تصاعدت أزمة النقاب في مصر، وانتقلت الجدل بين علماء الأزهر إلى أروقة البرلمان، إذ تقدمت نائبة أخرى بمشروع قانون لحظر ارتدائه في الأماكن العامة، ليشتد الخلاف حول هذا الزيّ الخاص بالمرأة المسلمة.

إيلاف من القاهرة: عادت أزمة النقاب لتطل برأسها في مصر من جديد، وتصاعدت حدة الجدل حول الزيّ الخاص بالمرأة المسلمة، لاسيما بعدما تقدمت النائبة في البرلمان، غادة عجمي، بمشروع القانون يحظر ارتداءه في الأماكن العامة أو مقار العمل.

تضاعف في حال تكرارها
قالت النائبة لـ"إيلاف"، إن مشروع القانون الذي تقدمت به يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة ومقار العمل، مثل: المستشفيات والمراكز الصحية، والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة، والمتاحف والمباني الحكومية، وغير الحكومية العامة، ووسائل نقل الركاب، وصالات القادمين والمغادرين في المطارات، والملاعب المغلقة وقاعات المحاضرات ودور الحضانة، ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، وأي مكان يقرر وزير الصحة اعتباره مكانًا عامًا.

أضافت أن مشروع القانون يفرض غرامة مقدارها ألف جنيه مصري على المرأة التي تخالف نص القانون في حالة إقراره، مشيرة إلى أن الغرامة تضاعف في حالة تكرار المخالفة.

وأفادت بأن مشروع القانون الذي تقدمت به إلى مجلس النواب، يحظى بدعم نحو 60 نائبًا آخرين، منوهة بأنه سيتم عرضه على اللجنة الدستورية والتشريعية لمناقشته، وفي حالة الموافقة عليه سيعرض على الجلسة العامة للبرلمان لإقراره، ثم يصبح نافذًا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه.

ولفتت إلى أن المجتمع المصري أصبح في حاجة ماسّة إلى إقرار هذا القانون، لاسيما أن البلاد تمر بظروف أمنية صعبة، وتعاني من الإرهاب، مشيرة إلى أن النقاب أصبح يستخدم في ارتكاب العديد من الجرائم، وهذا ما تثبته السجلات الرسمية للأجهزة الأمنية، ومنها جرائم خطف الأطفال أو تهريب الممنوعات أو إخفاء الشخصية أو في الأعمال الإرهابية.

ولفتت&إلى أن الكثير من علماء الأزهر أكدوا أن النقاب عادة غير إسلامية، وليس من الإسلام في شيء، مؤكدة أن حظر ارتدائه لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، لاسيما أن هؤلاء العلماء وصفوه بأنه "عادة، وليس عبادة".

نبهت إلى أن "الظروف الأمنية التي تمر بها مصر" جعلت من "سلبيات النقاب لا تعد ولا تحصى مقارنة بأية إيجابيات"، وأن "الحرية الشخصية تتوقف عند المساس بحريات الآخرين ومحاولة إفساد الذوق العام"، مشيرة إلى أن هناك دولًا عديدة حول العالم طبقت حظره في ظل انتشار إرهاب جماعات إسلامية، بينها الدنمارك والنمسا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا وهولندا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبلغاريا والصين والجزائر.

"إيلاف" حصلت على النص الكامل لمشروع القانون، وهي كالآتي:

مادة 1
النقاب هو كل ما تغطي به المرأة رأسها والصدغين والعنق والوجه، فهو أي غطاء يوضع على الوجه، يخفي ملامحه، قد تظهر منه العينان، وقد يخبئ العينين.

ويقصد بالبرقع كل ما يغطي الوجه، مع إظهار العينين فقط، بغطاء شفاف أو داكن، ونحتكم إلى العرف بشأن تعريف البرقع.

مادة 2
يقصد بالأماكن العامة وفقًا لهذا القانون «المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية وغير الحكومية العامة ووسائل نقل الركاب وصالات القادمين والمغادرين في المطارات والملاعب المغلقة وقاعات المحاضرات ودور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص وأي مكان يقرر وزير الصحة اعتباره مكانًا عامًا.

مادة 3
يحظر ارتداء النقاب أو البرقع أو تغطية الوجه في الأماكن العامة، بجميع أنواعه أو صوره، في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف.

