أسامة مهدي: كشف القضاء العراقي الثلاثاء، عن اعترافات مهندس سويسري من اصل تركي روى خلالها قصة التحاقه بتنظيم داعش عبر فايسبوك، ورحلته من مدينة كانتون السويسرية عبر تركيا الى سوريا ثم العراق، حيث اعتقل في مدينة تلعفر الشمالية لدى تحريرها من سيطرة التنظيم واندساسه بين النازحين الهاربين منها.

ويشير تقرير السلطة القضائية الى انه من الصعوبة بمكان أن ينتهي مطاف مهندس تركي الجنسية مقيم في سويسرا إلى الإرهاب، لكن "سرجان علي" كان مصيره مختلفاً إذ سرعان ما ترك كل شيء وسافر إلى تركيا ثم الى سوريا ليتلقى التدريب في مدينة الطبقة في معسكر خاص بتنظيم داعش، وانتقل بعدها الى مدينة تلعفر العراقية وتزوج فيها، حيث كلف بأكثر من عمل، أبرزها صناعة العبوات وتجهيزها.

وسرجان علي والمكنى بـ(عبيدة) يقف الآن أمام المحكمة المركزية المتخصصة بنظر قضايا الارهاب في بغداد، حيث يروي تفاصيل انخراطه في "داعش" وطريقة تجنيده وتلقيه التدريبات ورحلته من سويسرا حتى مدينة تلعفر، والقبض عليه متنكراً بين النازحين، بحسب تقرير لمجلس القضاء العراقي الاعلى وزعه اليوم، وتابعته "إيلاف".

يقول الشاب سرجان (23 عامًا) إن والديه "اضطرا للسفر من تركيا إلى سويسرا للعمل هناك كون أبي طبيباً متخصصاً بجراحة القلب، وهناك ولدت في مدينة (كانتون) السويسرية وحصلنا على الإقامة الدائمة، ثم درست الهندسة وعملت في شركة فرنسية للمواد الكهربائية في سويسرا".

طريق الإرهاب

يضيف "عبيدة" انه "في العام 2010 كانت لديّ توجهات دينية وبدأت بمتابعة البرامج الدينية التي تظهر على التلفاز، حتى قمت بالذهاب إلى جامع في مدينة اربون السويسرية عام 2013 لغرض أداء الصلاة فالتقيت بصديق سابق".

ويتابع أن "صديقي اخبرني بأنه يرتاد مسجداً آخر في منطقة روشاخ ويلتقي فيه المسلمين من الاتراك والصوماليين والألمان ومن دول أخرى"، يشير سرجان إلى أنه التقى هناك شخصا صوماليا يدعى (عبد الفتاح) "كان يحدثنا عن الجهاد في سبيل الله وعن الفتوحات التي يحققها الأخوة "المجاهدون" في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وانهم بحاجة الى الدعم والمساندة".

قام سرجان علي بالتردد على هذا المسجد، ويؤكد أنهم كانوا باستمرار يتحدثون عن موضوع الجهاد ودعم المجاهدين "حتى أصبحت لديّ رغبة في الالتحاق بالمقاتلين في العراق وسوريا"، يقول عبيدة.

تجنيد عبر فايسبوك

يكمل عبيدة "أصبحت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي حتى تعرفت على الداعية الألماني (بيرفوكر) خلال العام 2015 ثم دعاني للسفر إلى ألمانيا لغرض اللقاء به ثم سافرت الى هناك برفقة 8 أشخاص ممن لديهم رغبة بالالتحاق في صفوف التنظيم حتى التقينا بالداعية في مدينة (مانهايم) الألمانية ودعانا للعمل الجهادي، بعدها أصبحت لنا زيارات متكررة إلى ألمانيا للقاء به".

ويسترسل عبيدة "بعدها تعرفت على شخص يدعى ايكمين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدثنا عن أمور الجهاد ومساندة المقاتلين وأصبح يبعث لي مقاطع للمعارك و"الفتوحات" وأخبار تنظيم الدولة الإسلامية".

من سويسرا إلى تلعفر

وزاد "سألني (ايكمن) عن رغبتي بالانضمام للمقاتلين في العراق وسوريا فوافقت، وطلب مني السفر من سويسرا الى تركيا فسافرت وتوجهت إلى مدينة (افجلر) التركية والتقيت به هناك، واصطحبني الى احد المساجد حتى بقيت مدة أسبوع، وطلب مني أن لا اخرج وان لا أتحدث لأحد وبعدها اصطحبني الى مدينة اسطنبول حتى التقيت بعائلة تركية تتكون من نساء ورجال، يرغبون بالهجرة إلى سوريا لغرض الجهاد".

