ابو ظبي: في احتفالية كبيرة تعكس مدى غنى التراث والتقاليد والفنون المغربية، يعود الأسبوع المغربي التراثي في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي ينظم من 7 إلى 19 مارس الحالي، ليجدد الموعد مع الجمهور التواق لاكتشاف جمالية المملكة المغربية، من خلال الاطلاع على ملامحها الثقافية والحضارية المتنوعة.

فضاء رحب تسكنه شخوص وتؤثثه أشكال وتفاصيل، تمنحه دفئا وصخبا لا يخلو من لحظات دهشة وانبهار، بما يقدمه من صور متعددة، لوجه واحد، المغرب بلد الحضارة المتجذرة والتراث الأصيل.

رواق فني

رواق يكتسي من الجمال ما يجعله يأسر أنظار الزوار ويمكنهم من عيش تجربة فريدة، ويمنحهم الفرصة في الدورة الجديدة لملامسة قيمة مشروع ثقافي، يقوم على تحديث الأصالة من زاوية إبداعية مبتكرة، مما يتوج انتماء المغاربة لهويتهم المتعددة، والتي تشكل مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لهم.

وتزخر أجنحة وأركان الرواق الفني الذي يحتضن فعاليات الأسبوع المغربي بأبوظبي، بكنوز الصناعة التقليدية، والتي يطل عليها الزائر للمعرض بمجرد أن تطأ قدماه الرواق المغربي، ليعيش تجربة جديدة وفريدة من نوعها تتداخل فيها كل الحواس، ويرتقي الإحساس ليعانق صور الإبداع التي برع فيها الصانع التقليدي المغربي.

ويقف الزائر على رواق فني جديد، يشرف عليه مبدعون شباب يعكسون من خلال أعمالهم، مفهوم الحداثة والابتكار، عبر أساليب حديثة، تأخذ أفكارها من منابع التراث المغربي الأصيل.

على المستوى الهندسي، يتكون الرواق الرئيسي من فناء مركزي، تتحلق حوله القبب، الكل محاط برواق للتجول، ويمثل الفناء قلب المشروع، بحيث تمنح مركزيته و أحجامه المتسعة رحابة و شساعة في المكان، فهو يمثل مسرح الحياة اليومية في الرواق.

ويعتبر الرواق تحفة فنية ناطقة، يكتشف من خلاله الزائر مهارة الحرفيين المغاربة و قدرتهم على الخلق والإبداع، عبر أوانٍ نحاسية معروضة و الفسيفساء والنقش على الخشب والرخام، خاصة أن طيف لون الرواق الرئيسي مستوحى من لون الأرض.

وأحدث مركز الرواق الرئيسي في إطار فناء واسع على شاكلة فضاءات البيوت المغربية التقليدية، زين بقطع من الزليج الرائع، الذي أخذ ألوانه من قاعدة لون الأرض الترابي الخام، وامتد إلى الجدران المحيطة به، لتنعكس عليه أضواء الثريات المعلقة التي تضرب بأشعتها على الحائط والأثاث في حلة بهية متكاملة ومتناغمة.

يستلهم رواق التصميم والشباب المبدع رمزيته من الهندسة التقليدية، ويسعى هذا المجال ليكون مكانًا للتعبير الفني، مستمدًا إلهامه من ثقافة الحرف التقليدية المغربية.

 

مجال المبدعين الجدد

يتكون هذا المجال من مجموعة عوارض عمودية التركيب، يتحدد شكلها باختلاف العلو، مما يساهم في إنشاء حركة متموجة. وتعتلي الرواق ثريا ضخمة، صممت خصيصًا لزقاق، مما يذكر باعتزاز الشعب المغربي بهويته التي تمثل مصدر الإلهام الرئيسي لكل مبدع جديد.

مجال الصناعة التقليدية

وصمم هذا الفضاء على شكل نزهة مرتبة ومنتظمة، الهدف منها إنشاء نموذج مصغر لزنقة في سوق تقليدي، يكون الصناع التقليديون لوحدهم الشخصيات النشطة فيه. وتحف أكشاك العرض و الإيضاح طرفي المحور المركزي، تتوسطه نافورة من رخام الكارار كعلامة لتنظيم السير، ويتكون كل كشك من منصة تمتد على 9 أمتار مربعة، مصنوعة من الخشب، تحدها سواري منحوتة ومرصعة بحلقات من النحاس المنقوش، و تعلو السواري مصابيح مضاءة من نحاس.

