إيلاف من نيويورك: لا يُناقض وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، سياسات إدارة الرئيس دونالد ترمب فحسب، بل يلجأ في كثير من الأحيان إلى مناقضة نفسه عبر إطلاق تصريحات مختلفة حول موضوع محدد.

الرجل القادم من إدارة شركات النفط والغاز إلى قيادة الدبلوماسية الأميركية في العالم سجل سابقة نادرة في العصر الحالي عبر مواقفه التي تتضارب بشكل كلي مع توجهات الإدارة الأميركية، فبات قائد السياسات الخارجية المعارض الأول لرئيس البلاد.

الصورة المعبرة عن تيلرسون

ولعلّ صورة وزير الخارجية الأميركي في بيروت وجلوسه على الكرسي في قصر بعبدا بانتظار وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، ورئيس الجمهورية، ميشال عون، تعكس شخصية تيلرسون بدقة، فالرئيس التنفيذي لإكسون موبيل سابقا يهوى السير بعكس التيار والسياسات المتبعة، فبدلا من ان يستقبله نظيره اللبناني، قلب الضيف الأميركي المشهد رأسًا على عقب، ووصل أولا حيث اضطر الى تمرير الدقائق حتى وصول باسيل وبعده عون.

عقدة التناقض

تناقض الوزير مع نفسه أشد خطورة من تناقض سياساته مع الإدارة، فتيلرسون تحدث في مجلس الشيوخ اثناء جلسة الاستماع عليه والتصويت على تعيينه في منصبه في شهر يناير 2017، "عن أولوية القضاء على داعش، ومكافحة جماعة الاخوان المسلمين بوصفها واحدة من المجموعات الراديكالية المتطرفة"، لكن مفعول هذا الخطاب إستمر لأشهر قليلة فقط، إذ ان الوزير نفسه عاد ليقول، "إن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم بأكمله على لائحة الإرهاب سيعقد الأمور."

تعريف حزب الله!!

وإذا كان الجدل المثار حول جماعة الاخوان المسلمين ووجود بعض من فروعها في البلاد العربية والإسلامية في صلب السلطات والحكومات، قد يوفر فرصة لتيلرسون للتنصل من تصريحاته السابقة، فإن تصريحاته المتضاربة حول حزب الله بين يوم وآخر شكلت صدمة غير متوقعة بالنسبة إلى الجميع، فأشد المؤيدين للحزب لم يتوقع ان يصدر ما صدر عن تيلرسون يوم الأربعاء بعدما قال، "إنه يجب الاعتراف بالحقيقة القائلة إن حزب الله هو جزء من العملية السياسية في لبنان"، ليعود يوم أمس ويقول إن "حزب الله منظمة إرهابية ولا فرق بين جناحيه السياسي والعسكري".

رجال العهد السابق في الطابق السادس

ومن كوريا الشمالية إلى الخليج مرورًا بإيران وأوروبا وانتهاء بأميركا الجنوبية، يقف تيلرسون على طرف النقيض، ولا يكاد الرئيس الأميركي يرفع من حدة لهجته حتى يبادر قائد الدبلوماسية الى تبريد الأوضاع في خطوات أظهرت الاحداث اللاحقة انها لم تكن مدروسة ومتفقاً عليها، فوزير الخارجية القادم حديثا الى عالم السياسة من عالم البترول يجلس في مكتبه بالطابق السابع في وزارة الخارجية منتظرًا التقارير التي تصله من الطابق السادس حيث يتواجد فريق عمله الذي يضم في صفوفه معظم المسؤولين الذين عملوا بظل عهد وزير الخارجية السابق، جون كيري، ليخرج بالمواقف التي يطلقها قبل أن يعود عنها، كما حدث في كثير من المرات مؤخرًا.