تباينت ردود الأفعال في الصحف العربية حول الهجمات الصاروخية التي شنتها الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا علي عدة مواقع داخل الأراضي السورية ردا على هجوم يعتقد أن كيميائي في مدينة دوما.

كما ربط بعض الكتاب بين توقيت الهجوم وقمة جامعة الدول العربية التي بدأت أعمالها في السعودية.

وقال خليل الرقيق في جريدة الصحافة التونسية إن القمة العربية "تعقد تحت القصف الثلاثي الأمريكي البريطاني والفرنسي".

ويرى الكاتب أن "التاريخ يعيد نفسه في شكل مهزلة، فتعبق رائحة 'حرب السويس' في عام 1956 وتقريبا بنفس الفواعل إذا ما اعتبرنا إسرائيل سلعة أمريكية مختومة، ومعرّفة بالامضاء".

وقالت جمانة غنيمات في مقال تحت عنوان "قمة علي وقع الصواريخ" في الغد الأردنية إن "ترتيبات القمة تتم بأجواء عادية، والأجواء رتيبة، ربما لكي تمضي القمة كغيرها صفر مشاكل، وإن كانت صواريخ ترامب جعلت القمة تمضي على وقع الضربات وتساقط الصواريخ".

وحذرت الأهرام المصرية في افتتاحيتها من أن "أى تصعيد عسكرى للأوضاع فى سوريا الشقيقة لن يزيد مأساة الشعب السورى إلا تعقيدا".

وقالت الصحيفة إن "العودة إلى طاولة المفاوضات، التى تجمع كل الفرقاء السوريين المتنازعين هى الحل، وعلى العرب مساعدتهم فى ذلك، والسعى بكل السبل لدى الأطراف الخارجية كى تتوقف عن تدخلاتها".

وقال خالد ميري في الأخبار المصرية إن "ما حدث في سوريا يؤكد سلامة الموقف الذي تتبناه مصر" تجاه الأزمة السورية. ودعا الكاتب القادة العرب أن يتبنو في قمتهم الموقف المصري "بألا تكون سوريا مكان تصفية حسابات القوى الكبرى، وأن الحل الوحيد للأزمة هو الحل السياسي الذي يحافظ علي الدولة ومؤسساتها".

لكن سيد البابلي يرى في مقاله بصحيفة الجمهورية أن "العرب لن يتخذوا قراراً موحداً بشأن سوريا. فهناك دول عربية تطالب برحيل الأسد من السلطة وتحمله مسئولية كل ما يحدث في سوريا".

وحذر الكاتب من "انهيار مفاجئ لسوريا، ومن فراغ في السلطة وعملية الانتقال السياسي قد تكون مدمرة وضارة بسوريا أكثر من الضربات الصاروخية وتأثيرها، ونأمل في مساندة عربية لسوريا لمساعدتها في اتخاذ القرار".

وقالت الخليج الإماراتية في افتتاحيتها إن الضربات الصاروخية "تضع القمة أمام تحدٍ جديد يفترض مقاربة عربية جديدة تجاه الأمن القومي العربي، مع الأخذ في الاعتبار أن ما يجري على امتداد الأرض العربية يتحمل النظام العربي مسؤولية أساسية فيه، لأنه تخلى عن دوره وترك الآخرين، في الإقليم وخارجه، ينوبون عنا في تحديد مصيرنا ودورنا كعرب".

ومن جانبها، ترى صحيفة الرياض السعودية أن قمة الظهران "يجب أن تخرج بصيغة موحدة للتصدي للخطر المتمثل في السياسات العدائية الإيرانية" في ظل ما تصفه بـ"العمل الإيراني المتواصل لتهديد الأمن والسلم الاجتماعي في كل من اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين".

"عدوان ثلاثي"

تحذر البعث السورية من أن "سوريا تخوض معركة عالمية كبرى مركّبة ومتعددة الأطراف". كما تقول الأخبار اللبنانية: "عاد الغزاة أنفسهم، بقيادة أمريكية، ليعتدوا على دمشق التي تحارب وكلاءهم منذ سنوات" بعد 62 عاما "العدوان الثلاثي" علي مصر.

