ما السر وراء التزايد غير المقبول للعمليات التجميلية في لبنان، حيث إنها زادت بوتيرة كبيرة في السنوات الأخيرة، رغم المخاطر التي قد تعرّض حياة الذين يلجأون إليها في بعض الأحيان؟.

إيلاف من بيروت: تزايدت جراحات التجميل منذ بداية التسعينات حتى اليوم في لبنان. الجميع يريد الحصول على "أنف هيفا" و"شفاه إليسا" وغيرهما&من نجمات الغناء، اللواتي كنّ السباقات إلى عمليات التجميل.

يعود الفضل في ظهور جراحات التجميل للمرة الأولى في العالم إلى الطبيب هارولد غيليس، وهو جراح شاب نيوزلندي الجنسية صمم على إيجاد حل لعلاج الإصابات والتشوهات الناتجة من الحرب العالمية الأولى، وأدرك أن هناك حاجة ماسّة إلى عمل متخصص في هذا المجال.

فلماذا التهافت على عمليات التجميل خصوصًا في لبنان؟
تقول منال أبو جودة إن أنفها كان كبيرًا بالنسبة إلى وجهها، وتحسّنت نفسّيتها بعد إجراء عملية تجميلية له، وتنصح كل من لديه مشكلة أن يقوم بعملية تجميلية، وألا يتردد.

ورغم أن عمليات التجميل تلقى رواجًا كبيرًا في لبنان، إلا أن البعض لا يزال يرفضها، على عكس آخرين يرحّبون بها.

ضدها
تؤكد هدى زيادة أنها ضد العمليات التجميلية 100%، لأنها ترى بضرورة إظهار مراحل عمر الإنسان، لأن لكل مرحلة جمالها الخاص. وتضيف: "سألتني صديقتي يومًا: لماذا لا أقوم بعملية بوتوك"، أجبتها "هذه التجاعيد كلفتّني سنوات من عمري، ولكل واحدة ذكرياتها، إذا محوتها أمحو معها تلك الذكريات".

طوني سلامة يرى بضرورة إجراء عملية تجميلية مع وجود أي تشويه، لكن يجب أن تبقى الملامح كما هي، وألا تتغير.

مبالغة في العمليات
المبالغة في تغيير الشكل وتحسينه جعلت&السيدات في لبنان متشابهات، واللافت أن نسبة عالية من رجال الفن والسياسة تنفق أموالًا طائلة في العيادات التجميلية.

في هذا الصدد، يقول الاختصاصي في جراحة التجميل الدكتور نادر صعب لـ"إيلاف" إن لبنان يُعَّد بلد صناعة الجمال في الشرق الأوسط، وطلبات عمليات التجميل تختلف، ففي عمر مبكر هناك طلب على تكبير الصدر ونحت الجسم، ومع تقدم المرأة بالعمر نرى طلبات على شد الوجه والبطن ورفع الصدر. يضيف صعب: "العمليات الأكثر رواجًا في لبنان هي عمليات شفط الدهون مع وجود التطور الملحوظ لتلك العمليات والتقنيات المتبعة".

بداياتها
إن جراحة التجميل بدأت كطب علاجي يقوم بترميم التشوهات التي يصاب بها الإنسان، والناتجة من حادث معيّن أو خلل في التكوين. لكنها ما لبثت أن تحوَّلت إلى جراحة شائعة، يسعى إليها الراغبون في تغيير بعض ملامحهم النافرة أو التي يعتبرونها كذلك، إضافة الى الراغبين في إخفاء معالم الشيخوخة. ومع تقدم الطب لم تعد جراحة التجميل تقتصر على عناصر الوجه، بل تعدَّتها إلى كل أنحاء الجسم، وازداد الطلب عليها من الجنسين.

للدوافع النفسية دورها في هذه "الطفرة" في عالم التجميل، وليس مستغربًا الإقبال على هذه العمليات، ووسائل الإعلام تتحدث بكثرة عن الجراحات التجميلية، كما تعرض باستمرار صورًا ومقابلات للمشاهير ونجوم الفن، مركِّزة على شكلهم الخارجي، الذي غالبًا ما يكون "صنيعة" أيادي أطباء التجميل.&

يذكر أن العالم ينفق حاليًا نحو 160 مليار دولار خلال كل عام على مستحضرات التجميل وتغيير الشكل، هذا ما تؤكده إحدى الإحصائيات، التي تشير إلى أن النساء الجميلات تزيد مرتباتهن عن النساء الأقل جمالًا، وكذلك تزيد مداخيل الرجال الوسيمين عن الرجال الأقل وسامة. أما النساء اللواتي يعانين من زيادة في الوزن، فتقلّ مرتباتهن عن زميلاتهن النحيفات.&

وإذا كانت نسبة الرجال، التي تعير أهمية كبرى للشكل الخارجي قد ازدادت بشكل محدود، فإن غالبية النساء تعتبر أن الشكل الخارجي هو المفتاح إلى الثروة. وقد شجَّع نجاح مثل هذه العمليات، وما تسفر عنه من نتائج جيدة، أعدادًا أكبر من اللبنانيين على أن يضعوا مصير شكلهم في أيدي جراحي التجميل.&

وتلهث النساء وراء هذه العمليات، إما لزيادة جمالهن أو للتشبّه بالفنانات، بعدما أصبح الخضوع لهذه العمليات أمرًا مقبولًا وشائعًا رغم الحوادث الكثيرة التي جرت جراء عمليات التجميل. وكل المطلوب منهن هو أن يحددن صفات معيّنة لجرّاح التجميل، الذي أصبحت مهنته تدرّ الكثير من الربح، حتى إذا أجرى عملية واحدة على الأقل يوميًا.
&
عيادات 5 فنادق
العيادات التجميلية في لبنان تكاد تكون فنادق 5 نجوم، من أجل تأمين الراحة للزبائن القادمين أيضًا من دول الخليج، لا شيء فيها يشبه المستشفى باستثناء غرفة العمليات.

أجرى أكثر من 55% من اللبنانيين عمليات تجميلية، وهي نسبة مرتفعة، مقارنة بسائر الدول، فهل أصبح السعي إلى الجمال يشكِّل هاجسًا و"فوبيا" في لبنان؟.