في وقت تبلغ فيه الحملات ذروتها في جميع أنحاء العراق على أعتاب الانتخابات التشريعية المقررة في 12 مايو، تستثنى مخيمات النازحين التي تستقبل الآلاف ممن فرّوا بفعل العنف، من أي مشروع من قبل المرشحين.

إيلاف: في محافظة الأنبار الغربية، يعيش النازحون في المخيم رقم 7 في الخالدية حالة فقر مدقع. لقد خسر هؤلاء كل شيء خلال الحرب ضد تنظيم داعش، التي انتهت في ديسمبر بإعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي "النصر الكبير".

لكن "الدعاية الانتخابية غائبة عن المخيمات، كما وأي زيارة للمرشحين، رغم أن أصوات النازحين مهمة جدًا"، وفق ما يقول لوكالة فرانس برس حكمت جاسم زيدان، القيادي في "تجمع الوحدة العراقية" المشارك بخمسة مرشحين في الأنبار.

لا ملصقات ولا شعارات انتخابية قرب الخيم، التي نصبتها مفوضية شؤون اللاجئين، حيث تعلق الملابس على أسلاك معدنية وسط غبار الصحراء، ويلعب الأطفال حفاة بين طوابير الرجال والنساء المصطفين أمام المراحيض العامة وسط حراسة مشددة تمنعهم من الخروج من دون تصريح.

في المخيمات التسعة في المحافظة، أحصت السلطات 30 ألف ناخب، "يمكن لأصواتهم أن تكون خيارًا لكثير من المرشحين، لكن الخوف من التعرّض لمواقف محرجة، بسبب عدم تمكنهم من تحقيق العودة للنازحين الذين فقدوا الثقة بالسياسيين" حال دون الاهتمام بهم، بحسب ما يشير زيدان.

لا يزال نحو مليوني نازح في العراق، وفقًا لمفوضية الانتخابات، التي تشير إلى أنه من بين 8000 آلاف مكتب انتخاب، سيفرز 166 مكتبًا منها إلى 70 مخيمًا موزعة على ثمان من أصل 18 محافظة في العراق. وسيتمكن ما مجموعه 285564 نازحًا من التصويت، لكن قلة قليلة أبدت رغبتها في المشاركة.

لم يأت أحد
لتشجيع النازحين على التصويت، تقرر تمكينهم من القيام بذلك ببطاقتهم التعريفية، في حين على الآخرين إبراز بطاقة بيومترية، وفق ما أوضح مدير مكتب مفوضية الانتخابات في الأنبار سعد العيثاوي لفرانس برس.

في المخيم رقم 7، تقول أم أحمد (47 عامًا) التي يغطي حجابها الأسود جزءًا من وجهها، "لن أنتخب حتى يعود ابني الكبير الذي خطف قبل ثلاث سنوات، وهو في العشرين من عمره. لا أريد غير عودة ابني. نحن هنا منذ سنين، ولم يسأل عنا أحد". أم أحمد فرّت منذ عامين من منزلها في الصقلاوية.

ويؤكد عدد كبير من النازحين أن بيوتهم تهدمت بفعل المعارك، ويطالبون بعودة "المفقودين"، وبينهم من قتل أو اعتقلته القوات الأمنية بشبهة الانتماء إلى تنظيم داعش.

وتقول أم ماهر، المرأة الخمسينية المتحدرة من مدينة القائم في أقصى الغرب، ولا تعرف شيئًا عن ابنها وزوجها، "لا أثق بالانتخابات. لن ننتخبهم إلا إذا أعادوا إلينا أبناءنا ومنازلنا".

في محافظة ديالى، في شمال شرق بغداد، حيث تتوزع ثلاثة مخيمات للنازحين تضم نحو 15 ألف نازح يمكنهم التصويت نظريًا، يبدو الأمر صعبًا، إذ إنهم يأتون من أربع محافظات مختلفة.

مرشح نازح 
يبدي جاسم محمد الجبوري المرشح عن قائمة "النصر" التي يتزعمها العبادي في محافظة صلاح الدين (شمال)، عدم اهتمامه بأصوات النازحين في مخيمي المحافظة بقوله لفرانس برس إن "غالبية العائلات في مخيمات النازحين هي من عائلات داعش، لذلك لم نرفع أي شعارات انتخابية في المخيمات".

رغم ذلك، خرجت من بين النازحين حالة استثنائية، عندما قرر خوض الانتخابات عبد الباري عباس، مدرس اللغة العربية البالغ من العمر 48 عامًا، ويعيش في مخيم "بحركا" في أربيل.

يقول عباس النازح منذ ثلاث سنوات من قضاء البعاج في غرب محافظة نينوى: "لا يعرف المعاناة إلا الذي يعيشها. على أحد منا أن يتقدم على الأقل ليخفف شيئًا من معاناتنا".

يضيف عباس الذي لم يعمل يومًا في مجال السياسة: "أخذت عهدًا على نفسي، لن أخرج من المخيم، حتى ولو فزت في الانتخابات. عائلتي ستبقى وسكني سيبقى في المخيم".