تنظر المحكمة العليا في واشنطن الثلاثاء في ما إذا كان بوسع السلطات الأميركية مطالبة عملاق المعلوماتية مايكروسوفت تسليمها رسائل الكترونية مخزنة على خادم خارج الأراضي الاميركية، وهي مسألة لها تبعات دولية لا يستهان بها.

إيلاف: الجلسة أمام القضاة التسعة في المحكمة العليا موضوع ترقب، وتشكل المرحلة الأخيرة من معركة قضائية عمرها خمس سنوات. إذ يتابعها معسكران، هما، من جهة، مؤيديو تغليب المصلحة العليا متمثلة في تحقيقات الشرطة، ومن جهة أخرى شركات التكنولوجيا الحديثة التي تريد حماية بيانات مستخدميها الشخصية.

بدأت القضية في العام 2013 عند إصدار مذكرة تفتيش تطالب مايكروسوفت بتسليم مضمون حساب رسائل الكترونية استخدمه مشتبه به في قضية تهريب مخدرات. إلا أن تلك الرسائل كانت محفوظة على خادم في إيرلندا، وبالتالي رفضت مايكروسوفت الامتثال إلى المذكرة، بحجة أن ذلك يشبه تفتيش منزل خارج الولايات المتحدة، وهو ما يتجاوز اختصاص المذكرة.

اعتبرت وزارة العدل الأميركية أن مثل هذا الموقف يهدد بعرقلة "مئات وحتى آلاف التحقيقات القضائية". وتمت المعركة أمام القضاء على مرحلتين، ففي البدء أمرت قاضية ابتدائية مايكروسوفت في 2014 بتسليم السلطات كل الرسائل الالكترونية.

ما بعد سنودن 
استجابت المجموعة لأمر القضاء في ما يتعلق بالبيانات المخزنة في الولايات المتحدة، لكنها رفضت القيام بذلك بالنسبة إلى الرسائل المحفوظة في إيرلندا.

إلا أنها كسبت الاستئناف الذي تقدمت به أمام محكمة فدرالية في يوليو 2016 في نيويورك عندما اقتنع القضاة بحجتها بأن السماح بضبط رسائل الكترونية في الخارج يمكن أن يفتح الباب أمام مطالبة محققين أجانب ببيانات محفوظة في الولايات المتحدة.

ساهمت تسريبات المعلومات المدوية التي قام بها إدوارد سنودن المتعامل السابق مع وكالة الأمن القومي "إن إس إيه" في إبراز القضية، فقد أثبت وجود نظام مراقبة للاتصالات والانترنت تقوم به الولايات المتحدة في العالم. منذ ذلك الحين تسود أجواء من الريبة بين السلطات الفدرالية ومجموعات التكنولوجيا في سيليكون فالي، التي تريد حماية مستخدميها الموزعين في العالم.

وصرح رئيس مايكروسوفت براد سميث في الأسبوع الماضي: "لقد قلنا مرارًا إن تحقيق انتصار في هذا الملف مهم حتى يستعيد العالم ثقته في التكنولوجيا الأميركية".

من بين المجموعات الكبرى التي تدعم مايكروسوفت منافستها التاريخية آبل، وعملاقا البيع عبر الأنترنت أمازون وأيباي، ومشغلا الاتصالات "إيه تي أند تي" و"فيريزون" وعملاق المعلوماتية هيولت باكارد.

قانون متقادم
أراد الاتحاد الأوروبي التدخل في القضية، وأرسل حجة إلى المحكمة العليا في واشطن بأن البيانات الرقمية المخزنة في أوروبا من اختصاص القانون الأوروبي، وعلى السلطات الأميركية أن تأخذ علمًا باطار حماية البيانات الذي يطبقه التكتل.

من جهتها، ذكرت فرنسا بـ"تمسكها بتوقيع اتفاقات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف لتفادي مثل هذه الخلافات أو إيجاد حل لها".

في موازاة الإجراء القضائي، تعالت أصوات عدة في الولايات المتحدة مطالبة الكونغرس بالتدخل عندما لاحظت أن الإطار الذي ينص عليه قانون الاتصالات المخزنة الصادر في 1986 بات متقادمًا، ما يزيد من تعقيد المسألة التخزين السحابي للبيانات.

تقول خبيرة الشؤون القضائية جينيفر داسكال إن "سرعة نقل البيانات في العالم، وكون الرقابة يقوم بها طرف ثالث، وإمكان تخزين البيانات في مكان لا علاقة له بالمخالفة أو بالمشتبه به موضوع التحقيق"، يقلل من أهمية الحجة القائلة إن مكان التخزين يجب أن يكون ضمن الاختصاص القضائي.

وحذرت داسكال من أنه "في الوقت نفسه هناك مخاطر بأن ينظر العالم إلى أي انتصار للحكومة الأميركية على أنه تأكيد على حق الشرطة الأميركية في الوصول إلى المعلومات في كل مكان من دون أخذ مصالح الطرف الآخر في الاعتبار، ما سيشكل سابقة ستسعى دول أخرى إلى الأخذ بها".