دبي: يزور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الأربعاء، للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارة كانت مقررة منذ مدة بين البلدين.

وتهدف الزيارة وفق بيان للرئاسة الفرنسية إلى بحث &"القضايا الإقليمية" و"العمل معا من أجل السلم والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا ومكافحة الإرهاب".

وكانت هذه الزيارة مقررة الشهر الماضي، غير أن باريس أعلنت تأجيلها بطلب إماراتي، وتعد الإمارات حليفا إستراتيجيا لباريس، وتربط البلدين علاقات وثيقة ومتميزة.

وكان الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات يوصي دائما بأهمية المحافظة على استمرار وتواصل العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، على مر العقود.

دبلوماسية

وفي27 نوفمبر 2017 تم تعيين عمر سيف غباش في منصب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الجمهورية الفرنسية. وعمر غباش هو ابن سيف غباش الوزير السابق للشؤون الخارجية في الإمارات الذي اغتيل في مطار أبوظبي عام 1977 عند وداعه لعبدالحليم خدام وزير الخارجية السوري آنذاك.

وبحسب مصادر مطلعة يتوقع أن يتم تعيين سفير جديد لدى الإمارات في فرنسا قريبا خلفا للسفير الحالي.

قلادة الحسين

وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا بعد يوم من زيارة ناجحة قام بها الى المملكة الأردنية الهاشمية، حيث التقى الملك عبدالله الثانى ملك الأردن وتم عقد مجموعة من المباحثات الهامة.

وقدم الملك عبدالله الثانى للشيخ محمد بن زايد قلادة الحسين بن على، كذلك حضر الثنائي&مراسم إطلاق اسم الشيخ محمد بن زايد على لواء التدخل السريع الأردن، وأيضا شهد الثنائي&توقيع اتفاقية بين صندوق خليفة لتطوير المشاريع ومؤسسة ولي العهد &الأردن.

إفريقيا حاضرة

وللإمارات تجربة فريدة في مساعدة عدد من دول القارة الإفريقية على استعادة استقرارها وإعادة تحريك عجلة التنمية فيها. وقد توّجت تلك التجربة بنجاح الإمارات مؤخرا بالتعاون مع السعودية، في إنهاء الخلافات المزمنة بين إثيوبيا وإريتريا. وتعتبر أجزاء كبيرة من القارة الأفريقية مناطق نفوذ تقليدية لفرنسا، ولذا فرنسا مهتمة بضمان استقرارها حماية لمصالحها هناك في ظل التنافس الدولي الشرس على القارّة السمراء.

وقالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن ماكرون والشيخ محمّد بن زايد سيزوران معا معهد العالم العربي في باريس لحضور معرض "المدن الألفية". لافتة إلى أن فرنسا في عهد الرئيس ماكرون عن شركاء أكفّاء في الشرق الأوسط والمنطقة العربية يساعدون في حلحلة أزمات المنطقة التي تحرص باريس على ألا يصل تأثيرها إلى القارة العجوز.

علاقات تاريخية

وبدأت تلك العلاقات التاريخية الوطيدة بين الإمارات وفرنسا قبل تأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ووطدها الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القائد المؤسس للاتحاد. وتأسست هذه العلاقات منذ 1971 على أسس الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة، وعلى مودة لم يعكر صفوها أي شيء على مر التاريخ، وتعد نموذجاً متميزاً للعلاقات الثنائية بين الدول يحتذى به على جميع المستويات وفي كافة المجالات.

&

&

&

اللوفر والسوربون

ويوجد في الإمارات اثنان من أهم المعالم الثقافية الفرنسية بدولة الإمارات وهما جامعة السوربون ومتحف اللوفر، إلى جانب التعاون القائم في العديد من القطاعات الحيوية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء حضوره الافتتاح الكبير لمتحف اللوفر في أبوظبي، أكد في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة أن كل من فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة شركاء في تعزيز روح التسامح و المساواة بين الشعوب وتعملان معاً من أجل تعزيز مفهوم التقارب الثقافي والإنساني بين مختلف الحضارات.

كما أشاد الرئيس الفرنسي بكلمة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في افتتاح المتحف التي ركز فيها على الجوانب الثقافية والإنسانية وعناصر الابتكار والإبداع من أجل إسعاد البشرية ونبذ الحروب والأفكار الظلامية في المنطقة والعالم.

ماكرون: دبي مدينة المحبة والتسامح

وأعرب الرئيس الفرنسي عن إعجابه بكل ما شاهده من مظاهر الحضارة الإنسانية والتطور الذي تشهده دولة الإمارات في شتى المناحي والميادين، وقال عن دبي: "أعجبت كثيراً بدبي كمدينة للمحبة والتسامح والتقارب والانفتاح، فهي مدينة الفرح تسر أعين الناظرين في مبانيها وبنيتها التحتية والمناظر الخلابة التي تضفي أجواء الفرح والاستقرار والسعادة على ساكنيها وزائريها".

