«إيلاف» من القاهرة: رغم أنه لم يحقق أية جوائز في مهرجان "بي بي سي عربي للأفلام والوثائقيات ٢٠١٨"، إلا أن فيلم "درس موسيقي"، للمخرج علي السطوحي، حاز على إعجاب النقاد والمشاهدين، لاسيما أنه يعالج قضية مكافحة الإرهاب في سيناء باستخدام الموسيقى.

يروي فيلم "درس موسيقى"، قصة المواطن المصري لطفي شنودة، الذي يعيش في مدينة العريش منذ أكثر من أربعين سنة، ويمتلك محلًا لإصلاح الآلات الموسيقية، والتدريب على العزف الموسيقي.

"شنودة" المواطن القبطي، يقول خلال الفيلم الوثائقي القصير، إن رسالته هي "محاربة التعصب والإرهاب عن طريق تدريب وتعليم الناس في سيناء الموسيقى".

يستمر "شنودة" في عمله الراقي رغم ما يتعرض له أهالي شمال سيناء من عمليات استهداف سواء بالقتل أو التهجير على أيدي الجماعات الإرهابية.

ويقصد أبناء سيناء المسلمين والمسيحيين محل "شنودة" القديم، لتعلم الموسيقى والتدريب على العزف، ويعلق على ذلك بالقول: "كلنا أسرة واحدة".

ورغم الأجواء المحملة بالتوتر وخوف الأهالي على أبنائهم من الذهاب إلى "درس الموسيقى"، من حدوث تفجير، إلا أن محل شنودة الذي يقع في مواجهة مدرسة، مفتوح يوميًا، ويقول: "مصرون على الاستمرار في العمل في جميع الظروف، حتى آخر نفس في حياتنا".

استلهم القصة من صديقه

وقال مخرج الفيلم علي السطوحي، إنه استلهم قصة الفيلم من صديقه سعيد أعتيق، وهو من سكان العريش، مشيرًا إلى أنه بينما كان أعتيق يمشي في شارع قريب لبيته، سمع صوت موسيقي تخرج من محل صغير، لم يستريح له بال إلا بعد أن تتبع مصدر الصوت، وعرف بقصة لطفي شنودة.

وأضاف السطوحي لـ"إيلاف": أول شيء فعله أعتيق اتصل بي هاتفيا وقال لي: لابد أن تأني فورا. وجدت قصة تشبه القصص التي تحبها. وبالفعل سافرت وأنتجت القصة. كانت ملهمة لي؛ مدرس موسيقى مسيحي لم يلق بالًا لموجات النزوح الجماعي وظل في العريش يعلم الأطفال الموسيقي".

ولفت إلى أن "هذه القصة كانت بالنسبة لي قصة رومانسية عّن الموسيقي في زمن الحرب"، مشيرًا إلى أنه "لا يوجد إقبال كثيف علي دروس عّم لطفي في الموسيقي، الأهالي يخافون علي أولادهم من الحركة وسط الحرب الدائرة بين الجيش المصري، والجماعات التكفيرية في شمال سيناء"، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن الفيلم عرض ضمن "مهرجان بي بي سي"، منوهًا بأنه توقع أن يحصل الفيلم علي الجائزة، خاصة أنه استطاع أن يرصد حكاية من سيناء في وقت تعتبر هذه البقعة الجغرافية خارج التغطية الإعلامية". وتابع: "لكن بكل تأكيد هذا قرار لجنة التحكيم الذي أحترمه".

وكشف السطوحي أنه فاز منذ سنين بالجائزة الأولى عن قصة "صيصة"، السيدة الصعيدية التي تنكرت في الملابس الرجالي كي تستطيع تربية بنتها الوحيدة في مجتمع يجد عيبًا في عمل المرأة. 

وقال إنه "يبحث وراء الحكايات، وسط الجبال والشوارع والأزقة، فنحن خلقنا لنحكي".

تنوع داخل العالم العربي

وكان مهرجان بي بي سي عربي الرابع للأفلام الوثائقية، أعلن عن فوز ستة مخرجين من سوريا ولبنان ومصر والأردن وإيران ضمن قائمة تتضمن صناع أفلام في بداية تجربتهم.

تُظهر الأفلام الفائزة التنوع الموجود داخل العالم العربي، وتشمل الشعر وتقنيات تجريبية وفيلمين صامتين ووثائقياً فريداً يحمل قصصاً لم يتحدث عنها أحد من قبل.

وفاز الصحافي الشاب علي الإبراهيم بالجائزة الأولى عن فيلمه "يوم في حلب"، ويعطي هذا الوثائقي للمشاهدين لمحة عن مدينة تحت الحصار. سيحصل الفائز على دعم لتنفيذ فيلمه القادم. ويشمل الدعم المعدات والتدريب والتوجيه. 

شيماء بوعلى، مديرة المهرجان، قالت عن هذا الوثائقي: " هذا الفيلم القصير أجاب دونَ حوار عن السؤال الأساسي: كيف تبدو الحياة خلال الحرب؟ وأظهر الفيلم وعياً سينمائياً وجرأةً صحافيةً وحساسيةً إنسانية."

وفاز فيلم "بلد مين"، بجائزة بي بي سي عربي للصحافة المتميّزة"، ويحكي هذا الوثائقي قصصاً عن الفساد والإساءات الموجودة داخل أجهزة الأمن في مصر.

سمير فرح، رئيس بي بي سي عربي، قال عن عمل صيام: "توقيته وتصويره لتلك اللحظة لا تشوبهما شائبة. بصرف النظر عن الموقف السياسي من تلك القضية، نثني على قدرته الصحافية في تسجيل تلك اللحظة."

وفاز إليان الراهب بجائزة أفضل وثائقي طويل عن فيلمه "ميّل يا غزيّل"، ويركز الوثائقي على صراع شخص للدفاع عن التعايش السلمي على الأرض التي يحبها.

أما جائزة أفضل ريبورتاج- "ليش؟" فاز بها أيوب القاسم وأحمد الذيابات ومروان البياري. ويناقش الوثائقي فرص لاجئ سوري شاب في وطنه الجديد في الأردن.

وفازت حنان يوسف عبد الله بجائزة أفضل وثائقي قصير، عن عملها "المدينة التي هجرها الرجال"، ويأخدنا هذا الوثائقي لمنازل نساء يَعشن قويات رغم النظرة المشينة لهن كسيدات تركهن أزواجهن.

بينما حصل فيلم "الصمت" على جائزة أفضل فيلم قصير، لفرنوش الصمدي وعلي أصغري. ويحكى الفيلم قصة أم وابنتها، وهما لاجئتان كرديتان في إيطاليا، وعدم قدرتهما على التواصل مع الآخرين ومع بعضهما خلال مشكلة صحية شديدة.