تقول أغلبية قراء "إيلاف" إن حسم الموقف البريطاني بشأن بركسيت يتجه نحو ترتيبات جديدة، وهذا ما يؤكده النقاش الحامي الدائر في الساحة السياسية البريطانية، مع الدعوة إلى استفتاء جديد، أو خيارات تصويتية أخرى في البرلمان.

تطورت الأوضاع في بريطانيا بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي بشكل متسارع، مع عجز رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تمرير مشروعها، وإعلانها الاثنين أنها ستعود إلى البرلمان البريطاني للتصويت على خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي في منتصف يناير المقبل، متعهدة الحصول على تطمينات من الاتحاد لحل الأزمة العالقة.

في مواكبة لهذا الحدث، سألت "إيلاف" قراءها في استفتائها الأسبوعي: كيف ترى حسم الموقف البريطاني مع الاتحاد الأوروبي؟ شارك في هذا الاستفتاء 396 قارئًا، قال 112 منهم إن هذا الحسم هو "طلاق نهائي"، بنسبة 28 في المئة، بينما أكدت الأغلبية (284 قارئًا) إنها بمنزلة "ترتيبات وخيارات جديدة"، بنسبة 72 في المئة.

وضع صعب

لا شك في أن ماي تواجه وضعًا صعبًا، خصوصًا بعد تهديد حزب العمال البريطاني المعارض بالدعوة إلى تصويت رمزي لسحب الثقة منها إذا لم تحدد موعدًا بالعودة إلى البرلمان للتصويت على "بركسيت"، فقالت إن البرلمان سيناقش الاتفاق في يناير المقبل، ثم يصوت عليه في الأسبوع الذي يبدأ في 14 منه.

وصرحت ماي أمام البرلمان في ظل صيحات الاحتجاج: "أعلم أن هذا الاتفاق لا يعتبره الجميع مثاليًا، لكنه حل وسط، وإذا جعلنا المثالي عدوًا للجيد فإننا نخاطر بالخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق"، ما لا يلائم بريطانيا على المدى البعيد.

أضافت: "الاتحاد الأوروبي عرض تقديم المزيد من الإيضاحات بشأن أكثر جوانب هذا الاتفاق إثارة للخلاف، وأن الحكومة تسعى بلا توقف إلى الحصول على المزيد من التطمينات السياسية والقانونية"، خصوصًا أن التنازلات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لا ترضي أعضاء البرلمان البريطاني، وأن عدد الداعين لإجراء استفتاء ثانٍ في ازدياد.

ماي تحذر

هل صار الاستفتاء الثاني قدرًا محتومًا؟ يقول وزراء في حكومة ماي إنه يمكن تجنب هذا الاستفتاء إذا اختبرت الحكومة سيناريوهات الخروج من خلال إجراءات تصويتية في البرلمان.

على الرغم من تزايد الدعوات إلى إجراء استفتاءٍ ثانٍ على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، باعتبار أن الاستفتاء الذي جرى في 2016 لم يحسم سوى بأغلبيةٍ طفيفةٍ بلغت 52 في المئة من الموافقين على الخروج من التكتل الأوروبي، إلا أن ماي تصر على عدم ذهاب البريطانيين لصناديق الاقتراع مرة أخرى للتصويت على هذه المسألة.

وحذرت ماي الاثنين النواب من تأييد إجراء استفتاء ثان على بركسيت، قائلةً: "«دعونا لا نفقد ثقة الشعب البريطاني، من خلال محاولة إجراء استفتاء آخر، فإعادة الاستفتاء ستؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها في استقامة سياساتنا، وستضر&كثيرًا بصدقيتنا، وستؤدي إلى انقسام المجتمع البريطاني، علمًا أن&اتفاق بركسيت الحالي هو أفضل الممكن".

كما أكدت أن الاتحاد الأوروبي ملتزم مسودة اتفاق بركسيت، وأنه يريد علاقات قوية مع بريطانيا.

أزمة دستورية

من جانبه، قال جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، إن بريطانيا تشهد أزمة دستورية، واصفًا ماي بأنها "مهندسة" هذه الأزمة.

ووجه كوربين انتقادات لاذعة إلى ماي بسبب تأجيل تصويت البرلمان على الصفقة بشأن شروط انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي التي توصلت إليها الحكومة مع الاتحاد. وقال أمام مجلس العموم البريطاني الاثنين: "على المجلس المضي قدمًا بالتصويت والتحرك نحو دراسة الخيارات الواقعية، ولا يمكن أن يكون هناك سبب منطقي لهذا التأجيل… باستثناء عدم وجود التأييد لرئيسة الوزراء من قبل حكومتها".

أشار كوربين إلى أن ماي كانت ستطرح هذه الصفقة على تصويت البرلمان هذا الأسبوع، متهمًا ماي بأنها "لم تحقق شيئًا خلال القمة الأوروبية".

كما صرح المتحدث بلسان حزب العمال قائلًا إن رئيسة الوزراء "كانت مضطرة لإعادة صفقتها السيئة إلى البرلمان بسبب التهديد بالتصويت على سحب الثقة منها، وحزب العمال لن يسمح لها بافتعال هذا الخيار المزيف بين السيئ&والأسوأ".

خيارات عدة

قالت مارغريت بيكيت، النائبة عن حزب العمال المعارض والمؤيدة للاستفتاء: "سيكون التصويت الجديد مختلفًا عن استفتاء 2016، لأننا نعرف الآن أكثر حول بركسيت".

أضافت: "كل جهد مبذول لإجبار بريطانيا على الخروج من دون التحقق من أن هذا الأمر يحظى بموافقة الشعب البريطاني سيزيد من الانقسامات".

إذا فشل البرلمان في الموافقة على نص الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فإن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن الاتفاق، وهو احتمال يحذر الخبراء من أنه قد يؤدي إلى خلل تجاري خطر وأزمة مالية لا تحمد عقباها.

إلى ذلك، ثمة اقتراح آخر مطروح ينص على أنه في حال عدم تمرير الاتفاق في البرلمان، سيطلب من أعضاء البرلمان التصويت على خيارات عدة لمحاولة تحديد الخطوات التي يجب اتخاذها بعد ذلك.

وأعلن وزير الأعمال غريغ كلارك في حديث صحفي أنه يجب الطلب من البرلمان أن يوضح ما الذي يوافق عليه، بدلًا من انتقاد الاتفاق الذي توصلت اليه ماي.

ثمة تقارير تفيد أن وزراء آخرين في الحكومة يفضلون سيناريو مطالبة النواب بالتصويت على خيارات عدة، ربما تتضمن خروجًا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، أو إجراء استفتاء ثانٍ، أو خيار النروج للحفاظ على علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي.