بيروت: شعر الفرقاء السياسيون في لبنان بمخاطر الوضع النقدي والمالي والاقتصادي للبلاد وللدولة، فبدأوا يتحدثون عن وقف الهدر ووقف الفساد الذي ينخر الدولة، بل إن بعضهم الممثل في المجلس النيابي ذهب إلى حد تقديم بعض اقتراحات القوانين لوقف الهدر المالي والإنفاق والتوظيف العشوائي، ومنها مقترحات بدأت تطال بعض ما كان محرّمًا مثل تخفيض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء ووقف رواتب النواب السابقين او ضبطها بحيث تشمل المحتاجين فعلا منهم.

جنبلاط

ولعل تغريدات رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط حول هذا الموضوع خير معبّر عن هذه "الصحوة " السياسيّة، وآخرها ما قاله عبر حسابه الخاص على "تويتر": "إن الدين العام يتفاقم في كل لحظة وإن العلاج هو في اتخاذ اجراءات تقشف جدية في الدولة على شتى المستويات، وإلا لن يجدي مؤتمر "سيدر" أيّ شيء، وسيتقدم الحزب "الاشتراكي" ببعض الأفكار كي تكون أساس العمل للحكومة المقبلة، وكلما تأخر تشكيلها كلما زادت الأعباء التي قد تؤدي إلى الشلل التام".

الأكثر فسادًا

في هذا الصدد، يرى الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"إيلاف" أن لبنان منذ زمن من الدول الأكثر فسادًا، سياسيًا واجتماعيًا، وهذا ليس بأمر جديد، ومرتبته تتغير لكنها تبقى ثابتة.

ومشكلة الفساد أنه يزيد الصعوبة في الاستثمارات اقتصاديًا، ولا يأتي المستثمرون من أجل الرشوة، فكلها أجواء تبعد المستثمر عن لبنان.

المسؤول

أما من المسؤول الرئيس عن الفساد في لبنان؟ يجيب حبيقة المسؤول الأول هو الشعب اللبناني الذي يسمح باستمرار الأمر، ويستطيع الانتفاض على الأمر من خلال الانتخابات، لأن المواطن يعرف من هو الفاسد ويعيد انتخابه.

والمواطن يعرف من هو الفاسد والمافيوي، وهو يعيد انتخابه ربما لمصالح معينة، من هنا المواطن يشجع على الفساد.

وثانيًا الحكومة التي تعيّن أشخاصًا في المراكز الأساسية في البلد، لا يملكون الكفاءة او النزاهة او المعايير الأساسية.

وكذلك مجلس النواب هو المسؤول، وطالما اللبنانيون ينتخبون نوابًا بالمعايير المعروفة حاليًا، هؤلاء يعطون الثقة لحكومة غير مؤهلة من هنا الفساد من القاعدة أي المواطن الى المسؤولين.

ويضيف حبيقة:"مع قيام الحملات ضد الفساد، فإن الإدارات اللبنانية ليست مهيأة حتى الآن للقضاء على الفساد نهائيًا في لبنان، لأن الإدارات غير مهيأة لذلك، وكذلك فإن السياسيين غير مهيئين أيضًا، لأن السياسيين هم من يحمون الفساد في الإدارات، ولكن ما يجري اليوم من محاولات للقضاء على الفساد إنما نشجعه كثيرًا رغم أنه لن يأتي بأي نتيجة جدية، غير أن مجرد الحديث عن الموضوع إنما يخيف المرتشين والفاسدين قليلاً، ويضع حدودًا غير مباشرة للموضوع.

ويلفت حبيقة إلى أن المشكلة الأساس في الفساد اللبناني هي أنه لا يمكن التضحية بالموظفين الصغار الذين يتم توقيفهم اليوم، في وزارة المال، فهؤلاء انما ارتشوا في العقارات والجمارك لأنهم كانوا محميين من السياسيين أنفسهم.

محاربة الفساد

وردًا على سؤال ما الذي يحتاجه لبنان اليوم لمحاربة الفساد جديًا في مختلف إداراته؟ يجيب حبيقة:" لا يمكن أن يحل الموضوع إلا إذا اقتنع الشعب اللبناني بضرورة محاربة الفساد.

فالشعب اللبناني ظاهريًا يتحدث عن ضرورة محاربة الفساد، لكنه عمليًا يشجع الأمر، وليس مزعوجًا منه.

فالجميع يتحدث في المجتمع عن أن "الآدمي" غشيم، و"الحرامي" شاطر، فلا تزال تلك العقلية الفاسدة سائدة لأننا مجتمع لا توجد فيه مؤسسات حقيقية، لذلك فالمواطن يجب أن تكون لديه معارف في الإدارة ومع السياسيين كي يصل إلى حقوقه.

ويؤكد حبيقة أننا ضمن حلقة مفرغة من الفساد بين السياسيين والموظفين الفاسدين.