يحاول الأوروبيون إعطاء دفع جديد لعلاقاتهم مع دول غرب البلقان خلال قمة الخميس في بلغاريا، قد تطغى عليها النقاشات حول التحديات الدبلوماسية لأوروبا، والتي يطرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

إيلاف: تهدف القمة بين القادة الأوروبيين ونظرائهم من ست دول، هي ألبانيا والبوسنة-الهرسك وصربيا ومونتينيغرو ومقدونيا وكوسوفو، إلى "إقامة علاقات وثيقة" مع هذه المنطقة، حيث تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها.

مقاربة موحدة
إلا أن قادة دول التكتل سيتباحثون في ما بينهم مساء الأربعاء في صوفيا حول الرد على الولايات المتحدة بعد قرارها الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وعدم إعطاء إعفاء دائم للاتحاد الأوروبي حول الرسوم الجمركية على الفولاذ والألمنيوم.

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في أعقاب القرار الأميركي حول الاتفاق النووي "ستكون هناك مقاربة أوروبية موحدة إزاء سياسات ترمب حول الاتفاق الإيراني والتجارة. قادة دول الاتحاد الأوروبي سيتباحثون في المسألتين" في صوفيا.

وإذا كان تدهور العلاقات بين جانبي المحيط الأطلسي يثير القلق، فإن مستقبل علاقات الاتحاد الأوروبي مع دول البلقان يشكل تحديًا مهمًا.

وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر قائلًا إن دول البلقان "بحاجة ماسّة إلى أفق أوروبي، حتى لا نعيش مجددًا كل المصاعب التي مرت عليها في تسعينات" القرن الماضي مع الحروب التي شهدتها المنطقة.

وكانت المفوضية الأوروبية كشفت في أواسط إبريل استراتيجيتها لمنح هذه الدول "آفاق توسع ذات مصداقية" في الوقت الذي لم تنطلق فيه بعد محادثات الانضمام إلى التكتل إلا مع صربيا (2014) ومونتينيغرو (2012)، واللتين يقول يونكر إنهما يمكن أن تصبحا عضوتين "بحلول 2025".

غياب راخوي
تقترح بروكسل أن توافق الدول الأعضاء على بدء محادثات الانضمام رسميًا مع ألبانيا وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة لمكافأتهما على جهودهما في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد.

في المقابل، يبدو موقف المفوضية إزاء البوسنة والهرسك، وخصوصًا كوسوفو، أقل إيجابية. فالاتحاد الأوروبي قلق، خاصة من العرقلة المستمرة لتطبيع العلاقات بين صربيا والإقليم السابق التابع لها.

ترتدي مسألة كوسوفو تعقيدًا خاصًا بالنسبة إلى أوروبا، فخمس من دول الاتحاد (إسبانيا واليونان وقبرص وسلوفاكيا ورومانيا) لا تعترف بإعلانه الاستقلال من جانب واحد في 2008. كما سيغيب رئيس الحكومة الإسباني ماريانو راخوي عن قمة الخميس للتعبير عن اعتراضه.

بشكل عام، ترفض دول عدة، من بينها فرنسا، الموافقة بشكل متسرع على انضمام دول جديدة إلى الاتحاد. وفي مشروع البيان الختامي للقمة، والذي إطلعت عليه وكالة فرانس برس، تذكّر الدول الأعضاء بـ"دعمها الثابت للأفق الأوروبي" الذي أعطته لدول البلقان، لكنها تتفادى بعناية استخدام كلمتي "توسع" أو "انضمام".

يشدد النص على ضرورة تحسين "التواصل" من خلال الاستثمار في البنى التحتية والنقل خصوصًا وعبر التبادلات الثقافية والتربوية وتعزيز العلاقات إزاء "التحديات المشتركة" كالأمن والهجرة.

روسيا "عدائية"
لا يشير نص البيان الختامي إلى مسألة النفوذ الروسي إلا بشكل غير مباشر من خلال الالتزام بالعمل مع دول البلقان "من أجل التصدي للتضليل الإعلامي وغيرها من النشاطات الملتبسة".

وإزاء التحفظ الأوروبي، حذر قادة المنطقة من أن روسيا على غرار الصين وتركيا ستستغل فترة الانتظار الطويلة قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لتعزيز مصالحها بشكل أكبر في المنطقة.

يقول ألكسندر بوبوف مدير المركز الإقليمي حول صربيا، وهو منظمة غير حكومية، إن "مصالح الغرب تتلاقى مع المصالح الروسية هنا منذ زمن، كما على غرار الحرب الباردة، لكن روسيا تحاول بسط نفوذها في المنطقة بشكل أكثر عدائية".

وزادت روسيا وجودها الإعلامي في البلقان في السنوات الأخيرة، لكن نفوذها لم يتجسد بعد على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.
لم ينجح المرشحون المقربون من الكرملين في الوصول إلى السلطة في مونتينيغرو التي انضمت إلى حلف شمال الأطلسي في 2017 رغم معارضة روسيا. وفي مقدونيا فشل مرشح قومي تدعمه موسكو في الحفاظ على موقعه في السلطة أمام منافس موال للغرب.

أما بالنسبة إلى صربيا، فقد اعتبرت روسيا على الدوام حليفًا مهمًا، لكن مستوى الاستثمارات الروسية فيها لا يزال رمزيًا بالمقارنة مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.