مع تقاطع المصالح الأميركية الروسية في المنطقة، ما هو مصير لبنان من ضمن تقاطع تلك المصالح، وهل فصول الحرب الباردة بين الجبارين تضع لبنان في موقع المساومة؟.
بيروت:
يرى المراقبون أن واشنطن ليست في وارد "تدمير" الدولة اللبنانية، لا بل العكس هو ما تريده، ولا وزارة الدفاع الأميركية في وارد قطع مساعداتها عن الجيش اللبناني خصوصًا أنه أثبت كفايته وجدارته، وهو يقوم بمسؤولياته على أفضل وجه بالمقارنة مع ظروفه الصعبة.
وربما تراقب واشنطن عذر سعي موسكو للتغلغل في الساحة اللبنانية، إن عبر إمساكها بالسماء اللبنانية، أو عبر دخولها على خط المساعدات العسكرية للجيش، أو حتى عبر استمالة الشارع اللبناني، ولذلك تريد موسكو قمة أميركية ـ روسية لترسيم الحدود بينهما.
ومع تقاطع المصالح الأميركية الروسية في المنطقة، ما هو مصير لبنان من ضمن تقاطع تلك المصالح؟
يؤكد الكاتب والإعلامي عادل مالك في حديثه ل"إيلاف" أن السؤال يبقى محوريًا ويختزل العناوين العريضة لواقع الأمور في لبنان.
ويلفت مالك إلى أن لبنان يبقى دولة صغيرة لكن لفترات زمنية غير قصيرة كان دولة بأبعاد إقليمية ودولية، ولكنه الآن في الآونة الأخيرة أصبح مستهدفًا من العديد من الأطراف الإقليمية ولبنان لم يعد تلك الأولوية المطلقة بالنسبة للدول الكبيرة، ولفترة معينة كان لبنان صاحب الدور الكبير بالنسبة للتقدم، والتميز بين دول المنطقة، وتغيرت الأمور كثيرًا ما يجعلنا نستنتج بأنه عندما لا يكون لبنان ذو اهمية بارزة يصبح دوره متخلفًا على الصعيد الإقليمي والدولي، ويتحول من وطن مبادر إلى وطن يتلقى الصدمات من هنا وهناك دون تمكنه من لعب دور أكثر إيجابية وفاعلية.
ولبنان يبقى ورقة يستخدمها فريق إقليمي دون أن يكون مؤثرًا أو فاعلاً، ويبقى لبنان بموضع المتلقي والمفعول به أكثر مما هو فاعلًا كما كان دوره التاريخي.
ويشير مالك الى تقرير هام من الإدارة الأميركية يفيد بأن على اللبنانيين أن يقلقوا متى بدأت فصول الحرب في سوريا تنحسر تدريجيًا، وهذا ما حصل فعلاً حيث لبنان يبقى غير قادر على مواجهة مخططات الكبار مع الإشارة الى موضوع النازحين السوريين وهو يشكل عبئًا كبيرًا على الواقع اللبناني.
ولبنان سيضطر إلى تقبل نتائج الحرب في سوريا.
ويضيف مالك :"لبنان لم يعد باستطاعته مواجهة الأحداث الإقليمية، وتداعيات بداية نهاية الحرب في سوريا، وعلى لبنان أن يتنبه لخطورة الوضع القائم، إضافة الى ما يسمى بنشوء ازمة الأنفاق بين لبنان وإسرائيل."
قمة أميركية روسية
ولدى سؤاله هل من سعي من قبل موسكو كما ذكر لقمة أميركية روسية لترسيم المصالح بينهما في المنطقة؟ يؤكد مالك أن الأمر يبقى صحيحًا كتصور عام، ولكن علينا أن نقول إن إنهماك الروس في المنطقة يجعل روسيا في موقع متقدم بالنسبة للنفوذ الأميركي الذي كان سائدًا في العديد من السنوات.
ويلفت مالك إلى أننا هنا نتحدث عن توسيع مناطق النفوذ في المنطقة بين الروس والأميركيين.
ومن المبكر الحديث عن أي فض نزاع أو اقتسام مناطق النفوذ بين روسيا وأميركا، ولكن الوضع في لبنان مع الرأي العام الدولي لا يريده مسرحًا لعمليات أمنية تثير قلق المنطقة، لكن في الوقت عينه لم يعد لبنان يمثل تلك الأهمية الكبرى عندما كان التنافس في الشرق والغرب على الإمساك به، والوضع ليس مريحًا على الإطلاق، وهذا يوجب على اللبنانيين التنبه لمخاطر المرحلة.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، يضيف مالك، وفي عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يعد لأميركا ذلك الدور الريادي في المنطقة، فالصف الأول لروسيا بوتين، ولبنان خاضع لتجاذبات دولية بخاصة إذا علمنا أن الصراع القائم في المنطقة يتخطى الحدود اللبنانية ونخشى أن يتحول لبنان "كمسيرة حية" يمكن أن تستنزف من قبل هيئة دولية سواء الغرب الأميركي أو الشرق الروسي الذي يسعى الى تشديد قبضته وترسيخ أقدامه في المنطقة.
ويضيف مالك أنه عندما نشهد فصول الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو هذا يضع لبنان في موقع المساومة عليه ولا يفيده.
&