في ظل عض الأصابع بين "الطموحات" الإيرانية في المنطقة ولبنان تحديدًا وبين حلم واشنطن التقليدي بالسيطرة على العالم، هل غيرت أميركا سياستها تجاه الشرق الأوسط بما فيه لبنان؟.

إيلاف من بيروت: في ظل الأحداث الإقليمية هل يمكن القول إن واشنطن غيرت سياستها تجاه لبنان، وهي اليوم بمنافسة جدّية على مصالحها في المنطقة في مواجهة إيران؟.

يؤكد الكاتب والإعلامي اللبناني عادل مالك في حديثه لـ"إيلاف" أنه علينا الإشارة إلى حالة الإرباك التي تسود البيت الأبيض والسياسات التي يعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي سياسة يمينية متطرفة. تركت توجهات ترمب الكثير من الإشكاليات على مختلف الأصعدة، الإقتصادية والإجتماعية، والعلاقات ما بين الولايات المتحدة الأميركية ومختلف دول العالم.

ويلفت مالك إلى وجود رسائل متعارضة تأتي إلى لبنان من واشنطن، لكنها لا تحمل الإستقرار، ولا تنبئ هذه العلاقة بوعي أميركي كامل تجاه المنطقة.

يشير إلى أنه يمكن القول إن حالة التخبط الأميركي في عهد ترمب لها مفاعيل سلبية إذا ما تواصلت هذه السياسة الأميركية تجاه لبنان والشرق الأوسط. علمًا أن هناك نوعًا من حركة تصحيحية من واشنطن تجاه لبنان والمنطقة.

موقف عادل
يبقى القول، بحسب مالك، إن هناك الكثير من المواقف لترمب عاد عنها في وقت لاحق، وإذا ما استطاعت الولايات الأميركية أن تأخذ موقفًا أكثر عدالة حيال النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإذا استمرت سياستها تجاه هذا الموضوع في التخبط مع الأسف، فلا يمكن توقع تغييرًا منهجيًا في ما يتعلق بثوابت للعلاقات الأميركية مع دول العالم، خصوصًا مع تركيز ترمب على الاتفاق النووي الإيراني.

ويلفت مالك إلى أنه حاليًا يبدو ترمب قد استمهل نفسه ودول المنطقة لمزيد من التطورات على ما يبدو، وتبدو المرحلة انتقالية ومرحل عبور.

داخليًا هناك تخبط أميركي تجاه ملفات المنطقة والرضوخ الأميركي للسياسات الإسرائيلية، وعلينا، الانتظار بعض الوقت، لكي نلحظ بعض التغييرات إذا ما حصل اتفاق بين واشنطن وطهران على الموضوع النووي الإيراني.

حزب الله وأميركا
عن موقف أميركا تجاه حزب الله، وهل لا تزال تعتبره مشكلة إقليمية؟، يجيب مالك أنه ليست هناك متغيرات فعلية وحسية من جانب أميركا تجاه حزب الله، ولكن إذا أردنا أن نتعمق في بعض الكلمات التي ألقيت أخيرًا، فنلمس أنه منذ أسبوعين كان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في عمّان، وأعلن للمرة الأولى الفصل بين التيار السياسي والتيار العسكري لحزب الله، وكان كلامًا جديدًا من نوعه بالنسبة إلى سياسة واشنطن في المنطقة، لكن سرعان ما جاء وزير الخارجية الأميركي إلى لبنان بعد 24 ساعة، فعاد حينها في لبنان إلى اللغة القديمة، مهاجمًا حزب الله، وانطوت كلماته على نوع من التراجع عمّا قاله في عمّان، ومع هذا التخبط وعدم الوضوح للرؤيا الأميركية تجاه المنطقة، علينا إعطاء بعض الوقت لكي نلحظ إذا كان هناك توجه واضح أو مراعاة أميركية لمصالحها في المنطقة، من هنا علينا ألا نركز فقط على سياسة واشنطن، بل نذهب إلى ما هو رد الفعل العملي الآتي من طهران حول مصير الاتفاق النووي.

ما يحكى عن تهديدات إيرانية حيال المنطقة وحيال المصالح الأميركية يجب أخذه على محمل الجد، فهو ليس تخويفًا على الإطلاق بل يأتي في سياق التحسب لمفاجآت معينة قد يجلبها المفاوض الإيراني إذا ما أدرك أن التعامل الأميركي مع طهران لم يأت حتى الآن بنتائج تشير إلى نوع من التوفيق بين مصالح أميركا في المنطقة والتوجهات والطموحات الإيرانية تجاه لبنان والمنطقة.

ويشير مالك إلى أنه في المرحلة الراهنة نعايش أزمة ما يمكن تسميتها بعملية عض الأصابع بين "الطموحات" الإيرانية إقليميًا ودوليًا، وبين حلم واشنطن التقليدي بأن تكون شرطي العالم من خلال سيطرتها على المنطقة.