يمثل خطاب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في مجلس الشورى خارطة طريق للسياسة السعودية داخل المملكة وخارجها. ويعكس الخطاب إصرار السعودية على حل الأزمات التي تعيشها المنطقة.

أحمد سيد من جدة: قال الكاتب خالد دراج لـ "إيلاف" إن الخطاب الذي ألقاه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لدى افتتاح دورة الأعمال الجديدة لمجلس الشورى، هو في الحقيقة ما تعودناه دوماً في كل عام حيث يمثل خارطة طريق للسياسة السعودية داخل المملكة وخارجها.

وأضاف أن الخطاب هو رسالة مزدوجة للمواطن وللمجتمع الدولي بشكل عام.

دور المرأة

وتبين من الخطاب في ما يتعلق بالشأن المحلي حرص الحكومة على دعم القطاع الخاص بشكل كبير وإشراكه شراكة فعلية في تنمية الوطن، إضافة إلى دور المرأة وتأكيده على شراكتها الفعلية في التنمية وصناعة المستقبل.

سوريا واليمن

وتعرض خطاب الملك سلمان للحرب في اليمن، مؤكدا دعم المملكة لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب فيه.

وأشار الملك سلمان بالدور العظيم الذي يقدمه الجنود المشاركون على الحدود الجنوبية للدفاع ليس عن أمن المملكة العربية السعودية فقط ولكن أيضاً عن أمن واستقرار الشعب اليمني.

وحذر العاهل السعودي في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى من الدور الإرهابي الذي يمارسه النظام الإيراني وتدخله المستمر في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ووقوف النظام الإيراني خلف العديد من الأزمات الكبيرة في كثير من الدول العربية والإسلامية.

وفي ما يخص الأزمة السورية بيّن الملك دعم المملكة للحل السياسي للخروج من هذه الأزمة.

رسالة للداخل والخارج

وقال دراج "بالتالي نجد أن مجمل الخطاب الملكي في الحقيقة هو بمثابة رسالة اطمئنان للداخل السعودي ونحن على مشارف إعلان ميزانية المملكة لعام 2019، وهي ميزانية في مؤشراتها الأولية تؤكد على أن الاقتصاد السعودي في تنامٍ&مستمر، وستسجل الميزانية السعودية كما أشار ولي العهد مؤخراً أعلى رقم سُجلت فيه ميزانية للمملكة العربية السعودية وهذا بحمد الله يؤكد على أن سياسة المملكة الاقتصادية والإصلاحية في هذا الجانب إنما تسير وفق خطط مرتبة ومهيئة للانتقال بالمملكة إلى مرحلة نماء وتطور أفضل وأكبر مما كانت عليه".

وفي ذات الوقت، جاء الخطاب الملكي كرسالة تطمين للمجتمع الدولي بالتزام المملكة بالحرب على الإرهاب ودعم كل أوجه السلام والاستقرار في العالم.

خطة عمل

من جانبه، ذكر الكاتب والمحلل السياسي خالد الزعتر أن "خطاب الملك سلمان السنوي في مجلس الشورى، هو يعتبر بمثابة خارطة طريق وخطة عمل للمرحلة المستقبلية للسلطة التشريعية والرقابية، وهو بالتالي ما يعكس حرص خادم الحرمين الشريفين على تطوير العمل الرقابي والتشريعي إلى أن يكون متماشيا مع المتغيرات التي تشهدها المملكة العربية السعودية والإرتقاء بأداء أجهزة الدولة ومؤسساتها في ظل الرؤية التحولية للمملكة 2030".

الخطاب شدد على عدة نقاط منها ما هو على الصعيد الداخلي، ومنها ما يركز بشكل كبير على دعم المشاريع والتنمية وهو بالتالي ما يعكس الإصرار على الإستمرارية في مرحلة التطور التي تشهدها المملكة وبخاصة في ظل الرؤية الإقتصادية 2030 التي تركز على تنويع مصادر الدخل، والإنتقال إلى مرحلة ما بعد النفط والعمل على تشجيع الإستثمارات التي ستكون عصب الاقتصاد السعودي لمرحلة ما بعد النفط.

