تونس: في مارس 2016، سعى جهاديون إلى تركيز موطىء قدم لهم في تونس عبر شن هجمات كبيرة أحبطت في مدينة بن قردان. وبعد سنتين من ذلك، ورغم إضعافهم في البلاد، لا يزال هذا التهديد قائما.

أحيا رئيس الحكومة يوسف الشاهد ذكرى إحباط الهجمات الثانية الاربعاء والتي تقول السلطات انها شكلت "نقطة تحول" في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال الشاهد من هذه المدينة التي تبعد بضعة كيلومترات عن ليبيا انه يريد ان يكرس هذا التاريخ "يوما وطنيا للنصر على الارهاب".

وبعد سلسلة من الاعتداءات الدامية في 2015، أدى الهجوم الذي شنه عشرات الجهاديين في السابع من اذار/مارس 2016 على منشآت امنية في بن قردان، جنوب البلاد، الى مقتل 13 عنصرا من قوات الامن وسبعة مدنيين.

فشل الهجوم وقتلت قوات الامن 55 من المهاجمين. ومنذ ذلك الحين، لم تشهد تونس التي يعاني اقتصادها نتيجة انعدام الامن، اي هجوم بهذا الحجم.

يقول خبير الحركات الجهادية والباحث لدى معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية دومينيك توماس انه وحتى الان "مختلف المجموعات باتت ضعيفة جدا ومفككة".

وفي ديسمبر، قتل جندي بانفجار لغم في جبل الشعانبي (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر، معقل كتيبة عقبة بن نافع الفرع المحلي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب.

وفي يناير، قتلت القوات التونسية في المنطقة نفسها، مقاتلين جزائريين قالت انهما قياديان في تنظيم القاعدة احدهما كان مكلفا اعادة تنظيم كتيبة عقبة بن نافع ما يحمل على الاعتقاد بان التنظيم يخضع لاعادة هيكلة في شمال افريقيا.

 تركيز على البقاء

لكن مدير معهد الافاق والامن في اوروبا قادر عبد الرحيم يقول انه لا توجد "عودة مؤكدة".

واضاف توماس ان "حدة النزاع متدنية جدا"، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي "التواجد الاعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب محدود" خصوصا بعد مقتل مسؤول الدعاية الاعلامية في الجزائر في اواخر كانون الثاني/يناير.

ويقول توماس "في تونس، وضع (الجهاديين) اكثر هشاشة" بالمقارنة مع الجزائر حيث يتمركز قياديو تنظيم القاعدة، مضيفا ان "كتيبة عقبة بن نافع معزولة ولا يبدو انها تتمتع بالحد الادنى من الكفاءات والمعدات للتواصل، ما يعني انها تركز على البقاء".

ويتابع ان "العمق الاستراتيجي الفعلي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب هو في الواقع في الساحل"، حيث لديه مناطق آمنة أكثر مما لديه في تونس.

ودعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الثلاثاء المسلمين الى محاربة فرنسا في دول الساحل حيث تنشر نحو اربعة الاف من جنودها.

وتقدر السلطات التونسية عدد المقاتلين الناشطين في كتيبة عقبة بن نافع بين 100 و150 شخصا مقسمين على خمس فرق ثلاث منها في جبال الشعانبي وواحدة في الكاف (شمال غرب) والاخيرة في جندوبة وكلها بقيادة جزائريين.

ويقول توماس ان "تقدير عدد هذه المجموعات متفاوت الى حد كبير لكنها تقدر بعشرات "المقاتلين.

"مرونة" 

بالنسبة الى تنظيم الدولة الاسلامية، واذا كانت السلطات تتابع عن كثب عودة الاف التونسيين من سوريا والعراق، الا ان وزارة الداخلية تقدر بان تواجده في الداخل بات يقتصر على بضع عشرات المقاتلين.

وتقول الوزارة ان فرعه المحلي جند الخلافة لا يضم سوى بضعة مقاتلين في مدينة سيدي بوزيد.

اما توماس فيرى ان الامر يتعلق اكثر ب"شبكات" وان التنظيم "لم يعد موجودا بهذا الشكل ... لكن يمكنه اعادة تشكيل صفوفه بسهولة بالنظر الى المرونة الكبيرة لتنظيم الدولة الاسلامية".

اما انصار الشريعة القريبة من تنظيم القاعدة فلا يصدر عنها اي اعلان. ويقول توماس انها "تعمل على الارجح بشكل سري انطلاقا من ليبيا"، وكان تم الاعلان عن مقتل زعيمها مرات عدة.

ويعلق عبد الرحيم بان "شن هجوم على بن قردان سيكون أكثر تعقيدا اليوم" فقد تم "تأمين الحدود".

كما خسر تنظيم الدولة الاسلامية معقله في ليبيا المجاورة حيث تم التخطيط لهجومي متحف باردو في العاصمة التونسية (22 قتيلا في اذار/مارس 2015) ومرفأ القنطاوي (38 قتيلا في يونيو 2015).

لكن ودليلا على استمرار المخاطر، أعلنت الرئاسة التونسية هذا الاسبوع التمديد الاطول لحال الطوارئ وذلك لسبعة أشهر منذ بدء العمل بها في اواخر 2015.

ويشدد عبد الرحيم ان "تونس لا تزال هدفا... وطالما لا يتم التصدي للخطاب السياسي للمتطرفين، فالامر لا يتطلب سوى شخصين او ثلاثة لديهم تصميم وبضعة رشاشات كلاشنيكوف".