بشكيك: تتذكر أصيلة عالمكولوفا والدموع في عينيها اليوم الذي نقل فيه زوجها إلى مركز لإعادة التأهيل في إقليم شينجيانغ الصيني حيث تمارس السلطات قمعا شرسا ضد الأويغور وأقليات أخرى في آسيا الوسطى.

وتؤكد المرأة أنها لم تسمع منذ عام صوت زوجها وهو قرغيزي مسلم مولود في الصين. وقد وضعت صوره على طاولة في المطبخ في منزلهما في بشكيك، عاصمة قرغيزستان الدولة الواقعة في آسيا الوسطى والمحاذية لإقليم شينجيانغ.

بعد أسابيع من آخر اتصال هاتفي، قالت السيدة البالغة من العمر 33 عاما إنها تلقت اتصالا من ممثلة لشركة زوجها. وقد أعلنت لها أنه "أرسل للدراسة" في معسكر. وأضافت "سألتها ماذا سيدرس؟"، لكن الرد الوحيد كان تأكيد بأن الشركة "تحاول إعادته".

وتؤكد سلطات شينجيانغ الصينية (شمال غرب) أن هذه المنطقة الحدودية هي مفترق أساسي لمشروعها "طرق الحرير الجديدة"، الذي يتألف من مجموعة من مشاريع البنى التحتية التي يفترض أن تربط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا خصوصا عبر آسيا الوسطى.

لكن بالنسبة لمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الواقع مختلف تماما. فقد تحول الإقليم إلى دولة أمنية يحتجز فيها نحو مليون من الأويغور ومن أقليات مسلمة أخرى (القرغيز والكازاخستان....) في شبكة واسعة من معسكرات إعادة التأهيل باسم مكافحة النزعة الانفصاليو والاسلام المتطرف.

وتنفي الصين أي قمع لكن خلال عام واحد تحول مصير مليون ونصف مليون من الكازاخستانيين في شينجيانغ إلى قضية ساخنة في أكبر بلد في آسيا الوسطى.

في قرغيزستان، لم تظهر المخاوف بشأن القرغيز الصينيين الأقل عددا، إلا مؤخرا بعد شهادات عن توقيف شقيق نائب.

- "لجنة حماية" -

في تشرين الثاني/نوفمبر، شاركت أصيلة عالمكولوفا في إنشاء لجنة لحماية القرغيز الذي يعيشون في الصين. وتطالب هذه المنظمة حكومة بشكيك بالضغط على بكين مصدر الدعم الاقتصادي المهم لهذا البلد الفقير والجبلي.

ويؤكد سيد بيك عيسى اولو العضو في اللجنة ثد يكون ستة من أقربائه محتجزين. وقال "إنهم أشخاص عاديون رعاة أغناك تجار صغار. لا يمكنني أن اصدق ما حدث لهم".

وتشكل أصيلة عالمكولوفا وزوجها خير بيك دولوتخان وحدهما رمزا للعلاقات بين شينجيانغ وآسيا الوسطى. فقد وصل إلى قرغيزستان للعمل مترجما في 2005، ثم أصبح في 2011 المدير التنفيذي لمنجم للفحم تستثمره الصين في جنوب البلاد.

في نهاية 2016 ومع تسلم رئيس جديد للحزب الشيوعي الصيني مهامه في شينجيانغ، استدعي دولوتخان إلى مقر مؤسسته. في تشرين الأول/أكتوبر 2017 توقف هاتفه عن العمل.

وقالت زوجته إن "ابننا في الثانية عشرة من العمر وفي المدرسة يسألونه ماذا حل بوالدك؟".

وكان القرغيزستانيون والكازاخستانيون في منأى نسبيا عن القمع الصيني الذي يهدف رسميا إلى مكافحة التطرف الإسرلامي بينما أدت اعتداءات نسبت إلى الأويغور إلى سقوط مئات القتلى في السنوات الأخيرة في الصين.

ويعتبر الرئيس الجديد للحزب الشيوعي الصيني في المنطقة تشين كوانغو مهندس هذه السياسة الجديدة للاحتجاز التي أثار إدانة كبيرة في الخارج.

وأكد نائب قرغيزستاني من أصل صيني لوكالة فرانس برس عن طريق مساعده أن شقيقه أوقف في الصين لكنه يرفض التحدث في هذه القضية علنا.

وا:د ناق باسم وزارة الخارجية في إقليم شينجيانغ أنه لا يعرف شيئا عن توقيف هذا الرجل وتحدث عن "شائعات". وأكد مسؤولون في وزارة الخارجية الصينية لفرانس برس أيضا أن لا علم لهم عن توقيف قرغيزستاني.

من جهتها، لم ترغب وزارة خارجية قرغيزستان التعليق على القضية مكتفية بالقول إن شينجيانغ قضية "حساسة".

- مراكز "تربوية" -

نفت الصين لفترة طويلة وجود معسكرات احتجاز. ثم، بعد نشر صور التقطتها الأقمار الاصطناعية وتسريب وثائق رسمية على الانترنت، تحدثت عن "مراكز تربوية" تعلم اللغة الصينية والرياضة والرقص الشعبي.

وكشف تحقيق أجرته وكالة فرانس برس في تشرين الأول/اكتوبر أن هذه المراكز التي يبلغ عددها 181 وتنتشر منذ 2014 في شينجيانغ تشتري خصوصا هراوات وأغلال وأجهزة لرش الغازات المسيلة للدموع.

وتفاصيل التوقيف مصدرها خصوصا شهادات معتقلين سابقين. وقد أفرج عن اورينبيك كوكسيبيك المولود في الصين من سجن في شينجيانغ في نيسان/أبريل الماضي بعد احتجازه خمسة أشهر.

ووصف لفرانس برس دروس التربية السياسية وحالات الإهاة. وهو يخشى أن يكون احتجازه قد أثر على صحته بشكل كبير.

وقال "بدأت أفقد الذاكرة أنسى أسماء الناس والشوارع (...) وكلما مر الوقت أشعر أن الناس يفقدون ثقتهم بي".