ومن هذا المنطلق كان سعي دولة الإمارات للتواصل الثقافي والعلمي مع جمهورية فرنسا التي تتبنى نفس التوجهات في محاربة الإرهاب والتطرف والأفكار الهدامة، وهذا ما أكده الشيخ محمد بن راشد في افتتاح متحف اللوفر، حيث قال "فرنسا شريكنا الثقافي والحضاري، نشاركهم الانفتاح والتسامح والروابط الاقتصادية والسياسية العميقة".

علاقات اقتصادية قديمة

لقد شهدت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا، تطوراً كبيراً خلال الأعوام الماضية، في مختلف القطاعات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثمارات والطاقة المتجددة والنووية والنفطية والدفاع والأمن والتربية والثقافة.

وهذه العلاقات قديمة ولها جذور تسبق حتى تأسيس دولة اتحاد الإمارات، فبعض الشركات الفرنسية مثل "توتال" كانت موجودة في هذه المنطقة قبل ذلك بكثير، تحت اسم "الشركة الفرنسية للبترول" (CFP).

وسرعان ما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة الجديدة بعد الاستقلال بالانفتاح على العالم وعلى المجتمع الدولي وأسست علاقات قوية وراسخة مع جمهورية فرنسا وكافة الدول الكبرى في العالم، ونسجت علاقات زعماء فرنسا المتعاقبين الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومن بعده مع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، روابط الثقة والمودة التي أسست لعلاقات متميزة وقوية بين دولة الإمارات وجمهورية فرنسا على مر السنين، لم تشبها شائبة ولم تعكر صفوها أية مشاكل أو عقبات، بل ظلت تنمو وتزدهر على كافة المستويات والأصعدة.

&

&

&

وفي المجال الاقتصادي تعد دولة الإمارات المنفذ التجاري الرئيسي بالنسبة إلى فرنسا في منطقة الخليج العربي، حيث يوجد في دبي ما يزيد عن 600 شركة فرنسية من الشركات المتوسطة التي تقدم صورة إيجابية عن الصناعات الفرنسية في الإمارات.

ولا يقتصر الأمر على الشركات المتوسطة فقط وإنما تلعب الشركات الصغيرة دوراً حيوياً هي الأخرى في تعزيز التواجد الفرنسي في السوق الإماراتية، هذه الشركات التي صاحب الكثير منها التطور الكبير لمدينة دبي ابتداءً من المشروع الاستراتيجي لمطار آل مكتوم مروراً بتوجه مدينة دبي لتكون الأذكى عالمياً، ومن ثم وصولاً إلى إقامة معرض إكسبو 2020م الذي يعد فرصة ذهبية للشركات الفرنسية وغيرها للاستثمار في دولة الإمارات.

نحو 7.3 مليارات دولار التبادل التجاري غير النفطي

ومن حيث حجم التبادل التجاري مع فرنسا تأتي الإمارات في المرتبة الثانية في دول المنطقة بعد المملكة العربية السعودية التي وصلت فيها قيمة المبادلات التجارية إلى 9,4 مليارات يورو في ذلك العام، وتتصدر دولة الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمبيعات الفرنسية، حيث تحتل الحيز الأكبر بنسبة 42 في المئة متفوقةً بذلك على جميع دول المجلس الأخرى.

وسجل إجمالي التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وفرنسا في 2017 نحو 7.3 مليارات دولار، فيما تشكل الاستثمارات الفرنسية نحو 4.5% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الإمارات.

وتمثل دولة الإمارات وحدها 45 في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول الشرق الأوسط في فرنسا، علماً بأن حوالي خمسين شركة في فرنسا مملوكة بشكل كلي أو جزئي من قبل رؤوس أموال إماراتية. كما شهدت العلاقات بين الإمارات وفرنسا في مجال الدفاع والتعاون العسكري تطوراً ملحوظاً، وذلك ضمن مرجعية اتفاقيات الدفاع والتعاون المبرمة بين البلدين.

تفاهم وثقة متبادلة

وقي فبراير الماضي، أكد الشيخ محمد بن زايد خلال استقباله في أبوظبي رئيس الوزراء الفرنسي&إدوار فيليب، أن دولة الإمارات تولي أهمية خاصة بالعلاقات مع جمهورية فرنسا وتعمل على دفعها إلى مجالات أرحب من التعاون والعمل المشترك، مشيرا إلى أنها تعد نموذجاً متميزاً للعلاقات بين الدول الصديقة القائمة على أسس التفاهم والثقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

&

&

33 زيارة رسمية في 4 أعوام

وقد بلغ عدد الزيارات الرسمية المتبادلة التي تمت بين فرنسا والامارات خلال الأربعة أعوام الأخيرة منذ بداية عام 2015 وحتى العام الجاري نحو 33 زيارة.