القاهرة: بالاتساق مع ما يشهده عالم الطب من اكتشافات ثورية من شأنها تحسين حياة البشر وتجنيبهم كثير من المشكلات والأخطار التي لطالما كانت بمثابة الكوابيس بالنسبة لهم في الماضي، ها هم العلماء يعكفون الآن على انجاز مشروع بحثي جديد يطلق عليه "MyCode" وينطوي على أخذ عينة من الحبل السري للجنين وتحليله في المختبر للبحث عما إن كانت هناك طفرات في الشفرة الوراثية الخاصة به أم لا.

وأفادت بهذا الخصوص المجلة التي تصدر عن مؤسسة سميثسونيان البحثية التعليمية بأن ذلك المشروع يُدار الآن من جانب نظام جيسينجر الخاص بالرعاية الصحية وسط بنسلفانيا، وأن ذلك الاختبار الجيني الجديد يعني بتقييم احتمالات اصابة الأطفال بمجموعة من الأمراض والاضطرابات التي قد تصيبهم في مرحلة الطفولة، مثل أمراض القلب غير الطبيعية، التليف الكيسي وارتفاع الكولسترول في الدم.

وأوردت المجلة عن سيدة تدعى شيريل كونولي، كانت حامل في شهرها السابع وقت إخضاع جنينها لذلك الاختبار الجديد، قولها "رغم خضوعي لكل الفحوصات المعتادة هذه الأيام، إلا أني وزوجي وبمجرد سماعنا عن ذلك الاختبار الجيني الجديد للطفل، قررنا على الفور إجرائه، لاسيما بعد سماعنا قصص عن أطفال يموتون أثناء لعب الكرة نتيجة مشكلات في القلب كان بالإمكان منع حدوثها. فلما لا تهتمي بالتعرف على كثير من تلك الاحتمالات واردة الحدوث طالما كان ذلك بوسعك؟".

ومع ذلك، لم تغفل المجلة الإشارة في نفس الوقت إلى أن اتخاذ قرار إخضاع الطفل لذلك الاختبار الجديد ليس بالقرار السهل، فهو من ناحية قد يخبر الأبوين ببعض المعلومات القيمة التي قد تساعدهما على استكشاف أي مشاكل قد تحدث له في المستقبل ومن ثم التحضر لمعالجتها، لكنه من ناحية أخرى قد يكشف لهم عن أمور مفزعة قد لا يكون بالإمكان منعها. وربما كان ذلك سببا في ابداء الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال والكلية الأميركية لعلم الوراثة الطبية وعلم الجينوم اعتراضهما على إجراء ذلك الاختبار الجيني لأمراض بداية مرحلة البلوغ إلا اذا كان هناك تدخلا في مرحلة الطفولة من الممكن أن يحد من معدلات الاعتلال أو الوفيات. 

وتابعت المجلة بتأكيدها كذلك أن التطورات الحاصلة في علم الجينوم تمنح الأبوين الفرصة الآن لإنعام النظر في مستقبل أطفالهم الجيني بطرق ربما لم يتخيلوها مطلقا.

لكن في المقابل، بدأت تبرز بعض التساؤلات الجديدة وفقا لما أوردته المجلة بهذا الخصوص، ومن بينها : هل يحتاج الأبوين لمعرفة كل شيء؟ ما قدر المعلومات التي نود أن نعلمها؟ ماذا يمكن لتلك المعلومات أن تخبرنا في واقع الأمر؟ وهل إذا علمت أن طفلك قد يتعرض لمرض ما في المستقبل ستقوم بمعالجته بشكل مختلف ؟ 

وواصلت المجلة بنقلها عن دكتور ليني فريدمان روس، التي تبحث سياسات الاختبارات الجينية في مركز ماكلين لأخلاقيات الطب السريري بجامعة شيكاغو، قولها "سيخلق هذا الاختبار الجيني الكثير من الضغوط والتوترات غير الضرورية وستصيب الأبوين بالجنون. وقد ينجم عن ذلك تكون جيل جديد من الآباء والأمهات الذين سيكون لديهم شغف دائم بأبنائهم وسيحاولون السيطرة على كل جوانب حياة أطفالهم".

وأمام ذلك، اعترفت المجلة بأن هناك تحسينات كثيرة طرأت بالفعل على علم الجينوم لتشخيص اصابة الأطفال المرضى بالأمراض النادرة خلال الأعوام الخمسة الماضية. ومع هذا، نوه الباحثون في الأخير إلى أن بمقدور الأمهات تحسين صحة أطفالهم بشكل مسبق دون الحاجة لمثل هذه الاختبارات شريطة الالتزام ببعض الأساسيات مثل ممارسة الرياضة، تناول الطعام الصحي، النوم الجيد ليلا واستخدام الكريمات الواقية من أشعة الشمس، حيث تساهم كل هذه العناصر في تقليل حدة المخاطر.

 

أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن "مجلة مؤسسة سميثسونيان" – الرابط الأصلي أدناه :

https://www.smithsonianmag.com/science-nature/now-you-can-genetically-test-your-child-should-you-180968012/