أعلن الأزهر عن برنامجه لخطة "2019: 2022"، والذي يحمل عنوان "مصر تنطلق"، على دعم الجانب الدعوي وتجديد الخطاب الديني؛ لمواجهة الفكر المتطرف وتفتيت "الإرهاب" بالتوازي مع المواجهات الأمنية، وذلك بتخصيص 3,1 مليارات جنيه لتنفيذ عدد من الحملات والإجراءات التي تهدف إلى نشر الفكر الوسطي وضمان الريادة المصرية في نشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطي.
إيلاف من القاهرة: نص برنامج الأزهر على تنفيذ 18 ألف قافلة دعوية ونحو 150 حملة توعية و30 ألف ندوة ثقافية وتنظيم نحو 300 دورة تدريبية، والتوسع في إنشاء لجان الفتاوى الدينية من 230 لجنة حاليًا إلى 456 لجنة بنهاية البرنامج، وزيادة عدد الوعاظ من 4105 حاليًا لـ 10 آلاف واعظ بنهاية عام 2022.
لقاءات جماهيرية
كما أعلن مجمع البحوث الإسلامية ( الجهة المسؤولة رسميًا عن مجال الدعوة بالأزهر) عن تنظيم حملات دعوية كبرى يشارك فيها ما يزيد عن ألف واعظ وواعظة بالأزهر تجوب "الكافتريات" والمقاهي والمصالح الحكومية ونوادي ومراكز الشباب ؛ لعقد لقاءات مباشرة عن قرب مع المواطنين ، يتحدثون فيها حول مختلف القضايا التي تشغل بال المواطن، والإجابة عن التساؤلات التي تشغل اهتماماتهم.
وأعلن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، عن توسعات داخل الوسط الديني بمصر، كانت البداية بتوسيع أنشطة المقاهي الثقافية بجميع المناطق والأحياء السكنية بمحافظات الجمهورية، ضمن خطة إستراتيجية موضوعة خلال السنوات الأربع المقبلة؛ لتحقيق مزيدٍ من التواصل بين وعّاظ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وفئات الشعب، في إطار المشاركة التوعوية والمجتمعية بمخاطر الإرهاب والتطرف الدخيل على المجتمع المصري.
توعية المواطنين
وأكد أن الهدف من الحملة الأساسي هو توعية المواطنين وتوضيح معاني مفاهيم الإرهاب والتطرف، وكيفية مواجهة الجماعات التكفيرية، والتصدي لمفاهيمهم المغلوطة.
وأشار إلى أن حملة طرق المقاهي بالشوارع بدأت في عام 2016، حيث شهد نحو 15860 لقاءً بين وعّاظ الأزهر وفئات الشعب المختلفة من رواد المقاهي، ولاقت هذه الحملات استحسان الجماهير، وحاول الوعاظ عدم الاقتصار على مفهوم تجديد الخطاب الديني، وتعريف الناس بمخاطر الإرهاب والتطرف، وخاض الأزهريون مناقشات جانبية بشأن المسائل الدينية الأخرى التي يريد المواطنون إجابة لها.
وتابع: "خلال النصف الأول من العام الحالي، تم إطلاق نحو 2001 لقاء بالمقاهي الثقافية في مختلف محافظات الجمهورية، إذ دار الحوار بين الوعاظ والمواطنين في إطار 5 محاور، وهي : "المشكلات التي تعرقل مسيرة التنمية لمصر ، مكانة القدس ، مكافحة الفساد ، مفهوم التطرف والإرهاب ، مفهوم تجديد الخطاب الديني".
الخطاب الديني
ومنذ أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية المولد النبوي عام 2015، دعوته لتجديد الخطاب الديني ،ويحرص الأزهر على تنفيذ الدعوة على أرض الواقع، حيث كانت أكشاك الفتاوى التي انتشرت داخل محطات مترو الأنفاق أولى الخطوات لإيصال "الإسلام الوسطي" إلى المواطنين، بعيدًا عن منهج الغلو والتطرف، من خلال التواصل مع رواد المترو والإجابة على تساؤلاتهم.
