بدأت بعض الفتاوى الدينية الرسمية وغير الرسمية تنطلق في مصر مشددة على وجوب التصويت للسيسي شرعًا رئيسًا لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تشهدها البلاد في مارس وذلك في مواجهة مقاطعة يدعو إليها ناشطو المجتمع المدني.

إيلاف من القاهرة: قبل أيام من بدء الدعاية الرسمية للانتخابات الرئاسية المصرية، حرصت المؤسسات الدينية الرسمية وبعض الشيوخ غير التابعين لهذه المؤسسات على إصدار العديد من الفتاوى التي أكد مفتيها على ضرورة اتخاذ موقف لمصلحة النظام السياسي، سواء في ما يخص التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة من عدمه، أو في ما يخص تأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي دون غيره، الأمر الذي جعل البعض يصنّف هذه الفتاوى بأنها لمصلحة النظام، وتخدم توجهاته، خاصة بعد دعوة التيارات المدنية إلى مقاطعة الانتخابات، وهو ما اعتبروه يصبّ في عدم نزاهة الانتخابات، ويدل على تورط المؤسسات الدينية في التبعية للسلطة، كما كان يحدث في عهد نظام مبارك.

واجب ديني
أبرز هذه الفتاوى كانت لدار الإفتاء المصرية، بعدما أفتى الدكتور شوقي علام، مفتى الديار المصرية، بأن من لا يدلي بصوته خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة فهو آثم شرعًا، مؤكدًا أن الإسلام أوجب المشاركة الإيجابية في ما يخص مصير الدولة. 

وقال المفتي: "إن الناخب مطالب بالذهاب إلى لجان الانتخابات والتصويت للأصلح"، نافيًا أن يكون ذلك نوعًا من التوجيه لمصلحة مرشح بعينه، وإنما الفتوى شرح لواجب المسلم في الانتخابات.

كما شهدت هذه الفترة تصريحًا للدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، تؤكد على ضرورة مساندة القيادة السياسية في ظل النقد الموجّه إليها من المجتمع الدولي؛ بسبب موقفه من حقوق الإنسان، وأن النظام السياسي الحالي من أكثر الأنظمة التي حافظت على حقوق الإنسان، وتعمل على مصالح الشعب المصري، وطالب الشعب بالخروج في الانتخابات والتصويت للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية.

الدكتور علي جمعة، مفتى الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، أفتى هو الآخر بأن التصويت في الانتخابات شهادة أمام الله، وأن من يترك هذه الشهادة (المقصود عدم النزول والتصويت في الانتخابات)، فهو آثم شرعًا، داعيًا الجميع إلى ضرورة النزول واتباع الواجب الشرعي والديني.

اختيار إلهي! 
بدوره أفتى الشيخ عبيد عبد اللاه، مديرعام منطقة الوعظ الدعوية التابعة لوزارة الأوقاف في محافظة قنا، أن "الله هو من أتى بالرئيس عبدالفتاح السيسي لرئاسة حكم مصر وقيادتها، وأنه لم يأت بنفسه للرئاسة"، مستشهدًا بقول رسول الله: (لا يقع في ملك الله إلا ما يريد)". مطالبًا جميع المواطنين بالوقوف خلف السيسي صفًا واحدًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

على مستوى الفتاوى غير الرسمية، فإن الشيخ محمد سعيد رسلان، أحد أعلام السلفية في مصر، كان من ضمن المتصدرين لهذا النوع من الفتاوى، حيث خرج في وقت سابق، وأفتى في إحدى الخطب، بأن التصويت للرئيس عبد الفتاح السيسي باعتباره ولي الأمر واجب شرعي، قبل أن يخرج في وقت لاحق ويشير إلى أن الانتخابات أمر من خارج الدين، وأن مبايعة السيسى واجبة دون انتخابات.

استعدادًا ليوم القيامة
من جانبه أكد عباس شومان، وكيل الأزهر، أن الأزهر أكد من قبل في كل الاستحقاقات الديمقراطية على المشاركة في العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن دعوة المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات والنزول للإدلاء بأصواتهم تأتي في إطار الدعوة إلى الحفاظ على المصلحة العليا للوطن، وهذا بعيد كل البعد عن التحيّز السياسي، ولا تدخل دينيًا في إرادة ناخب، كما ورد على لسان البعض.

وشدد شومان لـ"إيلاف"، على أن المؤسسات الدينية ليست منعزلة عن قضايا المصريين، ومن واجبها وفقًا للدستور ألا تكون بمنأًى عن تلك القضايا التي تشغلهم، سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية أم سياسية أم غيرها، ومن هنا كانت دعوة المؤسسات الدينية وعلماء الدين إلى حث الناخبين على ضرورة المشاركة بقوة في الانتخابات تتفق مع الواجب الديني والوطني.

وأوضح وكيل الأزهر أن جميع علماء الأئمة أجمعوا على شرعية الانتخابات الحالية، وأفتوا بضرورة المشاركة فيها، لكونها شهادة يُسئل عنها تاركها يوم القيامة.

استمرار التبعية 
على الجانب الآخر، انتقد الدكتور عبد السلام النويري، مدير مركز المستقبل للدراسات السياسية، استمرار تبعية المؤسسات الدينية للدولة كما حدث في عهد نظام مبارك.

وأشار إلى أن المؤسسات الدينية تحتاج ثورة كبيرة داخلها، عن طريق تغيير جميع قيادتها، التي مازالت تؤمن بالتبعية للدولة منذ أكثر من 50 عامًا، وهذه القيادات حريصة على إرضاء السلطة الحاكمة مهما تغيرت، خوفًا على مناصبها؛ ولذلك نجد جميع تصريحات قيادات المؤسسات الدينية تصب في مصلحة إرضاء السلطة، وعلى رأسهم رئيس الدولة.

وقال الدكتور النويري، لـ"إيلاف" في الختام:" إن "الدستور أعطى استقلالًا كاملًا للأزهر، ويجب على قياداته استغلال ذلك حتى يعود إلى مكانته، ويثق فيه المصريون، ثم الشعوب الإسلامية جميعًا".