الرباط: خلف انتحار شاب في الخامسة والعشرين من عمره عن طريق تجرعه السم، صدمة قوية في أوساط نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة وأنه أعلن عن اقتراب رحيله، مساء أمس (الأحد)، بعد تجرعه مادة سامة، من خلال تدوينة على حائطه « الفيسبوكي » أكد فيها انتحاره قائلا « نلتقي في البياض »، ، حيث تم نقله لإحدى المستشفيات بمدينة مكناس (وسط البلاد)، إلا أنه فارق الحياة، فجر اليوم.

«أعلن أنا صاحب هذا الحساب، الآن أنني في آخر لحظاتي في هذا العالم, وأنني تناولت كأساً من مادة السم، وبضع جرعات من مواد أخرى ستأخذ مفعولها في جسدي بعد ساعتين من الآن … كان بودّي أن أحيا حياة جميلة ، لكن للأسف هذه الحياة ظلّت تعاكسني ...و‏أنا تعبتُ من المكوث في المكان الخطأ. من التعايش مع الأشياء المتاحة، لا المرغوبة... فقررت أن أضع حدّا لحياة لا تأتي على سجيّتي ... لتكون نهايتي سرديّة لبدايتي... و عليه فأنني أقول لكم وداعاً. كان سيكون هذا العالم مكانا جيداً لولا الحروب… نلتقي في البياض . أحب الجميع».

كانت هذه التدوينة التي تركها الشاب « ش,خ» المتحدر من مدينة الراشيدية (بالقرب من مكناس)، على حائطه الفيسبوكي بمثابة زلزال في وسط أصدقائه سواء منهم الحقيقيين، أو المفترضين (في الفضاء الأزرق)، و آخر ما كتبه هذا الشاب المجاز بجامعة القرويين بكلية الشريعة و القانون بمدينة فاس (وسط المغرب )، ليتملكه اليأس بعد أن تعب من إيجاد حل لعطالته، و يضع حدا لحياته، وهو ما خلف صدمة قوية في أوساط نشطاء العالم الإفتراضي، الذين ما زالت تدويناتهم تنهال على حائطه، بعد رحيله فجر اليوم بإحدى مستشفيات العاصمة الإسماعيلية مكناس (قرب فاس).

وكتب أحد أصدقائه ينعي الراحل قائلا « عرفت هذا الشاب خلال مرحلة الإجازة بجامعة القرويين كلية الشريعة والقانون بفاس. عرفته طالبا مجدا ومجتهدا ومحبا للحياة، عاشقا للنص الأدبي، إذ كان من ضمن الأصدقاء الذين كنا نجلس جلسة اسبوعية في المقهى.. كان يكلمني كثيرا، وقد وجدت فيه انسانا حساسا بصدق.. سأقول صادقا:

لقد كان عاشقا للحياة، ولكنه كان يعيش الحزن كثيرا.. فكثيرا ما قرأت وأصدقائي هذه الاحزان على تضاريس وجهه.. لم أكن أتصور يوما أن يودعنا هذا الشاب بعد أن تجرع كأس سم لا يرحم.. وأعلن على حسابه الخاص على أنه قد شرب السم، وسيودع الحياة بعد ساعتين.. نقلوه البارحة الى المشفى، ولكنه رحل عنا مع فجر هذا اليوم الكئيب. لماذا شربت السم !؟ لماذا رحلت !؟ لماذا لم تترك لي رسالة على الخاص تحدثني عن آلامك وأوجاعك!؟ لماذا لم تنتصر على الموت!؟ لماذا لم تستمر عاشقا للحياة!؟ آه على جبال فاس ومكناس وهي تغني لك أغنية الحزن الأخيرة ! هل ودعتنا بهذه البساطة! هل عرفت أن السم سيجعلنا جميعا نتألم !؟ مهما كانت سهام الحياة جارحة وقاتلة، فكن صلبا خشنا جلدا قويا.. لكنك لم تكن، فكنت تحت التراب، وكنا فوق التراب نبكي نهايتك و ذكريات لا تموت.. لرحيلك أهديك بيت شعر يتيم كذرياتك رحمك الله صحبي : على عجل قد تجرعت سما ذكرناك حزنا وهما وغما

في البداية ظن أصدقاؤه أن الشاب يمزح، فطلب منه بعضهم أن يتريث و ألا يضع اليأس يتملكه، لكن الخبر جاء مؤكدا ليقطع الشك باليقين، ف »ش,خ » رحل عن الحياة تاركا غصة و مرارة في حلق كل من عرفه أو جالسه.

وكتب أحد أصدقائه ينعيه « هل الأقوياء مثلك يضعفون ؟ هل الأبطال مثلك ينهزمون ؟ لست أراك الا عاشقا للحياة محبا لها.. عرفتك طالبا مجدا، وانسانا حساسا.. أرجو أن أراك في عالم الحياة الجميل مثلك.. لا اريد أن أراك تحت الأرض وأنت في عز شبابك ، بل أريد ان أراك فوق الأرض، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة…».

كثيرون صدموا لوفاة هذا الشاب الذي رحل، فجر اليوم، عن سن لا يتجاوز الخامسة و العشرين بعد أن يئس من إيجاد فرصة عمل، رغم حصوله على الإجازة من جامعة القرويين بفاس بكلية الشريعة و القانون.

تعددت الأسباب والموت واحد، لكن ليس بهذه الطريقة. هكذا نعى أحدهم الراحل، مؤكدا أن اليأس الذي تمكن من نفوس الكثيرين من الشباب العاطل عن العمل ليس مبررا لإعدام كل فرص الحياة، وداعيا اليائسين إلى التشبث بالأمل و التفاؤل، فالآتي سيكون حتما أفضل و أجمل.