالته، داعيا إلى تفعيلها الفوري، وإطلاعه مستقبلا على نتائج التقارير السنوية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن التعديلات الضرورية التي ستعرفها الآلية القانونية ذات الصلة ستصدر عما قريب.