تتباهى كاثرين فاينر، رئيسة تحرير صحيفة "غارديان" البريطانية، بنجاح أنموذج التمويل الطوعي كي تستمر الصحيفة من دون الارتهان لسوق الإعلان ولشركات التقانة. تقول: "يدعمنا&مليون قارئ حول العالم".

لندن: حين تسلمت كاثرين فاينر رئاسة تحرير صحيفة "غارديان" البريطانية، كان التحدي الملح الذي واجهته إيجاد طريقة تضمن استمرارية الجريدة في الصدور. بدا لها الوضع وقتذاك قاتمًا في قطاع الإعلام بصفة عامة. فالإعلانات في الصحف الورقية كانت في تراجع متسارع، ونمو الاعلان الرقمي كله تقريبًا من نصيب غوغل وفايسبوك.

الحل البدهي

كانت المؤسسات الصحافية في كل مكان تبحث عن حلول للتحديات المتمثلة&بزيادة قرائها أكثر من أي وقت مضى، لكن من دون طرائق ملائمة لتغطية التكاليف. أخذت صحف متزايدة تلجأ شهرًا بعد آخر إلى فرض الرسوم على القراءة، أي تقاضي رسوم مقابل قراءة المواد التي تنشرها في طبعاتها الإلكترونية.

تكتب فاينر أنه تعين عليها أن تجد طريقة لتمويل الصحافة كما تمارسها غارديان. كان الحل البدهي التوجه إلى القراء والرهان على تثمينهم استقلال الجريدة التحريري والتزامها أسس الصحافة الاستقصائية وموقفها التقدمي المسنود بالحقائق.

كان الطموح أن تبقى غارديان صحيفة عالمية، حرة، وأن تستمر طبعتها الإلكترونية متاحة للقراء مجانًا. &

بما أنك هنا...

في ذيل كل مقالة منشورة في موقع غارديان، أثبتت هذه العبارة: "بما أنك هنا... نريد منك خدمة صغيرة. ثمة ناس يقرأون غارديان أكثر من أي وقت مضى، لكن إيرادات الإعلانات عبر وسائل الإعلام تتراجع بسرعة. وخلافًا للعديد من المؤسسات الإخبارية، لا نفرض رسمًا على الدخول إلى موقعنا الإلكتروني، فنحن نريد أن نبقي صحيفتنا&مفتوحة بقدر ما نستطيع. لذلك، نحن بحاجة إلى مساعدتكم. فالصحافة الاستقصائية المستقلة تستغرق الكثير من الوقت وتتطلب منا الكثير من المال والعمل الشاق، لكننا نفعل ذلك لأننا نعتقد أن آراءنا مهمة - لأنها قد تكون&آراءك أيضًا.

إذا ساعدنا كل من قرأ تقاريرنا وأحبها، سيكون مستقبلنا أكثر أمنًا. يمكنك دعم غارديان بجنيه واحد فقط، وبدقيقة واحدة من وقتك. شكرًا".

حماية الاستقلالية

تعترف رئيسة تحرير غارديان بأنهم في الصحيفة ما كانوا متأكدين من النجاح حين قررت هيئة التحرير حث القراء على تقديم الدعم المالي الطوعي للصحيفة. لكن استجابة القراء كانت ملهمة، خصوصًا بأعداد غفيرة ممن تقدموا للمساهمة بقسطهم في دعم غارديان ماليًا من أكثر من 180 بلدًا حول العالم.

تؤكد فاينر أن هذا الدعم يُساعد الجريدة على حماية استقلالها التحريري، ويتيح لصحافييها تغطية الأحداث وكتابة التحقيقات الصحافية بحرية، ويمكّن الجريدة من محاسبة الشركات التقنية العملاقة، كما فعلت بكشف فضيحة شركة كامبردج أناليتيكا للاستشارات السياسية التي حصلت على معلومات شخصية بطرائق مشبوهة، ويمنحها القدرة على الاستمرار في تغطية مسؤولة لقضايا عديدة، من التغير المناخي إلى الدفاع عن اللاجئين.

مليون داعم

كشفت رئيسة تحرير غارديان أن الجريدة تلقت دعمًا ماليًا من أكثر من مليون قارئ في أنحاء العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، منوهة بنجاح هذا الأنموذج في الحصول على التمويل من القراء من طريق تبرعات اختيارية واشتراكات في غارديان وشقيقتيها الاسبوعيتين أوبزرفر وغارديان ويكلي.

ما زالت الجريدة تواجه تحديات مالية، لكنها مصممة على إيجاد طرائق جديدة لضمان بقاء الصحافة المسؤولة التي تمارسها غارديان وازدهارها.

لاحظت رئيسة تحرير غارديان أن العالم يعيش أوقاتًا عصيبة، حيث تنتشر الأيديولوجيات السوداء مشددة على ضرورة أن نفهم العالم الذي نعيش فيه إذا أردنا توفير فرصة لجعله عالمًا أفضل للجميع.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/membership/2018/nov/12/katharine-viner-guardian-million-reader-funding