الرباط: قال محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي، إن الإشكالية التي تواجه الميدان الثقافي بالبلد حاليا تكمن في أنه لا يتوفر على نص قانوني يعمل على حماية التراث سواء المادي أو اللامادي، وبالتالي أضحى من الضروري وجود ترسانة قانونية تواكب هذا الأمر، فضلا عن تأطير قانوني، سيساعد في تنفيذ العديد من السياسات في مجالات متعددة، منها أساسا مجال الثقافة.

وأشار الوزير المغربي خلال استضافته في برنامج "مشارف" الذي تبثه القناة التلفزيونية الأولى المغربية، مساء الأربعاء، إلى جملة من المشاكل تعترض المجال الثقافي بالمغرب، منها عدم توفر مجموعة من أقاليم المملكة على فضاءات ثقافية، من مكتبات و مسارح و مراكز ثقافية، خاصة أن الثقافة تفرض تهييء بنيات تحتية من أجل ممارسة الفعل الثقافي.

فضاء للحوار والنقاش

وأقر الأعرج بعدم رضاه على حضور المجال الثقافي في الإعلام، على اعتبار أن الجمع بين المجالين يحمل دلالة معينة، فالثقافة مرتبطة بحرية الفكر والإبداع، والإعلام مطالب بإبراز مختلف جوانب و أبعاد هذا القطاع، الذي يستحق أكثر مما هو عليه حاليا، وهو ما تسعى الوزارة للقيام به تدريجيا من خلال العمل على إطلاق قناة وثائقية و أخرى تعنى بالأسرة والطفل.

وحول رؤيته للمعرض الدولي للكتاب الذي تحتضنه مدينة الدار البيضاء ما بين 8 و18 فبراير الحالي، أفاد أنه يشكل حدثا ثقافيا كبيرا نظرا لخصوصيته كفضاء للحوار والنقاش الحر، ولأنه من أهم المعارض الدولية، فهو يعرف مشاركة أزيد من 45 دولة، و أكثر من 300 باحث ومثقف و 500 عارض.

وشدد الأعرج على ضرورة إعطاء دفعة نوعية لهذا الموعد الثقافي المتميز، والعمل على تقييم دورته الحالية لاحقا من أجل إبراز نقاط القوة والضعف، سعيا إلى جعله من أهم المعارض الدولية على الصعيد العالمي.

وصرح أن وزارة الثقافة والاتصال تعمل على نهج مقاربة جديدة لإعطاء دفعة نوعية للقطاع الثقافي الذي يعد قطاعا استراتيجيا، يستوجب النهوض به في ظل التحديات التكنولوجية، وذلك من خلال مخطط عملي، بهدف تفعيل المكتسبات الواردة في الدستور المغربي، وهو ما تطمح الوزارة الوصية على تحقيقه بإعداد مخطط ثقافي (2017 -2021) لدعم الكتاب.

وحول حضور جمهورية مصر العربية كضيف شرف الدورة الحالية للمعرض، اعتبر الوزير الاعرج أن استضافتها تحمل دلالات كثيرة، فهي معروفة بالكتاب و المثقفين والمبدعين، راكمت العديد من التجارب الثقافية، و هو ما يعطي دفعة قوية للمعرض، بوجود كتاب و مؤلفات صدرت في مصر، إضافة إلى المكانة التي تحتلها ثقافيا، نظرا لأنها أعطت الكثير للثقافة العربية والعالمية.

مقاربة جديدة

وعن السبب وراء عدم استضافة المعرض لجائزة ثقافية وطنية باستثناء جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، قال الأعرج"هناك جائزة للكتاب لكنها لم تنظم في إطار فعاليات المعرض، في مقابل ذلك، أولينا عناية أكثر للكتاب، بإدخال مجموعة من الأصناف، منها كتاب الأطفال و الكتاب الأمازيغي. حاولنا إدراج أنشطة مختصرة، و هناك جوائز أخرى نريد لها أن تكون خارج إطار المعرض الدولي للكتاب لتنال إشعاعا أكبر، فالمجال الثقافي ليس محصورا في المعرض، بل يجب أن يستمر على مدار السنة وليس فقط خلال 10 أيام، حيث يوجد 15 معرضا جهويا في مختلف مناطق المملكة، نسعى من خلالها إلى تقريب الناشرين والكتب من المواطنين و خلق دينامية جهوية".

وبشأن الدعم الذي تقدمه الوزارة للمبدعين والإشكالات التي يطرحها، أفاد وزير الاتصال والثقافة بوجود مقاربة جديدة، تهم دعم المجالات المرتبطة بالثقافة، في إطار القيام بوقفة تأملية و الأخذ بالملاحظات، خاصة في ظل وجود أناس استفادوا من الدعم في سنتي 2014 و2015، لكن من دون أن يقوموا بإنجاز أعمال جديدة.

و زاد الأعرج قائلا"لا بد من وجود شروط قانونية تؤطر هذه المسألة، فالأمر يتعلق بالمال العام الذي ينبغي استثماره في القطاعات التي صرف من أجلها، في ظل إرهاصات تواجه المجال، منها محدودية القراء و إشكالية التوزيع".

و اعتبر الاعرج أن ظاهرة الكتاب المزور تندرج في إطار الإشكاليات التي تشتغل عليها الوزارة، لأنها تؤثر في المجال الثقافي بشكل عام خاصة بالنسبة للناشرين، مما يفرض ضرورة الاعتماد على مقاربة متشددة، بتضافر جهود وزارات كالداخلية والصناعة والتجارة، على اعتبار أن مسؤولية قطاع الثقافة لا ترتبط فقط بالوزارة الوصية عليه، وإنما هناك العديد من المتدخلين، مثل وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي والبحث العلمي، فضلا عن مشاركة القطاع الخاص الذي يلزم بالقيام بكافة المهام الموكولة إليه.