مادة 4
يعاقب كل من يرتدي النقاب في الأماكن العامة بغرامة لا تقل عن ألف جنيه.

مادة 5
في حالة العود أو التكرار تتم مضاعفة الغرامة.

مادة 6
بما لا يخالف الأحكام واللوائح والقرارات الإدارية والتنظيمية في الأماكن العامة، يتم تنبيه كل العاملين في الأماكن الحكومية والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية، إلى حظر ارتداء النقاب أو البرقع أو أي غطاء للوجه كمنشور يعلق بلوحة الإعلانات أو في أماكن ظاهرة للعلم بما جاء فيها.

مادة 7
العقوبات المنصوص عليها بهذا القانون لا تعفى من تطبيق أي جزاءات إدارية أو جناية أخرى طبقًَا للقوانين واللوائح الأخرى، وبما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.

مادة 8
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لنشره.

تؤيد النائبة في البرلمان، والأستاذة في جامعة الأزهر، آمنة نصير، مشروع القانون، وقالت إنها سبق أن تقدمت بمشروع مماثل، مشيرة إلى أنها بصفتها من علماء الأزهر تؤكد أن النقاب ليس من الشريعة الإسلامية، ولم يفرض في القرآن أو السنة النبوية.

أضافت لـ"إيلاف" أن النقاب عادة يهودية وليست إسلامية، معتبرة أنها من قبيل المغالاة، لأن الإسلام فرض على الناس اللباس المحتشم، الذي لا يشف أو يجسد ملامح جسد المرأة، ودعا النساء إلى أن يضربن بخمرهن على جيوبهن، ولو أراد لقال "فليضربن بخمرهن على وجوههن".

ولفتت إلى أنها تتطلع إلى اليوم الذي يحظر فيه ارتداء النقاب في مصر، لأنه أصبح أداة في نشر الجريمة، وليس الحفاظ على المجتمع.

مخاطر أمنية
وقال رئيس الجبهة الوطنية العربية، الدكتور حاتم نعمان، إنه يعتبر مشروع قانون منع النقاب في الأماكن العامة مشروع أمن قومي لأنه أصبح وسيلة من وسائل تخفي الإرهابيين للقيام بعمليات إرهابية، بل وأحيانًا النصب على المواطنين والموظفين، وأيضًا وسيلة من وسائل خطف الأطفال والتهريب غير المشروع.

أضاف لـ"إيلاف" أن النقاب عادة يهودية، ويشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي للبلاد في ظل الظروف والأوضاع الراهنة، موضحًا أنه مؤيد للنقاب في المنزل، لكن مثلًا في التعليم، فمن حق الطالب أن يرى تعبيرات وجه معلمته، لأن هذا مهم في العملية التعليمية، فالدين المعاملة.

عادة غير ملزمة
وقال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إن الحكم الشرعي لارتداء النقاب إنه ليس بواجب أو فرض، موضحًا أن النقاب عادة وليس عبادة.

أضاف في تصريحات له: "أؤيد حظر النقاب في الأماكن العامة، وهناك مصالح أو شركات تشترط على موظفيها عدم ارتداء النقاب عند العام، وهذا لا يسمى منعًا، بل هو شرط، ومن أرادت العمل بذلك فهذا حقها، ومن أرادت أن تمتنع تفضيلًا لعادتها وما توعدت عليه، فلا بأس بها شرعًا".

الكلمة للشعب
في المقابل، يرفض بعض علماء الأزهر وعلماء التيار السلفي المساس بالنقاب، وأطلق السلفيون حملة "لا مساس بنقابي". وقال الشيخ خالد الجندي من علماء الأزهر، إن الفقهاء اختلفوا في الحكم الشرعي للنقاب، ومنهم من يقول يجب، والآخر يقول إنه مُستحب.

أضاف: "أزمة مصر ليست في سنّ القوانين، ولكنها في آليات التنفيذ، وقانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة يهدف إلى مطاردة المنتقبات، وهو ما يطالبنا بسن قانون لمنع ارتداء المايوه"، مشيرًا إلى أن "المؤسسات الحكومية ملك الشعب، وهو الذي يقرر حظر دخول المنتقبات أم لا".

&