مراكش: دعا محمد عبد النبوي، النائب العام لدى محكمة النقض و رئيس النيابة العامة بالمغرب، القضاة المكلفين قضايا الأسرة" إلى جعل تدخلاتهم في القضايا الأسرية بوجه عام، وزواج القاصر على وجه التحديد، فرصة للقضاء على بعض التقاليد الضارة بالطفولة، و إنهاء بعض التصرفات المهينة لفلذات أكبادنا، و العمل على إعطاء السيادة للقانون و استلهام المصالح الفضلى لمعاملة الأطفال، من روح المواثيق الدولية المتعلقة بالطفولة".

وقال عبد النبوي، في كلمة ألقاها خلال افتتاح الأيام الدراسية التي تنظمها منظمة اليونسيف لفائدة القضاة، ما بين 22و 24 اكتوبر بمراكش حول « دور النيابة العامة في الحماية المدنية للطفل »، إن مجالات اشتغال قاضي النيابة العامة و الأدوار غير التقليدية التي أناطتها به مجموعة من القوانين من قبيل مدونة ( قانون) الأسرة، وقانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية، ومدونة الشغل، و أخيرا القانون المتعلق بعمال المنازل، تلزمه باستثمارها لفائدة المصالح الفضلى للأطفال، كما دعا القضاة لأن يمارسوا مهامهم كمربين ينشدون المصالح الفضلى للمتعلمين، مؤكدا أنه ينبغي عليهم تأطير عملهم القانوني بأحدث الطرق التربوية و أنجح النظريات البيداغوجية(التربوية)، قائلا « الأطفال الذين بين أيديكم هم بمثابة أكبادكم.. فحافظوا عليها.. إنها سريعة التلف ».

وطلب رئيس النيابة العامة من قضاة الأحداث أن يجعلوا تدخلاتهم في الحدود التي يسمح بها القانون، لصالح الأطفال، وتغليب مصلحتهم الفضلى على باقي المصالح و استثمار إشرافهم على خلايا التكفل بالأطفال و النساء لهذه الغايات، من خلال توظيف دورهم التنسيقي و التواصلي على المستوى المحلي و الجهوي لتعميم هذه الثقافة وجعلها أمرا واقعا و حقيقة معاشة.

و أوضح رئيس النيابة العامة في كلمته أن قاضي الأحداث يعد مربيا ومعلما، و لا يختلف دوره عن دور الأم و الأب، ينشدان من معاملتهما لأبنائهما كل ما يقوي تربيتهم و يقوم إعوجاجهم ويصلح أحوالهم، ويعملان بصبر وثبات لإبلاغهم لبر الأمان في أحسن حلة من التربية و حسن الأخلاق، وتزويدهم بأفضل سبل العلم و أحسن قواعد التربية، حتى إذا قسى الأب أو الأم على أبنائه، فإنما من أجلال الحفاظ على مصالحهم و ليس لعقابهم.

وبدوره شدد فيليب هولزابتيل رئيس القسم السياسي بمندوبية الإتحاد الأوروبي بالرباط، على أهمية حماية الطفولة في برامج الإتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن معاهدة لشبونة تنص في الشق المتعلق بحقوق الإنسان بالأساس على حقوق الطفل، دون غيرها من الحقوق، نظرا لما تكتسيه هذه القضة من أهمية بالغة.

و أكد المسؤول الأوروبي على أن ذلك ما دفع بالإتحاد الأوروبي في البرنامج الخاص بالطفولة، إلى الإستثمار بشراكة مع المغرب، و منظمة اليونسيف من خلال برنامج « حماية » من أجل حماية الطفولة.

وأشاد هولزابتيل بالأوراش الإصلاحية التي انخرط فيها المغرب، خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مجال إصلاح منظومة العدالة من خلال دخول قوانين كقانون تجريم العنف ضد النساء، وقانون العمال المنزليين حيز التطبيق، منوها بالمجهودات التي يبذلها كل المتدخلين في مجال حماية الطفولة.

وبشأن تموقع النيابة العامة كأحد أهم الفاعلين في مجال حماية الطفولة في المغرب، قالت مليكة العاطفي المسؤولة عن برامج « الحماية » بصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، إن ما يفوق 60 ألف طفل وطفلة يلجون القضاء من أجل قضايا مدنية، كالنفقة والكفالة وغيرها من القضايا التي تلامس حياة الاطفال.

و أكدت العاطفي أن مرور الأطفال بهذه المؤسسة (القضاء) و المسارات يمكن أن ينعكس سلبا أو إيجابا على حياتهم، سواء تعلق الأمر بقضايا التسجيل في الحالة المدنية أو النفقة أو الكفالة أو أي أمر يتعلق بالأسرة، حسب السلطة التقديرية للقضاة، ومدى التزامهم بالمصالح الفضلى للطفل و حقوقهم في شموليتها، ومدى تأثير كل ذلك على حقهم في النمو الأطفال وحقهم في التطور بشكل عام.

و بشأن مشروع « حماية »، أشارت المتحدثة إلى أن الإهتمام بهاته الفئة هو جوهر النتيجة الثالثة من النتائج المتوخاة من إعمال هذا مشروع الذي انخرطت فيه اليونسيف مع مجموعة من الشركاء العاملين في مجال الحماية القانونية للأطفال في المغرب، و الإتحاد الأوروبي، و الذي يهدف إلى الإستجابة للأطفال في تماس مع القانون، ويلتمس مقاربات جديدة ترتكز على حقوق الطفل وجعل المسار الذي يأخذه الطفل في دوائر القانون أكثر أمانا و أكثر حماية، سواء تعلق الأمر بالأطفال في نزاع مع القانون أو في خلايا العنف أو في قضايا الأسرة.

ونوهت العاطفي بالشراكة التي تجمع اليونسيف بالنيابة العامة، في قضايا جديدة مثل قضايا الأطفال المهاجرين وقضايا الأطفال ضحايا الإتجار بالبشر، مؤكدة أن ذلك سيتم في إطار مشروع ثان هو مشروع « هجرة وحماية »، معلنة أن هذه الأيام الدراسية سوف تشكل مناسبة للوقوف على إحدى جزئيات هذا المشروع.

ويشارك العديد من القضاة المكلفين قضايا الأسرة لدى محاكم المملكة في هذه الأيام الدراسية، التي ستتخللها ورشات وندوات حول محاور تهم حماية الطفل في قضايا الأسرة، و حماية الطفل من خلال القوانين الخاصة و مؤشرات التعرف على ضحايا الإتجار بالبشر، لا سيما الأطفال و حماية الطفل في القضايا الأسرية ذات الطابع الدولي وغيرها من المحاور التي سيؤطرها خبراء دوليون في قضايا الطفل.