ينظر العالم إلى الزيارة المرتقبة لإيمانويل ماكرون إلى إيران، خصوصًا أنها بمنزلة هدية يقدمها الرئيس الفرنسي إلى نظام ملالي طهران بعد الاحتجاجات الأخيرة.

خاص بإيلاف من باريس: يربط فرانسوا نيكولو، السفير الفرنسي السابق في إيران، زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى طهران بتنازلات إيرانية يطالب بها الجانب الفرنسي، منها سعي إيران إلى خفض التوتر في الشرق الأوسط، وإحداث انفراجات في أزمات عدة تؤدي فيها إيران دورًا، في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، يمكن أن ترضي فرنسا ودول الخليج العربي. 

في الوقت الملائم
في هذا الإطار، يتوجه جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسية، إلى طهران في 5 مارس المقبل تحضيرًا لزيارة الرئيس الفرنسي في الأشهر المقبلة قبل الصيف، ليصبح بذلك أول رئيس دولة أوروبية تطأ قدماه طهران منذ ثورة 1979 الإسلامية. وقال ماكرون سابقًا إن زيارته إلى إيران سيقوم بها في الوقت الملائم.

منذ وصوله إلى سدة الرئاسة، قاطع ماكرون سياسات أسلافه، ومنها العلاقة مع إيران، إذ يحبذ التمركز في الوسط بدلًا من التطرف في المواقف والخوض في المفاوضات قبل فرض العقوبات، خلافًا لما شهده عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الذي عرف بمواقفه المتشددة في المفاوضات حول برنامج إيران النووي مع وزير خارجيته لوران فابيوس. 

تخفيف التوتر
يقول نيكولو لـ "إيلاف" إن زيارة الرئيس الفرنسي إلى ايران تهدف إلى الحصول على تعهد إيراني بخفض التوتر في الشرق الأوسط، حيث تلعب إيران دورًا في حرب اليمن وفي أزمات لبنان وسوريا والعراق، "ولن يطالب الجانب الفرنسي إيران بالعمل على إحلال السلام، بل تخفيف التوتر والعمل على خلق مناخ يمكن أن يؤدي إلى مفاوضات سلام وتعزيز تعاون بين دول المنطقة والعمل على حلحلة الأزمات، وهنا أستعيد عبارة قالها الجنرال شارل ديغول في رده على كيفية التعامل مع الإتحاد السوفياتي سابقًا، إذ قال: 'يجب العمل على تأسيس الانفراج ثم إحلال التوافق وصولًا إلى إرساء التعاون'، وهذا يختصر أهداف زيارة الرئيس الفرنسي إلى إيران". 

تنازلات إيرانية
يخرق الرئيس الفرنسي بزيارته إيران، إن جرت، الحظر الدولي المفروض على إيران ليكون أول رئيس أوروبي يزور طهران منذ ثورة الخميني.

يقول نيكولو: "ينتظر أن تقدم تنازلات في المقابل ترضي فرنسا ودول الخليح العربي، وفي هذا السياق يقوم وزير الخارجية الفرنسية بزيارة إلى إيران ليناقش التنازلات التي ستقدمها مقابل الزيارة التي يمكن أن يقوم بها ماكرون". 

يضيف لـ "إيلاف": "تسعى فرنسا، مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إلى التحكم ببرنامج إيران النووي الذي تعتبره مصدر قلق وتهديد لدول المنطقة، وإيران ليست مستعدة في الوقت الحاضر للقبول بتقديم خطوات أحادية مثل وضع برنامجها للصواريخ الباليستية تحت الرقابة الدولية".

هدية للنظام
دأبت فرنسا على أداء دور صانع السلام في الأزمات الذي ربما يصطدم بسياسة خارجية - إيرانية يحددها المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، لا الرئيس الإيراني حسن روحاني. 

في هذا الإطار، يقول نيكولو: "إنه موضوع شائك، وهنا أعيد التأكيد أن هذه الزيارة ليست مؤكدة، والمعلومات التي أملكها تفيد بأن إيران تسعى إلى تشكيل مجموعة عمل أمنية في المنطقة، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، ومن حيث المبدأ تدعم فرنسا هذا المقترح، وترى أنه ربما يكون مقدمة لدول منطقة الشرق الأوسط لحفظ أمنها من دون الاعتماد على الدول الغربية، لكن تبقى فرضية دون تطبيقها الكثير من الصعوبات".

لكن، هل يمكن أن تُظهر هذه الزيارة فرنسا داعمة للنظام الإيراني بعد التظاهرات الأخيرة؟. يرى نيكولو أن هذه حقيقة، "فزيارة الرئيس الفرنسي ستكون هدية لنظام الخميني، واعترافًا بالنظام القائم في طهران". 

رؤية تشاؤمية
يُعطي نيكولو "إيلاف" رؤية تشاؤمية، فهو لا يرى أن فرنسا تملك القوة للعب دور الوسيط بين إيران والسعودية، "وماكرون يسعى إلى ترسيخ قطيعة في سياسة فرنسا الخارجية مع أسلافه في قصر الأليزيه، وزيارته إيران ستكون بداية ذلك، فهو يريد القيام بخطوات لم يقم بها أحد، ويعتبر إيران بلدًا مهمًا إيجابًا وسلبًا، وهذا ما تقر به حتى السعودية، ومن هنا يسعى الجميع إلى أن يحدد لإيران دورًا، فلدورها انعكاسات على دول المنطقة كلها".

يؤكد نيكولو أن على ماكرون أن يعود بنتائج ملموسة من زيارته إلى إيران تخلق شعورًا أن التوتر انخفض في المنطقة، وإلا لا يمكن اعتبار الزيارة ناجحة.