طهران: عوّل الرئيس الايراني حسن روحاني كثيرا على الاتفاق النووي الموقع في 2015 والذي وضع حدا لسنوات من العزلة للجمهورية الاسلامية. ولكن في حال قرر نظيره الاميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق ماذا ستكون التبعات السياسية الداخلية على روحاني؟

بغض النظر عن قرار ترمب المرتقب بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الذي توج جهود روحاني الدبلوماسية، فإنه من الواضح ان العداوة التقليدية بين واشنطن وطهران قد عادت على الاقل على المدى القريب. 

يقول المحلل السياسي في طهران مجتبى موسوي ان "روحاني راهن كثيرا على الاتفاق النووي واستثمر كل رصيده السياسي فيه". 

وأضاف "والان يلتقط الاتفاق انفاسه الاخيرة، ولذلك فإن روحاني سيخسر كل شيء: جميع خططه الاقتصادية والسياسية- التي بناها على الاتفاق النووي". 

هدية للمحافظين

من البداية شكك المحافظون خصوم روحاني بشدة في المفاوضات مع واشنطن، وقد تحققت مخاوفهم عندما اتضح ان الضغوط الاميركية ستستمر في عرقلة العلاقات التجارية الايرانية حتى بعد اتفاق 2015. 

ومع تهديداته المستمرة بالخروج من الاتفاق، ضمن ترمب ان يبقى العالم حذرا في التعامل اقتصاديا مع ايران. 

وقال كليمان ثيرم الخبير في الشؤون الايرانية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا "إن حالة الغموض التي تحيط بمصير الاتفاق النووي هي نصر للمحافظين الذين يستندون الى عدائية السياسة الخارجية الاميركية لتشديد قمعهم الداخلي والحد من تحركات المؤسسات المنتخبة في الجمهورية الاسلامية". 

وخلف الكواليس اظهر المحافظون قوتهم في الاشهر الاخيرة مع الاعتقالات الجماعية لحاملي الجنسيات المزدوجة وللعاملين في المنظمات الاهلية واتهماهم بالتجسس، واغلقوا تطبيق تلغرام الذي يعتبر الاكثر انتشارا في الجمهورية، وضغطوا على الاصلاحيين البارزين مما ادى الى استقالة رئيس بلدية طهران وعدد من كبار مسؤولي البيئة. 

واشرف روحاني على التخفيف المعتدل للقيود الاجتماعية، ولكن في ايران تعتبر الرئاسة واحدة فقط من العديد من مراكز القوى. 

ويواجه روحاني قوى محافظة قوية بين اوساط رجال الدين، والقضاء ومجلس صيانة الدستور الذي يحظى بالقدرة على الاعتراض على القوانين ومرشحي الانتخابات، ناهيك عن سلطة المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي. 

قال اردافان امير-اصلاني المؤلف والمحامي الدولي والذي له مكتب في طهران ان "روحاني اخفق في الوفاء في جميع وعوده، الا انه اكد على خطابه الاصلاحي مؤخرا في محاولة للاحتفاظ بقاعدته الشعبية وتوجيه اصابع الاتهام للمحافظين". 

وقال امير-اصلاني ان "افتتاح عدد من المقاهي الجديدة والسماح للنساء بالكشف قليلا عن شعورهن ليست هي الاصلاحات الأساسية التي تحتاجها ايران". 

دعوة للوحدة

ان ما يمكن ان ينقذ روحاني من تهميشه تماما هو خوف مؤسسة الحكم من المزيد من الانهيار. 

وقد اظهرت تظاهرات الاحتجاج في كانون الاول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير ان الغضب بشأن الاقتصاد والحريات المدنية اكثر انتشارا من السابق ويؤثر على عشرات البلدات والمدن. 

وقال موسوي "اعتقد ان القائد (خامنئي) لا يزال يحاول مساعدة روحاني. ان حماية ازدهار ووحدة البلاد هي على رأس اولوياته خاصة في هذا الوضع الصعب". 

وفاز روحاني بولاية ثانية كرئيس قبل عام بدعم من الاصلاحيين الذين رأوا فيه افضل خيار بين مجموعة المرشحين الذين سمح لهم مجلس صيانة الدستور بالترشح. 

وكان من الواضح انه اصلاحي متشدد- كونه كان داخل النظام منذ الايام الاولى للثورة الاسلامية،-الا ان العديد لا زالوا يشعرون بخيبة الامل من عدم تحقيقه لوعوده بالاصلاح. 

قال صحافي اصلاحي طلب عدم الكشف عن هويته "بعض الانتقادات غير منصفة. لقد فعل روحاني اشياء عظيمة. فقد اصبح هناك المزيد من الانفتاح، كما انخفض عدد شرطة الاخلاق واصبح الصحافيون يتمتعون بحرية اكبر نوعاً ما". 

واضاف "ولكنه في النهاية رجل النظام ويريد ان يبقى كذلك. هويته مرتبطة بكونه جزءا من النظام، واذا نفى ذلك فإنما يكون ينكر نفسه". 

وفي الوقت الحالي، ثبت روحاني على مواقفه وانتقد بشدة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي كما انتقد المسؤولين على اخفاقهم في التحرك بشكل فعال حيال الغضب الشعبي. 

الا انه يواجه تحديا صعبا يتمثل في الرد على ترمب دون عرقلة جهوده الدبلوماسية الاوسع. 

وقال امير اصلاني "الخطوة الذكية هي الانتظار حتى انتهاء ولاية ترمب، والابقاء على الاتفاق النووي وبناء شيء مع الاوروبيين مهما كان محدودا. عليهم الانتظار حتى تمر العاصفة، هذا ما يجب ان يفعلوه .. ولكن سنرى".