ويضيف "بعدها اتجهنا إلى محافظة (كلكس) التركية والتقينا أحد المهربين حيث قام بإيصالنا الى الحدود السورية حتى تجاوزناها مشياً على الاقدام وبعدها وصلت ثلاث عجلات تابعة لتنظيم داعش ونقلتنا الى مضافة خاصة بالمهاجرين في مدينة الرقة السورية، وبعدها نقلنا الى معسكر في مدينة الطبقة السورية وبعد فترة تم نقلنا بواسطة عجلات الى مدينة تلعفر العراقية".

تدريب عسكري ودورة شرعية

وافاد عبيدة قائلاً "عند وصولنا الى معسكر الطبقة السوري قرب مطار الطبقة، استقبلنا مسؤول المعسكر، والمكنى بـ(ابي عبد الرحمن) داغستاني الجنسية وتم ادخالي في دورة تدريبية على الاسلحة، وبعدها تم زجي في دورة شرعية تضمنت نشر فكر تنظيم الدولة الإسلامية والجهاد وكان (ابو عمر الروسي) هو مسؤول الدورات الشرعية".

ويستطرد "عند وصولنا الى مدينة تلعفر العراقية التقينا مسؤول كتيبة المهاجرين الاتراك والمكنى بـ(ابو طلحة) وتلقينا التدريب على يده على مختلف انواع الاسلحة (كلاشنكوف ، والبي كي سي ، وار بي جي 7 و قاذفة الصواريخ ورمانات يدوية)".

مهمات في التنظيم

ويبين الارهابي سرجان علي المكنى بـ(عبيدة ) المفاصل التي عمل بها في التنظيم، حيث يروي "بعد اجتيازي الدورات التدريبية على القتال والشرعية تم إبلاغنا بأنه سوف يتم تكليفنا بقتال القوات العراقية وتم نقلي بمضافة خاصة بالاذربيجانيين حتى التقيت الأمير العام في تلعفر ويدعى ( طلال ) وسألني عن تخصصي وأخبرته اني اعمل في مجال الكهرباء".

وأوضح الإرهابي: "تم تكليفي بعمل دوائر الكترونية للعبوات الناسفة في معمل لتصنيع وتجهيز العبوات، وعملت هناك لمدة 9 اشهر وبعدها تم نقلي الى ديوان الزكاة في تنظيم الدولة، وكان عملي يقتصر على توزيع الاموال على عائلات المجاهدين والطعام".

وأضاف "بعدها تم تكليفي بواجبات عدة منها المرابطة وعمل دوريات والانتشار في مدينة تلعفر وشاركت بالتصدي للهجمات التي كانت تقوم بها القوات العسكرية العراقية".

الزواج والاعتقال

يذكر عبيده "تزوجت من امرأة عراقية من أهالي تلعفر عن طريق احد المجاهدين من الجنسية البنغلاديشية وذهبنا لمنزلها لخطبتها برفقة امرأة من مكتب الزواج الخاص بالتنظيم وعدد من عناصره، وقد وافق والدها".

وزاد قائلا "بعد أن قامت القوات العراقية بتنفيذ عمليات عسكرية ومحاصرة تلعفر، جرت اشتباكات عنيفة وقد قتل وجرح العديد من عناصر التنظيم وانسحب الآخرون، فقد قمت بأخذ عائلتي وحاولت الخروج من تلعفر وحضر معنا المتهم (ايدن) وهو أيضاً تركي الجنسية ومتزوج من شقيقة زوجتي، وأيضاً يعمل ضمن التنظيم".

واشار عبيدة في الاخير قائلا "قد اتفقنا على أخذ عائلاتنا وأطفالنا ونتنكر مع النازحين ونوهم السيطرات بأننا عائلات نازحة للعبور إلى سوريا التي مازالت تحت سيطرة تنظيم داعش والالتحاق في صفوفه من جديد، وذهبنا باتجاه إحدى السيطرات وأخبرناهم بأننا نازحون إلا أن تلك القوة قامت بإلقاء القبض علينا".

وكانت القوات العراقية قد اعلنت في 27 أغسطس 2017 عن تحرير كامل مدينة تلعفر الوقعة على بعد 65 كيلومترًا غرب مدينة الموصل الشمالية من تنظيم داعش، وذلك بعد أسبوع من المعارك. وقد تم اعتقال عدد من عناصر التنظيم قاموا بحلق لحاهم والخروج مع المدنيين على أنهم نازحون لوجود معلومات مسبقة عنهم.