واشنطن: تدور معارك عنيفة في مطار أبو الضهور في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا بين هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من جهة وقوات النظام التي تحاول السيطرة على هذه القاعدة العسكرية الاستراتيجية من جهة أخرى.

وشنّ الجيش السوري قبل أكثر من أسبوعين بغطاء جوي روسي هجوماً عنيفاً هدفه السيطرة على ريف إدلب الجنوبي الشرقي واستعادة مطار ابو الضهور العسكري لتأمين طريق استراتيجي الى الشرق منه يربط مدينة حلب، ثاني أكبر المدن سوريا، بدمشق. وتمكنت مساء الاربعاء من دخول المطار الذي سيكون أول قاعدة عسكرية تستعيدها في إدلب في حال نجاحها في السيطرة عليه.

لكن قوات النظام لم تتمكن من التقدم داخل المطار خلال الساعات الماضية نتيجة "المقاومة الشرسة" للفصائل المتواجدة داخله، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام والحزب الاسلامي التركستاني. وكانت دخلته إثر معارك عنيفة مساء الأربعاء من الجهة الجنوبية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "شنت هيئة تحرير الشام والحزب الاسلامي التركستاني ليل الاربعاء هجوماً مضاداً على قوات النظام المتواجدة جنوب المطار" أسفر عن "مقتل 35 عنصراً من قوات النظام".

وصباح الخميس، شنت فصائل عدة بينها هيئة تحرير الشام والحزب الاسلامي التركستاني وحركة أحرار الشام هجوماً آخر على الخطوط الخلفية لقوات النظام على بعد عشرات الكيلومترات جنوب المطار.

واستهدفت الفصائل مناطق تقدمت فيها قوات النظام في بداية هجومها عند الحدود الادارية بين إدلب وحماة (وسط)، وفق عبد الرحمن الذي أوضح ان الهدف "هو تخفيف الضغط عن جبهة مطار أبو الضهور وقطع أوصال قوات النظام وفصل القوات المتقدمة عن الخطوط الخلفية".

وتمكنت الفصائل من التقدم في المنطقة باستعادتها السيطرة على عدد من القرى عند الحدود الادارية بين المحافظتين. وقتل في المعارك "16 عنصراً على الأقل بينهم قياديان" من عناصرها، وفق المرصد.

وتتواصل المعارك العنيفة على هذه الجبهة وفي القسم الجنوبي للمطار يرافقها قصف جوي عنيف للطائرات الحربية السورية والروسية.

وسيطرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة في حينها) وفصائل إسلامية في أيلول/سبتمبر العام 2015 على مطار أبو الضهور العسكري بعد حصاره لنحو عامين. 

وكان يُشكل وقتها آخر مركز عسكري لقوات النظام في محافظة إدلب. ومنذ سيطرة الفصائل عليه، بات وجود قوات النظام في المحافظة يقتصر على مقاتلين موالين لها في بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين حتى الآن.

وتسيطر هيئة تحرير الشام حالياً على الجزء الأكبر من محافظة ادلب، فيما يقتصر وجود الفصائل المقاتلة على مناطق أخرى محدودة.

نازحون "بلا ملجأ"

ومنذ بدء هجومها في المحافظة في 25 كانون الأول/ديسمبر، سيطرت قوات النظام على عشرات القرى والبلدات في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

ووثقت الأمم المتحدة في تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الانسانية الاربعاء نزوح نحو مئة ألف شخص في الفترة الممتدة بين الاول من كانون الأول/ديسمبر حتى التاسع من الشهر الحالي. 

ووصفت الأمم المتحدة الوضع في ادلب بانه "شديد الفوضى"، وحذرت من "الوتيرة المقلقة" للمعارك ومن "استمرار القصف العنيف على مناطق عدة في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي بلا هوادة، ما يؤدي الى خسائر ونزوح في صفوف المدنيين ودمار البنى التحتية الحيوية".

وأحصى المرصد السوري مقتل 96 مدنياً على الأقل بينهم 27 طفلاً جراء الغارات منذ بدء الهجوم في 25 كانون الاول/ديسمبر.

وبحسب الأمم المتحدة، يجد كثير من النازحين أنفسهم "بلا ملجأ"، لا سيما أن "امكانية الإيواء في محافظة ادلب منخفضة وايجاد مكان لاستئجاره صعب للغاية".

وتؤوي محافظة ادلب وفق الأمم المتحدة، 2,5 مليون نسمة بينهم 1,1 مليون نازح.

استياء تركي

وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق خفض التوتر التي تم التوصل الى اتفاق بشأنها في أيار/مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في ادلب في أيلول/سبتمبر الماضي.

وحضت تركيا الاربعاء ايران وروسيا على التدخل لوقف الهجوم، ما يدل على توتر متزايد بين الدول الثلاث قبل مؤتمر حوار جديد بين الحكومة والمعارضة دعت اليه موسكو بموافقة أنقرة وطهران، من المقرر أن يُعقد في سوتشي في روسيا نهاية الشهر الحالي.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو لوكالة الأناضول الرسمية "اذا كنتم دولا ضامنة، والحال كذلك، فعليكم وقف النظام. الامر هناك لا يتعلق بمجرد هجوم جوي، النظام لديه نوايا أخرى وهو يتقدم في ادلب".

ووصل الامر باستدعاء السلطات التركية مساء الثلاثاء سفيري روسيا وايران الى أنقرة للإحتجاج على هجوم إدلب.

واتهمت تركيا قوات النظام باستهداف فصائل وصفتها بـ"المعتدلة" في ادلب بحجة العملية العسكرية ضد الجهاديين، كما اعتبرت أن الهجوم في ادلب "يقوض" محادثات السلام.

وتتواجد قوات تركية في ريف ادلب الشمالي تطبيقاً لاتفاق خفض التوتر الذي ينص على نشر قوات من الدول الراعية للاتفاق في المناطق المعنية لمراقبة تنفيذه ومنع حصول انتهاكات.