يتوقع الخبراء أن تغير تقنية "بلوك شين" العالم، بنقله من إنترنت الأشياء إلى إنترت القيم، وبإرخاء ظلالها على قطاعات عدة، فهي البنية التحتية التي تعمل بموجبها العملات الرقمية.

إيلاف: كثر الحديث أخيرًا عن تقنية التشفير بلوك شين (Blockchain) أو "سلسلة الكتل"، وخصوصًا في الحديث عن العملات الرقمية. هذه هي التقنية الأساسية أو البنية التحتية التي تعمل بموجبها هذه العملات، مثل البيتكوين، ويعتبرها العديد من الخبراء بمثابة الطفرة النوعية التي ستؤدي إلى ظهور الجيل الثاني من الإنترنت حين يتم تبنيها بشكل واسع، هذه التقنية ستقدم فرصًا كبيرة إلى المجتمعات والأفراد حول العالم.

إنترنت القيم
عمد معهد فراونهوف لتقنية المعلومات التطبيقية إلى تقويم هذه التقنية، فأورد أن "رأي الغالبية بشأن إمكانيات تكنولوجيا بلوك شين كان إيجابيًا". كما أقرت الدراسة التي أجراها المعهد بأن تقنية بلوك شين لا تعد أكثر كفاءة فحسب، "لكنها تتيح لمستخدميها جعل العديد من المعاملات آلية. وبالتالي، يمكن إبرام العقود المتعلقة بصفقات أو اتفاقيات معينة أو تسيير المنظمات التي تعمل بشكل مستقل والتي تدار مباشرة من قبل مؤسسيها عن طريق تقنية بلوك شين".

من المتوقع أن تشكل هذه التقنية نقلة نوعية في العقود المقبلة، فمن خلالها، سيتحول العالم من إنترنت المعلومات إلى إنترنت القيم.
تعد تقينة "بلوك شين" من أسرع التكنولوجيات تأثيرًا على الصناعات، وهي عبارة عن دفتر أستاذ رقمي لتسجيل المعاملات بشكل آمن، ومن المتوقع أن يغير طريقة العمل في جميع أنحاء العالم.

كما يتوقع كثيرون مستقبلًا واعدًا ومبشرًا بالأنظمة المعتمدة على تقنية التشفير بلوك شين، وعطفًا على ذلك أصبح العديد من القطاعات يستخدم تقنية البلوك شين باعتبارها سرية للغاية، ولا يمكن اختراقها، إلا أن ذلك ليس صحيحًا تمامًا. وثمة قطاعات سوف تغيرها هذه التقنية.

مجهود وتكلفة أقل
يمكن تقنية "بلوك شين" أن تحل مشكلات كثيرة تواجه الصناعة المصرفية الآن. فالمصارف تقوم اليوم بحفظ الأموال لعملائها وتحويلها من خلال هذه التقنية التي تتسم بنظام آمن، يوفر سجلات دائمة للمعاملات التي تتم في القطاع المصرفي يوميًا. كما تقلل هذه التقنية من المخاطر بشكل كبير باعتماد السجلات الآمنة. كما يكون تحويل الأموال من خلالها يكون أرخص وأسرع، لأنها نظام لامركزي.

كما تؤدي هذه التقنية دورًا مهمًا في السوق العقاري، حيث تتطلب عملية شراء منزل أو بيعه الكثير من الأوراق والوثائق، وبهذه التقنية يمكن تخزين الوثائق وسجلات المعاملات كلها بشكل آمن وبمجهود أقل وتكلفة أقل؛ إذ تقلل من الحاجة إلى ضمان أو وسيط، لأنها توفر عقودًا ذكية تُحول الأموال بموجبها في حالة استيفاء الشروط فحسب.

في قطاع الرعاية الصحية، وحيث أدت الأخطاء المتكررة وفقدان السجلات إلى شيوع حال من عدم الثقة بين المستهلكين ومقدمي الرعاية الصحية. في هذا الإطار، يمكن أن تعمل تقنية "بلوك شين" على تجديد الثقة من خلال تخزين السجلات الطبية وإرسالها بأمان إلى الأطباء والأشخاص المصرح لهم. 

