أثار زواج طفلين في مصر، الكثير من الغضب على المستويين الرسمي والشعبي، وتدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة، لمنع اكتمال الزواج، وطالب نشطاء سياسيون بضرورة تجريم ظاهرة زواج الأطفال.

بعد أن انتشر مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر طفلين أثناء إتمام مراسم الخطوبة، أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة، أنه نجح في إحباط زواج الطفلين بمحافظة كفر الشيخ.

وقالت الأمينة العامة للمجلس القومي للطفولة والأمومة، الدكتورة عزة العشماوي، إنه تم رصد هذه الواقعة عن طريق خط نجدة الطفل (16000) وتم تسجيله برقم (148479)، وعلى الفور تم تكليف اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة كفر الشيخ لأعمال شؤونها والتقصي عن هذه الواقعة وتقديم تقرير بشأنها.

وأضافت في تصريح تلقته "إيلاف" أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، حيث تقوم اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة كفر الشيخ بتوعية أسرة الطفلين بمخاطر الزواج المبكر وأخذ التعهد اللازم على والدي الطفلين بحسن رعايتهما، وعدم تكرار ذلك ووقف أي إجراء في هذا الزواج لحين بلوغ الطفلين للسن القانونية للزواج، حتى يكون لديهم الوعي الكامل لتحمل المسؤولية في هذا الشأن.

واعتبرت أن هذا الزواج يعد انتهاكا صارخا لحقوق الطفل، مشيرة إلى أن نشر مثل هذه الصور هو تشهير بالأطفال ومخالف للمادة «١١٦»مكرر ( أ )من قانون الطفل، مناشدة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدم تداول هذه الصور لما فيها من انتهاك لحقوق الطفل.

ولفتت إلى أن المجلس يقوم بدوره الفعال في مناهضة زواج الأطفال، مشددة على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها حماية الأطفال من أي انتهاكات أو عنف يمكن أن يتعرضون له، موضحة أن السن القانونية للزواج سواء للفتيات أو الذكور هي&18 عاما وذلك وفقا لقانون الأحوال المدنية وقانون الطفل.

وقال صبري عثمان، المنسق العام لخط نجدة الطفل، إنه فور تلقي بلاغ خطبة طفلي كفر الشيخ، تم إرسال جميع الأوراق للجنة الحماية الفرعية للتواصل مع الأسرة، منوهًا بأن والد الطفل فارس قد وقع على إقرار بأنها مجرد خطوبة، وأنه لن يكون هناك زواج إلا ببلوغ الأطفال السن القانونية.

وأضاف في تصريحات له، أن فكرة الخطوبة في هذه&السن مرفوضة تمامًا لأنه من المتعارف عليه أن&الخطوبة يعقبها سريعًا الزواج.

وأوضح أن زواج الأطفال عادة مجتمعية ونعمل على مكافحته، متابعًا: "لن يتم القضاء عليه إلا بإصدار قانون يجرم زواج الأطفال، وأننا نعمل على توعية الأهالي بهذا الأمر لكنها لا تؤتي ثمارها بالشكل المطلوب"، مشيرا إلى أن نسبة زواج الأطفال في المجتمع المصري تتعدى 14%، لافتًا إلى أن النسبة الأعم من هذا الزواج تواجه الفشل، وأنه تم تقديم قانون لتجريم زواج الأطفال إلى مجلس النواب منذ أكتوبر 2017، ونطالب بسرعة إصدار التشريع لردع هذا الزواج.

بينما قالت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن ظاهرة زواج الأطفال تزيد من قضايا أخرى كأطفال بلا مأوى، وارتفاع نسب الطلاق.

وأضافت أن زواج الأطفال أصبح ظاهرة مجتمعية ذات خطورة مرتفعة تهدد أطفال مصر، والتي كشف عنها التعداد المصري الأخير، والذي جاء به أن نسبة المتزوجين ضمن الفئة العمرية من 18 و 16 عاما بلغت 18,3 مليون نسمة، وهو عدد صادم في ظل ما تم النص عليه بالدستور المصري بالمادة رقم 80 من أن سن الطفولة هي&سن 18 عاما، إلى جانب ما أكدته المادة 2 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر كالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته لسنة 1990.

وقال رئيس الجمعية، محمود البدوي، إن كافة الدراسات التي أجريت حول الظاهرة تؤكد على حالة الفراغ التشريعي بالنسبة لها، وعلى الرغم مما&تمثله من خطورة على مستقبل أطفال مصر في ظل نتائج المسوح الديموغرافية الصحية في مصر وبخاصة من 2014 وحتى الآن والتي أظهرت أن نسبة الإناث المتزوجات من 15 حتى 19 عاما تصل إلى 14.4%، وبالمخالفة لما صادقت عليه الدولة المصرية من مواثيق دولية نصت صراحة على تحريم الزواج المبكر للأطفال دون سن الـ18 عاما.

وأوضح لـ"إيلاف" أن هذا الزواج يؤدي&إلى زيادة عدد المواليد وارتفاع معدلات الطلاق وما يترتب عليه من أزمات بالمجتمع، الأمر الذي يتعين معه وجود عقوبة رادعة لمن يزوج الأطفال دون السن، من منطلق أن زواج الأطفال يمثل قضية أمن قومي تحتاج للنظر إليها وتعديل منظومتها التشريعية والعقابية بشكل عاجل بما يرتب عقوبات رادعة على ولي الأمر أو المسؤول عن الطفل والذي لم يكن هناك نص عقابي صريح يعاقبه على جريمته.

وقالت مسؤولة ملف المرأة بالجمعية، رباب عبده، إنهم تقدموا بمقترح متكامل لتجريم ظاهرة زواج الأطفال وكافة مظاهرها التحضيرية مثل الخطبة، والذي عكف على إعداده عدد من القانونيين والمتخصصين في شأن حقوق الطفل والمرأة، وارتكز في إعداده على الإحصائيات والدراسات الرسمية الصادرة عن المجتمع المدني للوقوف على مسببات هذه الظاهرة وكافة المشاركين فيها من أطراف.

وأكدت أنه تم تسليم المقترح لرئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان في ديسمبر 2017 ، وفي ظل وجود مقترح مماثل عن ذات الظاهرة مقدم للبرلمان من وزارة العدل إلا أنه وحتى الآن لا يوجد تقدم في خروج هذا التشريع الهام للنور، ولخلق مسار قانوني فاعل يسير جنبًا إلى جنب مع المسار التوعوي الذي سيعالج ويحد من مسببات الظاهرة ذات الخطورة العالية على الصحة البدنية والنفسية للأطفال.