«إيلاف» من نيويورك: بات واضحا ان نهج الإدارة الأميركية الحالية حيال ايران تغير شكل جذري عن النهج الذي كان متبعا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذي عمل جاهدا لتنفيذ الاتفاق النووي مع طهران.

ومنذ أيام الحملة الانتخابية، لم يوفر الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب مناسبة إلّا وتطرق خلالها إلى الاتفاق النووي مع ايران واصفا إياه بالاتفاق الكارثي الذي عملت إدارة أوباما على توقيعه ومهدت الطريق امام النظام في طهران للحصول على مليارات الدولارات دون ان يقدم أي شيء يُذكر بالمقابل.

تغيّر النهج ولكن

وجاءت الاحتجاجات التي اندلعت في ايران قبل نهاية العام الفائت بأسبوع لتؤكد تغيرّ النهج الأميركي، فبينما فضل أوباما النأي بالنفس عام 2009 عن الثورة الخضراء، اعلن ترمب وأركان اداراته تضامنهم الكامل مع المحتجين الإيرانيين، محذرين السلطات من قمع التظاهرات التي عمت البلاد.

ولكن الرسائل الشديدة اللهجة التي بعثت بها الإدارة الأميركية الى السلطات الايرانية ان كان عبر حساب ترمب على تويتر، او في المؤتمرات الصحفية لمندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، وبيانات وزارة الخارجية، لم تتحول الى أفعال تتلاقى مع حراك المتظاهرين الذي تمدد في مختلف مدن البلاد.

الإدارة لا تمتلك الخطط

وجاء قرار دونالد ترمب امس الجمعة بتمديد "تعليق العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران في اطار الاتفاق النووي، للمرة الاخيرة" ليؤكد ان الإدارة الحالية لم تضع بعد خطط الانسحاب من الاتفاق النووي، ومواجهة ايران، والاتفاق مع الدول الأوروبية على النقاط الأساسية حيال هذا الملف.

مفاجأة الإحتجاجات

وما ينسحب على الاتفاق النووي، ينطبق أيضا على حركة الاحتجاجات التي كانت بمثابة مفاجأة سارة لم تتوقعها الإدارة الأميركية، فلا الخطط كانت جاهزة ولا الاستراتيجيات الواجب اتباعها، وذلك لعدة أسباب، ابرزها الصدامات السياسية المندلعة في الولايات المتحدة منذ حفل التنصيب، والصراع الذي كان قائما بين مسؤولي ترمب وصراعاتهم، فكبير المساعدين الاستراتيجيين سابقا، ستيفن بانون انشغل في خوض الحروب الداخلية ضد جاريد كوشنر وآخرين في المؤسسة الجمهورية، والاكتفاء برفع الشعارت المحذرة من تمدد الصين، بدلا من وضع استراتيجيات واضحة للإدارة حيال الملفات الحساسة.

كيفية المواجهة

وكان لافتا ما كتبه، مستشار ترمب خلال الانتخابات، د.وليد فارس في صحيفة واشنطن تايمز، أمس الجمعة، حول كيفية مواجهة واشنطن للسلطات الإيرانية من جهة ودعم المحتجين من جهة ثانية، حيث تحدث عن ضرورة تشكيل تحالف يضم الولايات المتحدة وبلدان عربية وأوروبية وافريقية وحتى لاتينية للضغط على ايران، ونقل صورة ما يجري الى المجتمعات المحلية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية.

ورأى فارس، "أن خطاب الإدارة الأميركية يجب ان يكون موحداً، فالتنسيق يجب ان يتم بشكل وثيق بين البيت الأبيض والكونغرس"، مطالبا،"الإدارة بتعيين مندوبين للشؤون الايرانية طالما استمرت الأزمة ، وذلك للحفاظ على التماسك بين جميع كيانات الحكومة الأمريكية، والتواصل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، فضلاً عن المعارضة الإيرانية."

دعم استراتيجي غير عسكري

واعتبر "ان على الولايات المتحدة والتحالف الدولي تقديم دعم استراتيجي غير عسكري للإيرانيين، بما فى ذلك وسائل الاتصال الفعالة، وضمان حصولهم على الانترنت وقدرات البث "، مضيفا "من الضرورى التنسيق مع الشركاء فى المنطقة للبث فى إيران، باللغة الفارسية وغيرها من اللغات، والعمل مع المنظمات الإنسانية، لمساعدة ضحايا العنف".

وتابع، "ينبغى على الولايات المتحدة تقديم المساعدة للمجتمعات المدنية فى المنطقة، خاصة فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، والتى تستهدفها ميليشيات النظام الإيرانى، حتى يمكنها أيضاً الضغط على طهران لوقف تدخلاتها فى المنطقة، ومواصلة حظر شحن الصواريخ الإيرانية إلى الدول فى الخارج، بما فى ذلك فى الشرق الأوسط، بدءاً من اليمن"، كما طالب فارس، المعارضة الإيرانية خصوصا تلك المتواجدة في المنفى بمساعدة الولايات المتحدة والعالم من خلال توحيد نفسها أولاً، والتوقف عن المنافسة غير المنتجة، والتفكير فى الوضع الراهن والتضامن، لا في من سيتسلم الحكم، ودعم الفاعلين الحقيقيين على الأرض داخل إيران، أى المتظاهرين من أجل الديمقراطية، وبمجرد أن يتم تحقيق التغيير فإنه سيتم السماح بالمنافسة الحرة والعادلة للجميع لتشكيل الحكومات فى المستقبل."