إيلاف من نيويورك: طوال الفترة الماضية، كان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يتلقى اشادات كبيرة من نظيره الأميركي دونالد ترمب الذي لم يخف اعجابه بأسلوب قيادة الرئيس شي للدولة الأكبر في العالم من حيث السكان.

وأصبحت كل خطوة لبينغ في الصين يُسمع صداها في البيت الأبيض ويخرج ترمب ليطلق المديح والثناء بحقه، حتى وصل الامر الى حد ترحيبه بإعلان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم إلغاء حد الفترتين على مدة الرئاسة ممهدا الطريق أمام الرئيس الحالي للحكم إلى أجل غير مسمى، وذهب ابعد من ذلك عندما قال في معرض تعليقه على هذه الخطوة، " أعتقد أن هذا شيء عظيم. ربما يتعين علينا أن نجرب ذلك يوما ما".

أكبر تهديد لواشنطن

لكن "الرجل المهذب العظيم"، و"أقوى رئيس (صيني) منذ مئات السنين"، والممثل القوي لشعبه"، لم يشفع لبكين من انتقادات مسؤولي إدارة ترمب الذين اعلنوا صراحة ان الصين أصبحت تشكل اكبر تهديد للولايات المتحدة الأميركية.

وبلا أدنى شك فإن إنقلاب الموقف الأميركي حيال الصين لم يأت من فراغ، فترمب أراد من وراء الغزل بالرئيس بينغ تحقيق هدفين، أولهما يتعلق بالتجارة بين البلدين لتجنب حرب تجارية تبدأ عبر زيادة التعريفات الجمركية، والثاني يرتبط بكوريا الشمالية وسلاحها النووي وصواريخها الباليستية.

ساعدت بداية

ساعدت الصين ترمب في ملف كوريا الشمالية، حيث التقى الرئيس الاميركي بالزعيم كيم جونغ اون في سنغافورة، وبالتزامن مع تقدم المفاوضات مع بيونغ يانغ، لم تنجح بكين وواشنطن في تحقيق أي تقدم في الملف التجاري بل اتخذت الأمور منحى اكثر سوءا، وصولا الى فرض ضرائب متبادلة على واردات البلدين، مما قد يؤدي في نهاية المطاف الى تقويض علاقة الحب التي جمعت ترمب بكيم بعد رسائل الأخير الجميلة حسب قول الأول، وإعادة الأمور الى نقطة الصفر.

تحذيرات أميركية

التوتر المتصاعد دفع بمسؤولين اميركيين الى التحذير من التصرفات الصينية الهادفة الى التدخل في شؤون الولايات المتحدة، وكان لافتا ان هذه التحذيرات لم تصدر عن سياسيي واشنطن فقط بل عن قادة في الاستخبارات ايضا.

الصين عوضا عن روسيا

وحلت بكين محل موسكو، فأصبحت الخطر الأكبر الذي يتهدد الولايات المتحدة، واتهم مايك بينس نائب الرئيس الأميركي الصين بالتدخل في الانتخابات الاميركية بهدف ايذاء الرئيس ترمب والحزب الجمهوري، حيث قال، "إن الصين تقوم بجهد غير مسبوق للتأثير على الرأي العام الأميركي، والتدخل في انتخابات 2018، وأيضا 2020".

&استهداف ممنهج

وأشار "إلى أن تدخل الصين في الانتخابات هو رد على قرار ترمب بفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية"، مؤكدا، "انها تحاول استهداف ولايات ستلعب دورًا مهمًا في انتخابات عام 2018، حيث ان التقديرات تقول ان اكثر من 80 في المائة من المقاطعات الأميركية التي استهدفتها الصين صوتت لصالح الرئيس ترمب في عام 2016؛ والآن تعمل على تحويل هؤلاء الناخبين ضد إدارتنا"، مستشهدا، بإعلان عن فوائد التجارة بين الولايات المتحدة والصين نُشر في صحيفة "ديز مينوا ريجستر" إحدى اشهر وسائل الاعلام في ولاية ايوا.

ردة فعل الصين على تصريحات بينس لم تتأخر، حيث اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون يينغ، "أن تصريحات نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، حول تدخل الصين في الانتخابات الأميركية مليئة بافتراءات لا أساس لها. وتعرب بكين عن احتجاجها الشديد".

وقالت الدبلوماسية الصينية،"إن خطاب بنس ذا&الصلة، مليء بنقد لا أساس له للسياسة الخارجية والداخلية الصينية، والتصريحات حول تدخل الصين في الانتخابات الأميركية هي افتراء، وهي ملفقة ومضللة تماما، الصين تعرب عن احتجاجها بشدة ضد ذلك".

أول رئيس يتحدى بكين

الرئيس ترمب كان قد قال في كلمة&ألقاها مؤخرا في الامم المتحدة، "انه للأسف وجدنا أن الصين تحاول التدخل في انتخابات 2018 المقبلة التي ستجري في نوفمبر ضد حكومتي"” كما رأى أنهم (الصينيون) "لا يريدون مني أو نحن أن نفوز؛ لأنني أول رئيس يتحدى الصين على التجارة"، مضيفا: "نحن نفوز في التجارة. نحن نفوز على كل المستويات. نحن لا نريدهم أن يتدخلوا&في انتخاباتنا المقبلة".

وقبل اسبوع من الآن، إتهم مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، "بكين باستهداف الحكومة الفدرالية، والحكومات المحلية ومحاولة استغلال أي انقسامات بين الادارات الفيدرالية والمحلية حول السياسة والاستثمارات وغيرها من الحوافز وذلك من اجل توسيع نفوذها".

نهاية الصراع؟

هل سينتهي التوتر قريبا، ويعود ترمب الى لغة الغزل؟، حتى الآن لا مؤشرات تدل على إمكانية وقف التصعيد، فالتوتر القائم مرتبط بالملف التجاري بين البلدين، وحل هذه الإشكالية يتطلب التوقيع على اتفاقية تأخذ في&الاعتبار مطالب ترمب وهواجس ادارته وتكون مشابهة لـ USMCA (اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا) التي تغلب بها الرئيس الأميركي على اتفاقية نافتا.

&

&