شهدت أزمة تسميم الجاسوس المزدوج السابق في مدينة بريطانية يوم 4 مارس 2017 تصعيدًا دبلوماسيًا غير مسبوق منذ الحرب الباردة، بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها في الاتحاد الأوروبي. 

إيلاف: تأتي التطورات الدراماتيكية، متزامنة مع نتائج استفتاء طرحته (إيلاف) في الأسبوع الماضي حول تداعيات حادثة الجاسوس، وما يمكن أن تكون النتائج المترتبة عليه في العلاقات بين موسكو وعواصم الغرب، وهي علاقات متوترة في الأساس.

أشارت نتائج الاستفتاء إلى تقارب في وجهة نظر المشاركين عمّا سيؤول إليه الوضع في مستقبل العلاقات، في أجوبة المشاركين، وبينما رأى ما نسبتهم 40 % (667 من المشاركين) أن مواجهة عسكرية محتملة بين روسيا والغرب، صوّت ما نسبتهم 39 % (652 مصوّتًا) لمصلحة تصعيد الحرب الباردة.

وذهب 354 من المشاركين (21 %) إلى لقول إن المواجهات ستكون طريقًا للحوار بين روسيا والغرب. 

قرار ترمب
وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الاثنين بطرد 60 "جاسوسًا" روسيًا في إطار عمل منسق بين الدول الغربية للرد على قضية تسميم العميل السابق سيرغي سكريبال وابنته بغاز الأعصاب في بريطانيا، وتتهم موسكو بالوقوف وراء هذه العملية.

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن 48 "عميلًا استخباراتيًا معروفًا" في القنصلية الروسية في سياتل (شمال غرب الولايات المتحدة) و12 من البعثة الروسية في الأمم المتحدة أمهلوا سبعة أيام لمغادرة الولايات المتحدة. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب إغلاق القنصلية في سياتل.

من جهتها، أعلنت كل من ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبولندا وهولندا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وجمهورية التشيك، الاثنين، طرد دبلوماسيين روس على خلفية قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا.

وكان زعماء الاتحاد الأوروبي وافقوا يوم الجمعة الماضي على اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضد روسيا بسبب الهجوم على العميل المزدوج، وأكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن 14 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت طرد دبلوماسيين روس.

وقال توسك يوم الاثنين من فارنا في بلغاريا، حيث سيشارك في اجتماع لمسؤولي الاتحاد الأوروبي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "بطريقة ملموسة، قرر 14 بلدًا من الاتحاد الأوروبي طرد دبلوماسيين روس". وأضاف إن "تدابير إضافية تتضمن عمليات طرد جديدة ليست مستبعدة في الأيام المقبلة والأسابيع (المقبلة)".

تعليق موسكو
تعليقًا على تقارير إعلامية تحدثت عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طرد دبلوماسيين روس، قال الناطق الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك، فإن روسيا ستتعامل بالمثل.

أضاف بيسكوف: "تعودنا ألا نسترشد بالتقرير الإعلامية، وحتى هذه اللحظة لم تصدر أي تصريحات رسمية من واشنطن حول اعتزامها طرد دبلوماسيينا".

وقال بيسكوف: "سنسترشد بالحقائق والتصريحات الرسمية، وليس بالتقرير الإعلامية... وفي مثل هذه الحالات سنعتمد على مبدأ المعاملة بالمثل".

صبر ينفذ
من جهتها، أعلنت بريطانيا على لسان وزير الدفاع البريطاني يوم الاثنين إن العالم يقف متحدًا معها، وأن الصبر على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينفد.

وقال غافين ويليامسون خلال زيارة إلى أستونيا إن الدعم الذي تلقته بريطانيا يعد "في حد ذاته هزيمة للرئيس بوتين". تابع وزير الدفاع البريطاني: "نيتهم (في الكرملين) وهدفهم هو بث الفرقة، لكن ما نراه هو توحد العالم وراء الموقف البريطاني، وهو ما يعد في حد ذاته نصرًا عظيمًا، ويبعث رسالة قوية على نحو استثنائي للكرملين وللرئيس بوتين".

تطوير نوفيتشوك
وأعلنت بريطانيا في وقت سابق أن المادة السامة من نوع "نوفيتشوك" تم تطويرها في روسيا، متهمة موسكو بالوقوف وراء محاولة اغتيال سيرغي ويوليا سكريبال، فيما نفت الحكومة الروسية قطعًا الاتهامات الموجّهة إليها، مشيرة إلى عدم وجود برامج خاصة بتطوير المادة المذكورة لا في الاتحاد السوفيتي السابق ولا في روسيا.

وقامت بريطانيا بطرد 23 دبلوماسيًا روسيًا من أراضيها، من دون تقديم أي دلائل تدعم اتهاماتها، كما إنها أعلنت عن اتخاذ إجراءات أخرى معادية لروسيا، الخطوة التي ردت موسكو عليها بطرد 23 دبلوماسيًا بريطانيًا، وإصدار أوامر بإغلاق القنصلية العامة البريطانية في سان بطرسبورغ، ووقف نشاطات مؤسسة "المجلس البريطاني" الثقافية الحكومية في روسيا.

وفتحت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يوم 21 مارس، تحقيقًا في القضية، وبدأت بتحليل المادة، التي تسمم بها سكريبال وابنته.