باريس: واصلت القوى الغربية الجمعة دراسة خياراتها العسكرية لمعاقبة النظام السوري، الذي تتهمه بتنفيذ هجوم كيميائي مفترض في دوما، مع الحرص على تفادي التصعيد مع روسيا حليف بشار الاسد.

ومن المقرر ان يجتمع مجلس الامن الدولي مجددًا الجمعة بطلب من روسيا، في حين قالت المتحدثة باسم الرئيس الاميركي دونالد ترمب ان الاخير لم يتخذ "قرارا نهائيًا" الخميس بشأن شن هجمات على دمشق.

وفي اتصال هاتفي الجمعة، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون من أي "عمل متهور وخطير" في سوريا قد يترك "تداعيات لا يمكن توقعها"، وذلك بعد تهديد الغربيين برد عسكري على هجوم كيميائي مفترض.

وعبر ماكرون "عن امله في تواصل المشاورات بين فرنسا وروسيا وتكثيفها لجلب السلم والاستقرار".

وكان السفير الروسي لدى الامم المتحدة فاسيلي نيبينزيا اكد الخميس أن "الاولوية هي تفادي خطر حرب" بين واشنطن وموسكو. وتنشر روسيا حليفة الرئيس بشار الاسد قوات في سوريا.

من جانبه، قال وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس الخميس امام الكونغرس لدى تطرقه الى احتمال شن هجمات وشيكة من الاميركيين والفرنسيين وربما ايضا البريطانيين، "اننا نسعى لوقف قتل الابرياء".

غير انه اضاف "على المستوى الاستراتيجي تبقى المسألة هي كيف يمكن تفادي تصعيد يخرج عن السيطرة" ملمحًا بذلك الى وجود تردد في شن هجوم على نظام دمشق الذي يحمله ترمب مسؤولية هجوم كيميائي في دوما اوقع، بحسب منظمات غير حكومية سورية، 40 قتيلاً السبت.

ويفهم التردد خصوصا مع عدم وقوف روسيا مكتوفة الايدي وسط توتر في العلاقات مع الغرب على خلفية قضية الجاسوس سيرغي سكريبال.

واعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي الجمعة، "لدينا أدلة دامغة تؤكد اننا ازاء مسرحية أخرى، وان اجهزة استخبارات دولة هي حالياً في طليعة حملة كراهية ضد روسيا تورطت في هذه المسرحية".

وحذر لافروف من تزايد ضغط الهجرة على اوروبا في حال شن هجمات غربية، وقال انه "حتى لو حدثت تجاوزات غير مهمة فإنها ستتسبب بموجات جديدة من المهاجرين الى اوروبا" يمكن ان "تفرح اولئك الذين يحميهم محيط"، في اشارة الى الولايات المتحدة.

دون تسرّع

أكدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الجمعة ضرورة عدم التسرع في التحرك عسكرياً في سوريا، لكنها أشارت إلى أنه "في وقت ما يجب القيام بشيء ما" حيال هذا الملف. 

وقالت للصحافيين إنه يجب "عدم التسرع في قرارات كهذه"، مضيفة أن التسرع يؤدي الى "ارتكاب اخطاء". 

وتحدثت هايلي قبيل اجتماع لمجلس الأمن دعت إليه روسيا لمناقشة التهديد الناتج من أي تحرك عسكري محتمل تقوده الولايات المتحدة في سوريا. 

واضافت أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يجري تحليلاً لجميع المعلومات ويتخذ اجراءات لتجنب أي تداعيات غير مرغوب فيها. 

وأوضحت "علينا أن نعرف أن هناك اثباتات وعلينا أن نعرف أننا نتخذ كل اجراء احترازي ضروري في حال تحركنا". 

وخلصت تحليلات منفصلة أجرتها كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى أن هجومًا كيميائيًا استهدف السبت مدينة دوما السورية التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، وفق ما أكدت هايلي. 

لندن حذرة

واصل ترمب مساء الخميس مباحثاته مع حلفائه، وذلك بعد ان كان اعلن في بداية الاسبوع عن شن هجمات.

وتباحث مساء الخميس مع تيريزا ماي ومن المقرر ان يتباحث ايضًا مع ايمانويل ماكرون، لكن لم يتم تأكيد ذلك.

وتلزم المملكة المتحدة الحذر بشأن مشاركتها في عمليات عسكرية محتملة ضد دمشق مفضلة "تنسيق رد دولي" على مسألة تثير انقسامًا عميقًا في الرأي العام والطبقة السياسية في بريطانيا.

وكتبت صحيفة ايفنينغ ستاندار التي يديرها وزير المالية السابق جورج اوزبورن أن تيريزا ماي "تحدثت الى دونالد ترمب وتتحدث الى ايمانويل ماكرون، وحان الوقت لتتحدث الى الشعب البريطاني".

ولم يحدد الرئيس الفرنسي الخميس موقفاً واضحاً بشأن جدول زمني لتدخل عسكري محتمل رغم تأكيده انه يملك "الدليل" على تورط نظام بشار الاسد في هجوم كيميائي مفترض في دوما.

اما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل فقد اعتبرت انه "من المؤكد" ان النظام السوري لا يزال يملك ترسانة كيميائية، مؤكدة مع ذلك ان برلين لن تشارك في عمليات عسكرية ضد دمشق.

وقال المتحدث باسمها ستيفن شيبرت الجمعة، "هناك مؤشرات قوية تشير بأصبع الاتهام الى النظام السوري" حالياً في تحديد المسؤولية عن هجوم دوما.

تكثيف التشاور

أعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية التي ستعقد اجتماعًا الاثنين، أن خبراءها وصلوا الى سوريا وسيباشرون عملهم السبت.

في الاثناء، حذر بشار الاسد من أن أي هجوم على بلاده لن يؤدي الا الى "مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة"، في حين ابدى رجب اردوغان قلقه ازاء "المنازلة" بين القوى الكبرى في سوريا.

بيد أن المحلل نيكولا هيراس رأى انه "لن نتفاجأ اذا ما ادت هذه الحرب الكلامية هذا الاسبوع التي اعلنها ترمب بشأن سوريا، الى اتفاق مع روسيا بهدف كبح جماح الاسد وتعليق العمليات المخطط لها في درعا وادلب (آخر معقلين للمتمردين السوريين)".

واعتبر ان كل هذه التصريحات هدفها الحصول على كسب دبلوماسي.