لكن الراية القطرية ترى في افتتاحتيها أن العمليات العسكرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية "تمثل رسالة واضحة تبشر بموقف دولي جديد يجب تفعليه من أجل تجريد النظام من جميع أسلحته ليست الكيميائية فقط، وإنما حتى التقليدية، وإن الرسالة المطلوبة تتمثل في أن يدرك (الرئيس السوري بشار) الأسد أنه سيدفع ثمنا باهظا إذا ما استخدم السلاح الكيميائي مجدداً".

ويقول علي قاسم في الثورة السورية: "لعل مشهد الصمود السوري الذي جاء صادماً لأدوات العدوان وثالوثه الإجرامي الفرنسي الأمريكي البريطاني، كان الرسالة الأبلغ على فشل العدوان في تحقيق أهدافه الدنيئة في النيل من صمود السوريين وإرادتهم في الاستمرار بمحاربة الإرهاب".

كما وصفت الثورة السورية مواقف قطر والسعودية من تلك الهجمات بأنها "المواقف المخزية".

ودعا صباح الخالدي في صحيفة الزمان العراقية إلى أن "تكون للشعب العربي من المحيط إلى الخليج كلمته إزاء العدوان على سوريا بكل السبل ووسائل الاحتجاج دون انتظار قرارات من قمة عربية أو غير ذلك لأن الجامعة العربية اللاعربية هي التي طردت سوريا من عضويتها بدلا من حل مشاكل البيت العربي من دون تأثير خارجي".

جدل حول نتيجة الهجوم

وقال إبراهيم باداود في المدينة السعودية إن "نظام الطاغية بشار في سوريا لن يفهم إلا هذه اللغة ولن يتوقف عن جرائمه ضد شعبه إلا بهذا الأسلوب، والذي تأخر كثيراً وكان لا بد من أن يتم منذ زمن".

لكن محمد خروب أكد في مقال بصيفة الرأي الأردنية أن الضربات "عدوان سافر وجريمة نكراء"، محذرا من أن "الأمريكيين كما الفرنسيين والبريطانيين سيدفعون عاجلًا ثمن حماقتهم هذه، بل أسرع مما يتصوره هؤلاء وأتبعاهم في المنطقة".

صاروخ
Reuters
أطلق 110 صاروخا على أهداف داخل سوريا، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية السورية

ويرى عبدالباري عطوان في رأي اليوم اللندنية أن الهجوم "لم يحقق معظم أهدافه، بل أعطى نتائج عكسية تماماً، أبرزها أنّه عزَّز شعبيّة الرئيس السوري بشار الأسد".

وأضاف أن "عدوان ثلاثي آخر دخل تاريخ العرب، انتهى بالانتصار، وإذا كان الأول قد وضع نقطةَ النهاية للامبراطورية البريطانية، فإن الثاني قد يسجل بداية الانسحاب الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط اعترافا بالهَزيمة، وانتصار سوريا على المؤامرة واستعادة عافيتها وسيادتها على كل أراضيها".

ويرجح خالد الدخيل في الحياة اللندنية أن هدف هذه الضربة العسكرية "ينحصر داخل إطار التجاذب الغربي الروسي، وتحديدًا الأمريكي- الروسي".

وقال أمين بلعمري في الشعب الجزائرية أن "الضّربات الصّاروخية لواشنطن وحلفائها لا تكتسي أي أهمية استراتيجية على الأرض، وتبدو وكأنّها تسجيل حضور في المشهد السوري أكثر منه شيئا آخر كما تبدو وكأنّها تصرّف عشوائي ومتسرّع وليس عملا سريعا كما يدّعي ترامب وحلفاؤه من أجل ردع النظام السوري، ومنعه من قتل المزيد من المدنيين".

وأشار جمال سلطان في موقع المصريون الإلكتروني إلى أن "أخطر ما في تلك الضربات الرمزية هي الرسالة التي منحتها للنظام السوري، وهو أن قتله لشعبه بالسلاح الكيميائي هو فقط المحظور وهو الخط الأحمر، وبالتالي فله أن يقتلهم بأي سلاح آخر دون أي حرج عليه، والعالم سيتفرج على المذبحة الجديدة".