لندن: تجري رئيسة الوزراء البريطانية الإثنين مساعي أخيرة لاقناع النواب بدعم اتفاق بريكست في وقت قضت محكمة العدل الأوروبية بان لبريطانيا الحق في التراجع عن قرارها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون الحصول على موافقة دوله الأعضاء.

وسارع الاتحاد الأوروبي الى التأكيد بعد قرار المحكمة رفضه إعادة التفاوض على الاتفاق، معتبرا ان لا خيار آخر غير مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي.

ويغذي قرار المحكمة الأوروبية النداءات الموجهة لتنظيم استفتاء جديد لوقف عملية بريكست وعشية تصويت حاسم للنواب البريطانيين سيحدد مصير بريكست ومصير تيريزا ماي التي يبدو أن حكومتها تتجه نحو هزيمة نكراء الثلاثاء في مجلس العموم في ما يتعلق بالاتفاق الذي وقعته مع بروكسل في تشرين الثاني/نوفمبر. وقد تؤدي هزيمتها الى الإطاحة بها.

وذكرت متحدثة باسم مكتب رئيس مجلس العموم البريطاني الإثنين لوكالة فرانس برس إن تيريزا ماي ستلقي كلمة أمام البرلمان الساعة 15,30 بتوقيت غرينتش اليوم، وسط تقارير تفيد أن الحكومة ستؤجل التصويت الحاسم على اتفاق بريكست مع الاتحاد الأوروبي.

ويحدد نص الاتفاق شروط انفصال بريطانيا عن أبرز شركائها التجاريين بعد 46 سنة، وهو أهم اتفاق يطرح على مجلس العموم منذ سنوات. وقد يطرح تكبدها خسارة كبيرة تحديات فورية أمام ماي سواء من داخل حزبها المحافظ أو حزب العمال المعارض.

كما قد يدخل ذلك عملية بريكست الشائكة في حالة إرباك وضياع ويعزز سيناريو احتمال الخروج بدون اتفاق قبل أقل من أربعة أشهر من موعد الانسحاب المقرر في 29 آذار/مارس.

وتتعرض ماي لضغوط لتأجيل التصويت ومحاولة التفاوض على مزيد من التنازلات قبل قمة مقررة الخميس والجمعة مع 27 من قادة الاتحاد الأوروبي.

لكن وزير البيئة مايكل غوف، وهو أحد مؤيدي بريكست المؤثرين، قال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن التصويت سيمضي قدما، مشككا في إعادة التفاوض على الأمور الرئيسية.

وحذر غوف من أن "إعادة فتح ملف التفاوض في أمور أساسية يضع بريطانيا أمام المجازفة بقيام دول الاتحاد الأوروبي بتغيير الاتفاق "بطريقة قد لا تكون بالضرورة لصالحنا".

واستبعد مسؤولو الاتحاد الأوروبي أي تغيير في صفقة بريكست، لكن بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي تحدثوا عن إمكانية حدوث تغييرات في الإعلان السياسي المصاحب بشأن العلاقات التجارية المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد الخروج.

وأكدت المحكمة الأوروبية الإثنين في ردّها على دعوى رفعتها مجموعة من السياسيين الاسكتلنديين أن "للمملكة المتحدة حرية إلغاء الإخطار بشأن نيتها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بشكل أحادي الجانب".

وأفادت المحكمة أن "إلغاء من هذا القبيل، يتم تقريره بالتوافق مع متطلباتها (بريطانيا) الدستورية الوطنية، وسيبقي المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي بموجب الأحكام ذاتها" المطبقة في وضعها كعضو في التكتل.

في المقابل، أكدت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي قدم للندن اتفاق بريكست "الأفضل والوحيد الممكن"، ولن يعيد التفاوض عليه.

وقالت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية مينا اندريفا إن "موقفنا لم يتغيّر وبالنسبة إلينا فإن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس 2019".&

ويحذر بنك إنكلترا ووزارة الخزانة من أن خروج بريطانيا بدون اتفاق من الاتحاد الأوروبي قد يتسبب بأزمة اقتصادية.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت هزيمة ماي في البرلمان قد تعزز موقعها في أي إعادة تفاوض، قال غوف: "لا، أعتقد أنه سيكون بمثابة تجريدها من أداة مهمة وإضعاف موقفها".

"خطر" وصول العمال إلى السلطة

وتحدثت ماي مع رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك ورئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار، ويتوقع أن تلتقي نواباً الاثنين في محاولة لضمان تأييدهم.

ويصر فريق ماي على أن رؤيتها توفر أفضل سيناريو لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي الذي يمكن أن يأمل به مؤيدو بريكست في هذه المرحلة المتأخرة.

وفي مقابلة مع صحيفة "ذي ميل" الأحد، لوحت ماي بشبح إجراء انتخابات مبكرة وإمكانية عودة حزب العمال إلى السلطة للمرة الأولى منذ عام 2010.

وقالت إن احتمال وضع زعيم المعارضة "جيريمي كوربن يده على السلطة خطر لا يمكننا أن نغامر به".&

وذكرت الصحف أسماء أكثر من ستة وزراء حاليين وسابقين في حكومة ماي هم أيضا على استعداد للترشح مكانها إذا هُزمت &رئيسة الوزراء في الأيام المقبلة.

واستبعد غوف أن يصبح هو رئيساً للوزراء. وقال إن "الحديث عن تولي القيادة في الوقت الحالي هو صرف الأنظار عن المسألة الحرجة" المتصلة ببريكست.

وأشاد أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي بقرار المحكمة الأوروبية الذي ينص على أن موافقة الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غير ضرورية لكي تلغي بريطانيا قرار انفصالها.

لكنغوف قال، "لا نريد البقاء في الاتحاد الأوروبي... صوَّتنا بوضوح شديد".

تنازلات

وسيكون أمام ماي عمل شاق لضمان شروط انسحاب أفضل يقبلها الحزب الديمقراطي الوحدوي الإيرلندي الشمالي الذي دعم حكومتها لأكثر من عام.

وقال مسؤولون أوروبيون إنهم قد يكونون قادرين على إيجاد وسيلة لتقديم تنازلات رمزية يمكن أن تحملها ماي معها إلى لندن.

وقال مصدر أوروبي مطلع لوكالة فرانس برس اشترط عدم ذكر اسمه، "قد يعمل الجانبان على البروتوكول (المصاحب) او توضيح نقطة تعتبر مهمة حتى تتمكن من عرضها على على البرلمان".

وقد تتمكن ماي بعد ذلك من عرض النسخة المنقحة للتصويت مجدداً في موعد غير محدد في كانون الأول/ديسمبر أو كانون الثاني/يناير.