غادرت حافلات تقلّ مقاتلين ينتمون إلى فصيل جيش الإسلام ومدنيين مساء الإثنين الغوطة الشرقية قرب دمشق باتجاه شمال البلاد بعد انتظار لساعات طويلة عند أطراف المنطقة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

إيلاف: أوردت سانا "خروج 1146 إرهابيًا من جيش الإسلام وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس" التي تسيطر عليها فصائل سورية موالية لأنقرة في ريف حلب الشمالي الشرقي، بموجب اتفاق أعلنته روسيا، في حين لم يصدر جيش الإسلام حتى اللحظة أي تعليق على الاتفاق.

وبعد هجوم عنيف استمر نحو خمسة أسابيع، وتسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني، وافق فصيلا حركة أحرار الشام وفيلق الرحمن على إجلاء مقاتليهما بموجب اتفاق مع روسيا. وجرى خلال 11 يومًا إجلاء أكثر من 46 ألف شخص من مقاتلين ومدنيين إلى شمال غرب سوريا.

بدأت عملية الإجلاء من دوما ظهر الاثنين بدخول الحافلات إلى المدينة قبل أن تتوجه تباعًا محمّلة بالمقاتلين والمدنيين إلى نقطة تجمع قريبة تنتظر فيها اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق.

وبعد انتظار لساعات، أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا) مساء الاثنين "خروج 1146 إرهابيًا من جيش الإسلام وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس" التي تسيطر عليها فصائل سورية موالية لأنقرة في ريف حلب الشمالي الشرقي. لم تكن تغطية عمليات الإجلاء متاحة للصحافيين من الجهتين، واقتصرت التغطية من الجانب الحكومي على الإعلام السوري الرسمي.

تأتي عملية الإجلاء بموجب اتفاق أعلنته روسيا مساء الأحد، وذلك بعد نشر وسائل الإعلام السورية معلومات عن تفاصيل الاتفاق، الذي ينص على "خروج الإرهابيين من دوما.. وتسوية أوضاع المتبقين"، على أن تجري "عودة جميع مؤسسات الدولة وتسليم الإرهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى الدولة".

وكانت قوات النظام عززت انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيدًا لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام.

لا تعليق 
ومنذ إعلان التوصل إلى اتفاق، لم يصدر جيش الإسلام أي بيان رسمي، فيما يمتنع قياديون فيه عن التعليق على الموضوع، بعدما كانوا قد كرروا خلال الأيام الأخيرة تمسكهم خلال المفاوضات مع روسيا برفض أي اتفاق يتضمن "تهجيرهم" من دوما، معقلهم في الغوطة الشرقية.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس "هناك محاولات لإقناع الجناح المتشدد في جيش الإسلام بعدم إعاقة تنفيذ الاتفاق". وتعرّض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما، الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.

ونشر جيش الإسلام الأحد على قناته على موقع يوتيوب شريط فيديو لقائده العام عصام البويضاني وهو يتحدث داخل مسجد في دوما، من دون تحديد تاريخ التصوير. ويخاطب البويضاني الحاضرين بالقول: "في أي لحظة قد تفتح المعركة، وتًفرض علينا معركة (..) نحن باقون في هذه البلاد، ولن نخرج منها. من يريد أن يخرج فليخرج، لكن لا يشوّش علينا".

وحذر من "الشائعات" عن خروج مقاتلي جيش الإسلام الذي يقدر المرصد السوري عديدهم بعشرة آلاف. وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 فبراير ترافق لاحقًا مع عملية برية، ضيّقت القوات الحكومية تدريجًا الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب. وبعدما ازداد الضغط عليها، دخلت كل من الفصائل منفردة في مفاوضات مباشرة مع موسكو، انتهت بإجلاء مقاتليها من جيبي حرستا وجنوب الغوطة. وبات الجيش السوري يسيطر على 95 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية.

وغادرت الأحد قافلة تنقل 1146 شخصًا من دوما إلى إدلب وفق التلفزيون السوري. وضمت القافلة بحسب المرصد، مدنيين جرحى، إضافة إلى مقاتلين سابقين في فيلق الرحمن وأسرهم. ووصلت القافلة في وقت مبكر من صباح الاثنين إلى ريف حماة الشمالي، وفق ما أفاد مراسل لفرانس برس.

خالية من "الإرهاب"
وشهدت دوما التي يقيم فيها عشرات الآلاف تدفق نازحين منها بشكل يومي خلال الأسبوعين الاخيرين إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم إلى مراكز إيواء في ريف دمشق. وأوردت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات في عددها الاثنين "اقتربت مدينة دوما من الالتحاق بنظيراتها من قرى وبلدات الغوطة التي استعادها الجيش، وباتت تفصلها ساعات قليلة عن إعلانها مدينة خالية من الإرهاب رغم محاولات المناورة التي باتت بدون طائل".

وفي بيان إثر انتهاء عملية الإجلاء من الجيب الجنوبي في الغوطة الشرقية، اعتبرت قيادة الجيش السوري السبت أن "الانتصار في الغوطة الشرقية (...) يوجّه ضربة قاصمة إلى المشروع الإرهابي تجاه سوريا".

وأكدت أن من شأن السيطرة على الغوطة الشرقية تحقيق "إعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها". ولطالما شكل وجود الفصائل في الغوطة الشرقية تهديدًا للعاصمة التي تعرّضت خلال السنوات الماضية لقذائف أوقعت مئات الضحايا.

وخلال سنوات النزاع، الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، شهدت مناطق عدة عمليات إجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.