زبيد: يخشى سكان مدينة زبيد اليمنية من أن تصل المعارك الدائرة على الساحل الغربي للبلد الفقير إلى مدينتهم التاريخية، فتتسبب في سقوط ضحايا في ما بينهم، وفي دمار المنازل والمساجد الأثرية التي ظلت صامدة منذ بنائها قبل عقود طويلة.

من بين هؤلاء السكان، أحمد حسين أحمد، الذي يقطن عند أطراف المدينة، وتضرر منزله قبل أسابيع، بعدما أصيب في قصف خلال اشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.

قال احمد لوكالة فرانس برس، وهو جالس بالقرب من أحد النوافذ الخشبية القديمة عند جدار خارجي لمنزله "دمرت بيوتنا كونها مبنية من الطين المحلي"، داعيًا المنظمات الدولية الى المساعدة على اصلاح الأضرار. وحذر من أي ضربة تصيب احد المنازل في المستقبل "ستتسبب بانهيار السقف علينا".

كانت زبيد عاصمة لليمن بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، واعتبرت في السابق مركزًا للعلوم الإسلامية. وتعد المدينة التي تضم 86 مسجدًا، من بينها خامس أقدم مسجد، من أبرز المعالم العمرانية في بداية الإسلام.

أُدرجت زبيد على قائمة منظمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في عام 1993. وتقع زبيد على بعد نحو 75 كلم جنوب شرق مدينة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر والخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.

أبنية لا تحتمل
يشهد اليمن، الغني بالأبنية التاريخية منذ سنوات نزاعًا داميًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين، الذين تتهمهم الرياض والحكومة المعترف بها دوليًا بتلقي الدعم من إيران، في سبتمبر 2014. 

شهد النزاع تصعيدًا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون الذين تحالفوا مع حزب الرئيس الراحل على عبدالله صالح من السيطرة على مناطق واسعة من اليمن. 

وتحاول القوات الحكومية منذ بداية ديسمبر الماضي التقدم من المناطق التي تسيطر عليها في جنوب ساحل البحر الاحمر باتجاه الحديدة شمالًا، ونجحت في استعادة عدد من البلدات على طول الشريط الساحلي. وخلال الاسابيع الماضية، وصلت المعارك الى أطراف مدينة زبيد.

دفع هذا الامر اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى التحذير من ان هذه المعارك تهدد معالم مدينة زبيد التاريخية. ودعت اللجنة في بيان الأطراف المتقاتلة الى حماية معالم المدينة التي تضم أكبر عدد من المساجد في اليمن.

وفي زبيد، يحذر الحسين عبد الرحمن، المتخصص في ترميم المباني الاثرية، من ان المباني والمساجد التاريخية في زبيد لا تحتمل اي ضربة. ويوضح "في المدينة مباني أثرية كثيرة، ولا تحتمل اي اهتزازات او صواريخ، لانها مدينة قديمة ومسجلة على قائمة +يونسكو". يضيف "يفترض ان يحافظ العالم عليها".

قناطر وأبواب خشبية
في شوارع المدينة، وبين أبنيتها الترابية اللون، التي يبدو بعضها وكأنه قلاع صغيرة، تسير الحركة المرورية والتجارية بشكل طبيعي.

ورغم اقتراب المعارك، بقيت المحال التجارية في الأسواق القديمة، والمؤسسات، مفتوحة، وبينها مكتبة زبيد العامة التي تقع في الطبقة السفلية من مبنى تزين واجهته الخارجية عشر نوافذ تبدو كقناطر مياه صغيرة.

لكن السكان يخشون من ان تبدأ طائرات التحالف العسكري التي تشن غارات ضد مواقع المتمردين في مناطق اخرى، بتنفيذ ضربات بشكل مفاجئ لكون المدينة تخضع لسيطرة الحوثيين. ويعبّر مدير عام الهيئة العامة للمحافظة على المواقع التاريخية في زبيد مختار عبد الصمد عن خوف من ان "يدخل التراث بالاستهداف".

تابع الصمد متحدثا في باحة مبنى تضم خمسة أبواب خشبية قديمة بنية اللون ان هذه المدينة "نناشد المنظمات الدولية ومنظمة اليونسكو بان يشددوا على هذا الموضوع بحيث لا يتم استهداف اي المدينة التاريخية". وشدد على ان المدينة "ملك للعالم، وليس لليمن وحده".