أيضا تطرق إلى الحديث عن التنمية الداخلية، وهو ما يؤكد أن المملكة ماضية في التطور الذي تعيشه وهي دولة قوية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتأثر بالأزمات، والتي لن تكون لها إنعكاسة على مرحلة التطور الحاصلة في تحقيق التنمية الداخلية.

الإستثمار في الإنسان

وأضاف "حديث الملك سلمان أمام مجلس الشورى جاء ليؤكد على أهمية الإستثمار في الإنسان وهو يأخذ بُعديْن الأول هو التوجيه كما هي العادة الملكية بتوفير كافة الخدمات للمواطنين والوقوف على كافة إحتياجاتهم، والبعد الأخر هو أن يكون المواطن شريكا في تحقيق ودعم التنمية، والذي قال إن المواطن السعودي هو أهم محرك في التنمية، ولذلك لا يتوقف الأمر عند توفير كافة الإحتياجات للمواطن وتقديم الخدمات، بل يتخطى ذلك بتطوير القدرات البشرية، وهو ما وجه به الملك سلمان ولي العهد بالتركيز على تطوير القدرات البشرية والإعداد لجيل جديد للوظائف المستقبلية، والإستثمار في الإنسان يقودنا إلى الحديث عن التعليم الركن الرئيسي من أركان التطوير البشري، وهو ما يعني العمل على تطوير التعليم ومخرجاته لكي يكون مواكباً للمتغيرات الحاصلة ويكون أيضا متواكبا لمتطلبات السوق السعودية في ظل وجود إصرار من قبل السعودية على التوظيف والإستفادة من التكنولوجيا والتطورات الحاصلة في هذا المجال في رؤية التحول 2030، وأيضا في ما توليه من أهمية قصوى لتطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي".

استقلالية القضاء

وأشاد العاهل السعودي بالنيابة العامة والقضاء لأدائهما واجباتهما في خدمة العدالة، وهو بالتالي يأتي لكي يؤكد الإصرار من قبل خادم الحرمين الشريفين على إرساء أسس العدالة التي تعد إحدى أهم الدعائم التي تأسست عليها الدولة السعودية.

ووعد العاهل السعودي بضمان معاقبة المسؤولين عن أي جريمة.

هيكلة وتطوير أجهزة الدولة

أما بشأن حوكمة أجهزة الدولة وتلافي الأخطاء مستقبلا، فهذا الخطاب الملكي السنوي يأتي للتأكيد على استمرارية المملكة في هيكلة وتطوير أجهزة الدولة للإرتقاء بأداء الأجهزة والمؤسسات لتكون متماشية مع التغييرات التي تشهدها المملكة من جهة ومن جهة أخرى تلافي الأخطاء مستقبلا كما حدث مع هيكلة رئاسة الإستخبارات العامة، وهو بالتالي ما يعكس الإصرار على الإستمرارية في تقييم أداء أجهزة الدولة ومؤسساتها.

السياسة الخارجية

الخطاب الملكي السنوي في مجلس الشورى لم يقتصر فقط على الصعيد الداخلي، بل جاء الخطاب السنوي للتأكيد على ثوابت ومبادئ السياسة الخارجية للمملكة، والتأكيد على المسؤوليات التي تقع على عاتق المملكة في حماية الأمن القومي العربي، والمساهمة في توطيد الأمن والسلم الدوليين.

وأكد الملك سلمان على مركزية وأهمية القضية الفلسطينية التي تعد من أولويات السياسة الخارجية للمملكة.

ويعكس الخطاب السنوي إصرار المملكة على حل الأزمات التي تعيشها المنطقة، والتصدي للمشاريع الفوضوية والتوسعية، وأن المملكة ماضية قدما في تحقيق الأمن والإستقرار للمنطقة، ودعم الشعوب في الحصول على حقوقها في أن تعيش حياة كريمة، وهو بالتالي يؤكد أن المملكة لن تتخلى عن مسؤولياتها ودورها القيادي والريادي في أن تعمل على توطيد الأمن والإستقرار في المنطقة.