تنشيط رواق المعرض

تهم أقسام المعرض كلاً من مجالات الصناعة التقليدية والموسيقى والطبخ والموضة، فضلا عن الشباب المبدع، مما يعبر عن تفرد وغنى التراث المغربي العريق، الذي يعبر عن الهوية والأصالة، من خلال زوايا وأركان مزدانة بكنوز بديعة، تشمل جمالية الإبداع، مما يحمل الزائر لسفر، يعيش فيه تجربة حسية ومرئية عنوانها الإتقان والإبهار.

 

البحث عن الجمال

من أجل تقريب الزائرين أكثر لميدان الصناعة التقليدية التي تعد واجهة مشعة للتراث المغربي حول العالم، واعترافًا بالتميز الذي تشكله، و الإبداع والخبرة والتقنية التي تنفرد بها، سيتم تنظيم عروض يقدمها الصانع التقليدي خلال المعرض، معززة بشروحات للعمل الإبداعي في جوانبه التقنية والفنية، من خلال صناع يبدعون في مجالات نحت الخشب والزليج والنحاس والرخام والمجوهرات والطرز والزربية المغربية و السروج.

عالم التصميم
يعتبر رواق التصميم والشباب المبدع بوابة وفترة فاصلة في الزمان والمكان، وكنفا لفنانين مغاربة، يتجاوزون قواعد الصناعة التقليدية، مما يشكل فرصة لعرض ثراء الصناعة التقليدية المغربية وروح الإبداع و الجرأة والعالم الفريد لكل واحد من هؤلاء المبدعين المشاركين، من خلال عوالم و مقاربات وتأثيرات، يتحول من خلالها رواق التصميم إلى رحلة لا زمنية نحو اكتشاف مغرب مفعم بالإبداع.

عمل وفنان

ويقترح الأسبوع المغربي في أبو ظبي مصممين مغاربة تميزوا بإبداعاتهم المبتكرة، أمثال أمينة أكزناي و منية الفاسي الفهري و وفاء كيران و جميل بناني و إكرام قباج و كنزة بن شريف و رضا بوعمراني و منية مفتاح وبشرى بودعاء.

عالم الموضة

يحظى القفطان المغربي بحضور قوي خارج المغرب في مدن باريس وطوكيو وأبو ظبي. فبعد دورة قدمت اللباس المغربي بشكل عام، يركز المنظمون خلال هذه السنة على الطقوس الاحتفالية للزواج المغربي بصيغة المؤنث، سواء تعلق الأمر بالمرأة المتزوجة من طقوس الحمام والحناء و العروس، أو نساء الأسرة أو السيدات المدعوات. ويظهر القفطان المغربي شخصية كل واحدة منهن من خلال اللباس، إضافة إلى مكملات أخرى ك البلغة (حذاء تقليدي) وحقائب اليد و(المضمات) الأحزمة الخاصة بالقفاطين المغربية.

في كل دورة، يتم اختيار المبدعين حسب معايير التميز والابتكار والانسجام التي ينبغي أن تتسم بها مجموعاتهم حيال موضوع الدورة، و تتمثل رغبة المنظمين في تقديم أفضل ما تزخر به الخياطة التقليدية المغربية، التي تمثل قطاعًا محيرًا بعض الشيء، بالنظر لعدد المبدعين وعدم وجود جهة للتقنيين، لذا أضحى من الضروري إبراز بعض المواهب ذات التجربة، إلى جانب مبدعين آخرين يستحقون تسليط الضوء عليهم والتعريف بإبداعاتهم.

من ضمن المبدعين الذي أكدوا مشاركتهم، هناك لمياء الخصاصي و ربيعة تلغازي سالمورون و زينب ونعيمة ليوبي إدريسي و سهام التازي و هدى سربوتي و ليلى بنمليح حلوي.

عروض الأزياء

ينظم عرض كل يوم فضلاً عن عرض او عرضين خاصين خلال فترة المعرض تحت الطلب.

وينظم العرض على أساس 4 محاور رئيسية تمثل اللحظات الأربع الأهم لذلك اليوم، بحيث سيتم عرض 20 إلى 25 قفطانا.

