تونس: يستعد نحو 5,3 مليون تونسي لانتخاب 350 مجلسا بلديا الاحد في اقتراع هو الاول منذ ثورة 2011 وطال انتظاره لترسيخ الديمقراطية المحلية في البلد العربي الوحيد الذي نجا من تداعيات الربيع العربي.

ويقول الباحث في مجموعة الازمات الدولية مايكل عياري "لم تحصل هناك ابدا انتخابات بلدية حرة وتنافسية" في تونس، وكانت آخر انتخابات للمجالس البلدية جرت خلال حكم الحزب الواحد في نظام بن علي.

ويتوقع مراقبون أن تسجل نسبة عزوف كبيرة عن التصويت بالرغم من الآمال العريضة التي جاءت بها الثورة، بالتحديد بسبب فشل من تسلموا السلطة بعد الثورة في تحقيق الانجازات المطلوبة.

ويقر العديد من التونسيين بعدم تحمسهم للانتخابات البلدية بسبب مؤشرات التضخم والبطالة المرتفعة، إضافة الى التسوية بين الاحزاب السياسية التي عرقلت النقاش الديمقراطي على المستوى الوطني.

وكانت موجة من الاحتجاجات الاجتماعية عمت مناطق ومدن تونسية بداية 2018 تزامنا مع دخول الميزانية الجديدة حيز التنفيذ.

ويرجح مراقبون أن حزبي "النهضة" الاسلامي و"نداء تونس" الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي سيتمكننان من الفوز في عدد من المناطق، بحكم أنهما الوحيدان اللذان قدما قوائم في 350 بلدية في كامل البلاد. 

أكثر صلاحيات 

وتم تأجيل تاريخ الانتخابات البلدية أربع مرات، وستشمل 350 بلدية يتنافس عليها 57 الف مرشح، وتنطلق الاحد في الثامنة صباحا (07.00 ت غ).

وسيقوم حوالى 30 ألف عنصر من قوات الامن بتأمين أمن الانتخابات. ولا تزال البلاد في حالة طوارئ فرضت منذ 2015 اثر اعتداءات دامية.

 وستمكن هذه الانتخابات من تكريس مبدأ لامركزية السلطة التي نص عليها الدستور التونسي وهي من مطالب الثورة التي انطلقت من المناطق المهمشة في البلاد.

وخلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لادارة مركزية غالبا ما تكون موالية للحزب الحاكم. 

ومنذ الثورة، عينت الحكومة الانتقالية مجالس فشلت في غالب الاحيان في تحقيق مطالب التونسيين.

وصادق البرلمان نهاية نيسان/ابريل الفائت على قانون الجماعات المحلية الذي سيمنح البلديات للمرة الاولى مجالس مستقلة تُدار بحرية وتتمتع بصلاحيات واسعة.

ويقول المحلل السياسي في منظمة بوصلة (مرصد مراقبة الانتخابات) لمين بن غازي "خلال حكم بن علي الى اليوم، لا تستطيع بلدية إعادة طلاء جدران مدرسة (...) دون الرجوع الى سلطة الاشراف (وزارتا التربية او الصحة). كل هذا سيضمحل".

ويضيف "القرارات البلدية ستراقب لاحقا وفقا لمطابقتها للقانون".

خطر العزوف

ولم يتمكن عدد كبير من الناخبين من تبين مدى أهمية هذا الاقتراع نظرا للغموض القانوني الذي يلف الصلاحيات الجديدة التي أقرت، ما عرقل جهود الحث على المشاركة فيها.

وتعتبر نسبة المشاركة الضعيفة للأمنيين وقوات الجيش الاحد الفائت (12 في المئة) مؤشرا آخر لقلة اهتمام الناخبين.

ويشير المحلل السياسي يوسف الشريف الى ان خطر تسجيل نسبة عزوف قوية يمثل "مشكلة كبيرة، لان المجالس البلدية التي لها صلاحيات محدودة ستواجه نتيجة ذلك صعوبات في التغيير".

ويرجح مايكل العياري ان تعيد الانتخابات البلدية الى الساحة السياسية وجوها من نظام بن علي للسلطة، لان "العديد من القائمات تتضمن افرادا من العائلات العريقة في تونس الذين لم يتغيروا كثيرا منذ الثورة".

ولا يستبعد مراقبون حصول مفاجأت ناتجة عن وجود عدد كبير من القوائم المستقلة التي يمكن لها قلب موازين القوى.

ويأمل بن غازي ان تعطي الانتخابات "نفسا جديدا" بغض النظر عن نتائجها وأن تخلق "موجة جديدة من نساء ورجال سياسيين مسؤولين".