وهي الفكرة التي لاقت تجاوبًا واسعًا من جانب المواطنين، إذ أنه وخلال 32 يومًا من إطلاقها، أجابت لجنة الفتوى بمترو الأنفاق على نحو 2850 طلب فتوى خلال 32 يومًا، 27 % منها تخص الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق، قبل أن يتم وقف الخدمة ؛ لعدم تجديد البروتوكول بين الأزهر ومترو الإنفاق.
أكاديمية الأزهر
وسعيًا نحو التقدم في ملف تَجديد الفِكر الدينيّ والخِطاب الدعويّ، وتَزويد العاملين في المجال الدعويّ ، أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في السابع من أكتوبر الماضي قرارًا بإنشاء "أكاديمية الأزهر الشريف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوُعّاظ وباحثي وأُمناء الفتوى، على أن يكونَ مَقَرُّها الرئيسي&بالقاهرة.
ومن المقرر أن تنطلق الأكاديمية التي تهدف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوُعّاظ وباحثي وأمناء الفتوى عملها، اعتبارًا من يناير المقبل، بعد الانتهاء من تجهيز مَقر الأكاديمية، وإعداد المناهج الخاصة بتأهيل وتدريب الأئمة، بحد أقصى منتصف ديسمبر المقبل وفقًا لتوجيهات شيخ الأزهر.
وتَهدِف أكاديمية الأزهر إلى تأهيل وتدريب العاملين في مجالات: الوعظ، والإمامة والخطابة، والدعوة، وأمانة الفتوى، من خِرّيجي الكُليات الشرعية والعربية بالأزهر، فيما نَصّ قرارُ شيخ الأزهر على تشكيل لجنةٍ متخصّصة لوَضْع المناهج والبرامِج التدريبية الخاصّة بالأكاديمية، على أن تنتهيَ من عملها خلال شهرين على الأكثر.
تحرك مطلوب
من جانبه، يرى الدكتور محمد عبد الحليم أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، أن عقد لقاءات جماهيرية بين واعظ الأزهر والمواطنين هو الطريق الصحيح نحو تطوير ملف الخطاب الديني، بعيدًا عن المؤتمرات الوهمية التي تقام في هذا الغرض والتي أنفق عليها الملايين دون رد فعل إيجابي على مدار السنوات الأربع&الماضية .
وأكد الدكتور محمد عبد الحليم لـ"إيلاف"، أن حملات طرق المقاهي التي أعلن عنها الأزهر، ستكون حائط صد قويا لتوعية الشباب تجاه القضايا المعاصرة والوقوف بشكل عملي تجاه سعي الجماعات الإرهابية لاستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة للدولة وتجنيد الشباب المنتشر على المقاهي .
مطالبًا وسائل الإعلام المختلفة بضرورة مساعدة الأزهر في حملته المنتظرة تجاه ملف تجديد الخطاب الديني ، بعيدًا عن حملات التشكيك في النوايا ورفض هذا التحرك كما حدث من قبل في أكشاك فتوى مترو الأنفاق، والتي لاقت اعتراضًا من قبل بعض مؤسسات الدولة، فكان السبب في إلغائها.
وقال أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: "إن النزول في الشارع لا يقتصر على الأزهر فقط ، فيجب تعاون الكنيسة في هذا الأمر، خاصة وأنها أكبر المتضررين من طرف الجماعات الإرهابية ، حيث تعرضت الكنيسة لأكثر من 85 عملية إرهابية راح ضحيتها عشرات القتلى من الأقباط ، وهدمت الكنائس والمنازل والأديرة".
رفض برلماني
في السياق ذاته، رفض النائب شكري الجندي عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري ، إرسال الأزهر قوافل دعوية للمقاهي من أجل تثقيف روادها دينيًا وأخلاقيًا قائلًا: "الجميع يحترم دور مؤسسة الأزهر الشريف في الوعظ الديني، بينما استخدام المقاهي العامة والثقافية لا يصلح بها الوعظ بالمرة، لافتًا إلى أن هذه الفكرة تصلح في مؤسسات الدولة الحكومية والمستشفيات وخلافه".
وأضاف "الجندي" في تصريحات له، أن المقاهي بها المسلم والمسيحي ومختلف الأديان الأخرى والطوائف، الأمر الذي قد يترتب عليه دخول الشيخ أو الواعظ في مشكلة أثناء وعظه على أحد هذه المقاهي.