القبة الأولى: صباحية العروس، حيث يتم تقديم الخروج من الحمام، مع عرض قفاطين تسمى بقفاطين النهار مطرزة بشكل خفيف، و تشمل القبة الثانية: الحناء، مع عرض جلسة جلسة لها والطقوس المرتبطة بها، وتشمل القبة الثالثة عرض برزة العروس بروح القفطان الأبهة، إضافة إلى القبة الرابعة والتي تشمل الحفلة، حيث تشهد عرض نساء يلبسن قفاطين الأمسيات الفاخرة و يرقصن حول العروس.

عالم الموسيقى

يعرف الأسبوع المغربي تنظيم تنشيط يومي، على شكل لوحات موسيقية، يبدأ بحوار بين الثقافات ويختتم بمزيج احتفالي، يبرز فيه فنانون مغاربة مواهبهم كموسيقيين و تارة أخرى كمستضيفين، يستقبلون طيلة النهار الزوار في جو مفعم بالسخاء وكرم الضيافة المغربية.

و يعرف البرنامج الموسيقي تنوعًا كبيرًا، يعرف بالموسيقى المغربية بمختلف أشكالها من فنون كناوة و عيساوة والتراث الحساني والأمازيغي و حضرة شفشاون والطرب الغرناطي.

فن الطبخ

يقدم كبار الطباخين المهرة الذين تم اختيارهم، عرضا يوميًا للطبخ، يجمعون فيه بين الأصالة والحداثة، مقدمين وجبات رائعة وإبداعات غير معتادة، ووجبات تقليدية مشهورة من المطبخ المغربي.

بحنكتهم وبراعتهم، سيرتقي كبار الطباخين بكل الحواس مؤكدين على سمعة فن الطبخ المغربي و أصالته الاستثنائية، و سينظم حفل عشاء على الطريقة التقليدية لفن العيش المغربي على شرف ضيوف مرموقين من مسؤولين وسفراء وشخصيات وصحافيين، إضافة إلى مراسيم الشاي المغربي، مرفوقا بالحلويات المغربية، و الذي يمثل رمز التشارك و حسن الضيافة.

و يعرف المعرض حضور الشيف شميشة التي تعتبر خبيرة في الطبخ، إضافة إلى أنها منشطة متميزة ، بحيث لا يمكن أن تستغني عنها البيوت للمغربية بفضل وصفاتها الشهية والمبتكرة، وكذا الشيف الكبيرة زكية آيت بولحسين، ابنة الشيف الكبير بفندق المامونية بمراكش، والتي واصلت مغامرة الطبخ العائلي بلمسة شخصية، تتسم بقوة الخيال و الإبداع.

حفل موسيقي

يشهد أسبوع المغرب في أبوظبي ايضًا تنظيم حفل موسيقي، يمثل رحلة عبر الثقافات الموسيقية للمملكة بحسها وتقاليدها وحداثتها، وسيتعاقب فنانون الواحد تلو الآخر خلال الحفل فرادى وضيوفًا، ويشاركون فنانين آخرين أداءهم في شكل ثنائي أو ثلاثي أو جماعي، مما سيجعل هذا المزج غير المتوقع من طرف الجمهور عرضًا احتفاليا يزخر بالمفاجآت الجميلة.

ويعرف الحفل مشاركة باقة من الفنانين المغاربة، أمثال عبد الرحيم الصويري وحاتم عمور وسعيدة شرف وسلمى رشيد و أسماء المنور و فاطمة تحيحيت و آخرين، لينتهي بتحية حارة يقدمها الفنانون المشاركون في جو مفعم بالتصفيق والزغاريد.

نجاح دورتي 2015 و2016
شهدت دورتا 2015 و2016 نجاحًا كبيرًا من خلال الإقبال الذي شهدته من طرف الجمهور الذي حج بكثافة لاستكشاف الغنى الحضاري والتراثي والتاريخي للمملكة المغربية. ويعزى نجاح الدورات السابقة إلى التزام المنظمين بإبراز النبض المغربي الغني بثقافته والفخور بتراثه، خلال فترة وجيزة وفي المكان الواحد ذاته.

وتربط المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة علاقات متميزة وممتدة على المستوى التاريخي، إذ تحضر فيها جوانب متعددة وتكرسها إدارة الطرفين للمضي قدمًا نحو مجالات رحبة، مما يكسبها طابع الاستثناء.