وكذلك في القطاع القانوني، فبسبب إمكانية تخزين السجلات والوثائق بشكل آمن بتقنية "بلوك شين"، لا خوف من عدم صحة المستندات الخاصة. إلى ذلك، تتيح هذه التقنية إمكانية التحقق من الوثائق بسرعة وأمان، وبإمكانها توثيق أي تغيير يتم في المستندات وتخزينه، كما تحد من المشكلات القانونية المتعلقة بالميراث.

تطور كبير
في مجال التداول بالعملات الرقمية، من بيتكوين ومثيلاتها التي تمثل وسيلة للتداول والتعامل في المستقبل، تتيح تقنية "بلوك شين" تحويل هذه العملات وتخزينها بشكل آمن. وعلى الرغم من ذلك، تواجه هذه العملية تحديات بسبب القدر الهائل للطاقة الذي تتطلبه عملية التعدين اللازمة للتحقق من المعاملات.

في جانب آخر، لهذه التقنية دور في السياسة. ففي الفترة الأخيرة، وُجهت اتهامات إلى العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم بتزوير نتائج الانتخابات. وإذا تم استخدام تقنية "بلوك شين" في العملية الانتخابية، يتم تسجيل الناخبين والتحقق من هوياتهم بدقة، ويضمن ذلك حساب الأصوات الانتخابية الصحيحة وحده.

للتقنية هذه أثر في عمل الشركات الناشئة، وهي اليوم بالآلاف. لا طريقة أمام هذه الشركات لعرض أفكارها على المستثمرين من دون تعريضها لخطر السرقة، ولا طريقة أمام المستثمرين لإيجاد شركات يرغبون في الاستثمار فيها. فبدأت تقنية "بلوك شين" تغيّر ذلك، من خلال شركات مثل "Pitch Ventures" التي تسمح للشركات بعرض أفكارها بطريقة آمنة. كما يمكن رواد الأعمال إنشاء ملخص خاص بوصف منتوجاتهم وخدماتهم، ويمكن المستثمرون فرز الملخصات وإيجاد الفرص المحتملة الملائمة.

تستهلك الكهرباء
كما تسمح هذه التقنية بتشفير مقاطع الفيديو وتخزينها وتوزيعها بتقليل التكاليف المهدورة على خدمات حوسبة الإنترنت، والتي تصل إلى 30 مليار دولار سنويًا.

في قطاع التعليم، يتوقع حصول ابتكارات جديدة تستخدم نسخة محدثة من الإنترنت، تجمع بين تقنية "بلوك شين" والعملات الرقمية والواقع الافتراضي، تتسم بإمكانية إنشاء فصل دراسي عالمي لم يسبق له مثيل. وثمة شركات تعمل على إنشاء مجتمع عالمي، يضم الكليات وأعضاء هيئة التدريس والمناهج الدراسية، والطلاب من جميع الأعمار والثقافات والأماكن.

اختلفت الآراء في هذه التقنية الجديدة، بين مؤيديها الذين يقولون إنها تقلل من تكاليف قيام الأنشطة المالية والتجارية وتزيد التنافسية والخصوصية، وبين معارضيها الذين أشاروا إلى أن الوقت مبكر للحكم عليها.

من المخاوف بشأن تقنية "بلوك شين" استهلاكها الكثير من الطاقة الكهربائية، وهناك من يقولون إن 25 في المئة من كهرباء العالم تستهلكها عملة "بيتكوين" الافتراضية.

وأدرك القائمون على هذه التقنية أنها عرضة للمخاطر، خصوصًا بعد تعرض "بيتكوين" ونظيراتها لعمليات القرصنة وغسيل الأموال، إذ لا تخضع لقانون، ولذلك حاولوا تحصينها. وعلى الرغم من إطلاق "بلوك شين" مبادرات داعمة، فإنها لم تنظر إلى استهلاكها الكهرباء ولا تأثيرها في المجتمع البيئي.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مصادر عدة. الأصول منشورة على الروابط الآتية:
https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/544350
https://sa.investing.com/news/cryptocurrency-news/article-557674
https://www.noonpost.org/content/19834