في محاولة لكسر الحصار الذي يعاني منه المسؤولون العراقيون الكبار داخل المنطقة الخضراء المحمية في وسط بغداد منذ عام 2003 فقد خرج الرئيس العراقي برهم صالح بصحبة عقيلته السيدة الأولى سرباخ صالح بجولة في المتنبي شارع المكتبات في وسط العاصمة، وجلسا في مقهى الشابندر&التراثي، والتقيا بالمواطنين.

إيلاف: تفقد الرئيس برهم صالح برفقة عقيلته السيدة الأولى سرباغ صالح، في أول ظهور لها، اليوم الجمعة، شارع المتنبي للمكتبات، والتقى عددًا من رواده .. وخلال تجواله في الشارع ولقائه عددًا من الكتاب والمثقفين ورواد المتنبي، فقد أكد حرصه على الاهتمام بالمعالم الثقافية والحضارية في العراق، لاسيما هذا الشارع، لما يمثله من رمزية عند المثقف العراقي والعربي، كما تفقد مقهى الشابندر، وجلس فيه، علمًا أن المقهى يعتبر واحدًا من أهم المعالم التراثية في الشارع.

فيديو جولة الرئيس صالح في شارع المتنبي في وسط بغداد


&

كما شدد الرئيس صالح على أهمية توفير كل الإمكانات التي تساعد الأدباء والكتاب والفنانين على النهوض بدورهم الحيوي في صنع الثقافة وتنمية الآفاق الروحية والثقافية للشعب.&

تأتي خطوة الرئيس صالح هذه بعد أيام من مباشرة رئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي في 13 من الشهر الحالي بأعماله في مكتبه الجديد في بغداد في المنطقة الواقعة مقابل محطة القطارات العالمية المركزية بجانب الكرخ من بغداد خارج المنطقة الخضراء. وفور مباشرته عقد عبد المهدي لقاءات عدة داخل المبنى تتعلق بتشكيل الحكومة والبرنامج الحكومي.&

وكان عبد المهدي أكد في الرابع من الشهر الحالي على ضرورة فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين. وقال مصدر مقرب منه إن رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة، والذي يعيش في منطقة الكرادة القريبة من المنطقة الخضراء، يبحث إمكانية البقاء في مكان آخر غير المنطقة الخضراء المحصنة".. موضحًا أن "عبد المهدي يريد الاقتراب من الشارع العراقي وتشجيع بقية السياسيين على السكن بين الناس".

أضاف المصدر أن "الأمر ما زال يبحث، لكن يرجّح أن عبد المهدي سيكون أول رئيس حكومة عراقية بعد 2003 يغادر المنطقة الخضراء التي تقع في وسط بغداد، وهي محصنة، وتسمى أيضًا المنطقة الدولية، وتضم مقار حكومية وبعثات دبلوماسية، أبرزها السفارة الأميركية، إضافة إلى بعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

يشار إلى أن شارع المتنبي، الذي تفقده الرئيس صالح بصحبة عقيلته، يقع في وسط بغداد بالقرب من منطقة الميدان وشارع الرشيد، ويعتبر السوق الثقافية لأهالي بغداد، حيث تزدهر فيه تجارة الكتب بمختلف أنواعها، وينشط عادة في يوم الجمعة، وتوجد فيهِ مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر، كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتبًا ومخطوطات نادرة، إضافة إلى بعض المباني البغدادية القديمة، ومنها مباني المحاكم المدنية قديمًا، والمسماة حاليًا مبنى القشلة، وهي المدرسة الموفقية التي كانت في موقع مبنى القشلة الحالي (والذي كان موضع مديرية العقاري ووزارة العدل في العهد الملكي) ويقابلها المركز الثقافي المطل على نهر دجلة، حيث يحتوي على عدد كبير من القاعات لإقامة الندوات والمحاضرات الثقافية.&

تتميز باحة المركز الثقافي بتجمع الفنانين والمثقفين كل يوم جمعة، وهو مركز اللقاءات التلفزيونية ومنصات الأعلام، إضافة إلى وجود معرض دائم للرسم على الخشب والزجاج يجسد التراث البغدادي. وفي نهاية شارع المتنبي يقع مقهى الشابندر التراثي القديم الذي افتتح عام 1923، والشارع حاليًا هو سوق لبيع الكتب والمجلات القديمة والحديثة.

تعرّض شارع المتنبي كغيره من مناطق بغداد والعراق لتفجيرات عدة خلال فترة عدم الاستقرار الأمني بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وقد تعرّض يوم 5 مارس 2007 لهجوم بسيارة ملغمة، أدى إلى مقتل 30 متسوقًا، وتدمير العديد من المكتبات والمباني، حيث تم تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام 1908.

كما جرى تدمير مقهى الشابندر، الذي يعد من معالم بغداد العريقة، إضافة إلى تدمير واحتراق العديد من المكتبات والمطابع والمباني البغدادية الأثرية في الشارع.

وقد خصصت هيئة عراقية أهلية تهتم بالشأن الثقافي مبلغ مئة ألف دولار لإعادة تأهيل شارع المتنبي، وتم تشكيل لجنة مشتركة من وزارة الثقافة ووزارة البلديات ومجلس محافظة بغداد لإعادة إعمار شارع المتنبي، وتمت إعادة افتتاحه يوم 18 ديسمبر 2008، بحضور جمع من الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين.

وعلى إثر حادثة تفجير شارع المتنبي في عام 2007، تشكل تحالف عالمي من 130 فنان لإنشاء مجموعة أعمال فنية عن الشارع، حيث تعقد في كل عام في الخامس من مارس ندوات ثقافية وعروض فنية وسينمائية في العديد من مدن العالم إحياء لذكرى مأساة شارع المتنبي.


&