مراكش: مباشرة بعد انطلاق حملة توزيع الصافرات على النساء ، التي أطلقتها حركة «ماساكتاش» (أي لن أصمت)، في عدد من المدن المغربية (الدار البيضاء، الرباط، مراكش)، منذ السبت، انطلقت حملة ساخرة على مواقع التواصل الإجتماعي انصبت كلها على توجيه انتقادات لاذعة للحملة التي اعتبرها العديدون «تافهة»، ومثيرة للضحك، فيما رأى فيها آخرون سلاحا ضعيفا لن يوقف التحرش والعنف ضد النساء في الأماكن العمومية.

وأطلق الساخرون العنان لتدويناتهم العديدة التي جعلت من صور لفتيات ونساء وهن يحملن صافرات مادة دسمة للتحليل و التعليق، بين من اعتبر أن «المصفرات» لا يملكن من مقومات الجمال ما يدعو للتحرش بهن، وبين من تساءل ما إذا كانت شرطية المرور التي تطلق صفارة الإنذار ضد مخالف أو لتنظيم حركة السير، يمكن اعتبارها هي أيضا تنذر بوجود حالة تحرش ضدها.

بلهجات متنوعة تمتح من قاموس مغربي ساخر، انهالت التدوينات كالمطر، في تشبيه للمصفرات بكونهن « بشعات » و لا يمكن في كل الأحوال أن يشكلن موضوع إثارة للمتحرشين، في حين أن بعض المدونين اعتبروهن (أي المصفرات) حكاما لكرة القدم، و إطلاقهن لإنذار صافراتهن أشبه بذاك الذي يطلقه الحكم في الملعب، متسائلين ما إذا كن سيمنحن «ضربة جزاء في المباراة»؟

وذهب المنتقدون لحملة الصافرات إلى حد التشكيك في نوايا النساء اللواتي سوف تستعملنها من أجل « الإبلاغ » أو الإنذار بوقوع تحرش ضدهن.

وأبدى كثيرون تخوفهم من أن تستعمل النساء الصافرات لتصفية الحسابات ضد متحرشين مفترضين، وهو ما يجعل هذه الصيغة، في نظرهم، غير مقنعة لتوجيه اتهام بالتحرش ضدهن.

و لم تسلم الحملة من أولئك المحسوبين على الخط الحداثي التقدمي المناصر لقضايا المرأة وتحررها، الذين بادروا بدورهم إلى نشر تدوينات يتساءلون من خلالها عن الجهة التي زودت المسؤولين عن الحملة بهاته الكميات من الصافرات، وكم كلفت الصفقة ومن المستفيد منها، في حين طرح بضهم أسئلة من قبيل إذا توجه أحد لخطبة فتاة يطلبها بالصافرة أم من دونها ، قبل أن يتداركوا بأن الأمر يتعلق بمزحة لا أقل و لا أكثر، مؤكدين أنهم ضد التحرش في الأماكن العامة.

ومهما يكن من انتقادات ، وجهها العديدون لهذه الحملة، فإن الهدف منها، حسب المسؤولين عنها، يبقى هو التحسيس بخطورة التحرش و العنف ضد النساء في الأماكن العامة، خاصة أمام جهل الكثيرين بالقانون الجديد 13ـ103 المتعلق بمحاربة العنف و التحرش الجنسي الذي تتعرض لها النساء في الفضاء العمومي و أماكن العمل.

وتعقيبا على سيل التدونيات الساخرة في مواقع التواصل الإجتماعي، أكدت العديد من النساء النشيطات أن الحملة لا تدعو لكل هذا الكم من الإنتقادات، لأن الهدف منها أولا هو كسر جدار الصمت و إطلاع النساء على حقوقهن، وحثهن على أن التحرش الجنسي بهن يتطلب أن ينتفضن ضده ويوقفنه مهما كانت سلطة المتحرش، رافضات فكرة أن المرأة التي ترتدي ثيابا مثيرة يجوز التحرش بها.
&