إيلاف من نيويورك: ثمة أزمة عميقة تضرب اساسات البيت الأبيض حاليا، واثبتت الأيام ان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فشل في إيجاد الحلول اللازمة للتخلص منها رغم الجهود التي يبذلها.

التسريبات السرية التي تصل الى وسائل الاعلام الأميركية بسلاسة، شكلت ولا تزال هاجس دونالد ترمب، وبات خطر هذه القضية يماثل خطورة الفريق الخاص الذي يقوده روبرت مولر بالنسبة الى الإدارة الحالية، فالمحقق الخاص يستند في رحلة تحقيقه عن الظروف التي سبقت طرد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي، الى بعض ما سُرب عن هذا الملف، وعلى وجه الخصوص الأطراف التي شجعت الرئيس الأميركي على اتخاذ هذا القرار كصهره جاريد كوشنر، وزوجته ايفانكا ترمب.

رينس المسؤول

أواخر شهر يوليو من العام الماضي، وصل الرئيس الأميركي الى قناعة تفيد بأن التسريبات ناجمة عن الفوضى القائمة في الجناح الغربي بالبيت الأبيض، وحمل مسؤولية هذه المشكلة الى رينس بريبوس رئيس اركان الموظفين يومها، وذلك بسبب عدم قدرته على السيطرة على مجريات الأمور.

الإستعانة بكيلي

وجد الرئيس الاميركي ان الحل الأفضل يكمن في اقالة بريبوس والاستعانة بشخص صارم قادر على فرض القانون، فقرر الاستعانة بالجنرال جون كيلي وزير الامن الداخلي، ومنحه صلاحيات واسعة للحد من تسرب المعلومات الحساسة الى وسائل الاعلام، وانهاء حالة الفوضى القائمة في الجناح الغربي بعدما وصلت الأمور حد بروز مراكز قوى متناحرة -جناح ستيفن بانون من جهة، وجاريد كوشنر وايفانكا من جهة ثانية- خارجة عن سيطرة ترمب.

نجح في بداية مشواره

كيلي حقق بعض النجاحات بعد تعيينه مستفيدا من دعم ترمب له، فخرج ستيفن بانون ولحق به سيباستيان غوركا، وفي الوقت نفسه بدأ نفوذ كوشنر يتضاءل، ولم يعد مسموحا للمقربين من الرئيس دخول المكتب البيضاوي ساعة يشاؤون، وتراجع مستوى التسريب بشكل كبير في الأشهر الأولى التي تلت تسلمه منصب رئاسة اركان الموظفين في البيت الأبيض حتى ظن كثيرون ان كيلي كان على قدر آمال رئيسه.

الفوضى تعود

الجنرال نفذ المطلوب منه على أكمل وجه في الفترة الأولى، ولكن شبح التسريبات عاد ليطل من جديد خصوصا مع بداية العام الحالي، فأصبح جون كيلي في مواجهة العواصف وزادت قضية سكرتير الموظفين روب بورتر الذي استقال بسبب اتهامه بالعنف الاسري المشهد تعقيدا بالنسبة اليه بعد حاول الدفاع عنه بشكل شرس في الساعات التي تلت خروج فضيحته الى العلن.

دائرة الخطر

وفي الأيام الماضية، ظهر جليا ان كيلي فقد زمام السيطرة واصبح مركزه غير آمن، وعادت الأمور في البيت الأبيض الى ما كانت عليه قبل عام تقريبا، اثر نشرت صحيفة واشنطن بوست فحوى مداخلة ادلت بها المساعدة الخاصة لمكتب الاتصالات، كيلي سادلر، وتناولت موقف السناتور جون ماكين من مرشحة ترمب لقيادة الاستخبارات المركزية، جينا هاسبيل.

السخرية من ماكين

سادلر سخرت من مرض عضو مجلس الشيوخ عن ولاية اريزونا، جون ماكين بسرطان الدماغ في اجتماع داخلي، وقالت إن رفضه التصويت لمرشحة الرئيس دونالد ترمب لرئاسة وكالة المخابرات المركزية الأميركية "لا يهم فهو يحتضر على كل الأحوال".

كلام سادلر الذي جاء خلال اجتماع مغلق حضره 12 مسؤولا في البيت الأبيض، اثار ردود فعل شاجبة من مسؤولي الحزبين الذين رفضوا التجريح بماكين الذي يعد من ابطال البلاد خلال حرب فيتنام حيث وقع في الاسر، وتعرض لتعذيب شديد، ولم يطلق سراحه الا بعد أعوام.

تسريب ثان

مسؤولو البيت الأبيض ساءهم تسريب فحوى الاجتماع المغلق، ودعت المتحدثة الإعلامية سارة ساندرز الى اجتماع سري وبّخت خلاله الموظفين الذين يسربون الاخبار باستمرار الى وسائل الاعلام، متوقعة ان يتم تسريب فحوى الاجتماع أيضا، وأعربت عن اشمئزازها من الواقع، ولم تمض ساعات حتى نشر اكسيوس خبر الاجتماع وحديث ساندرز، واللافت ان الموقع تحدث عن قيام خمسة موظفين بتمرير المعلومات.

ملاحقة "الخونة"

مأساة التسريب دفعت بترمب إلى تناولها على حسابه على تويتر محاولا التهويل على من يقف خلفها، وأيضا التقليل من قيمتها، حيث اتهم وسائل الاعلام "بالمبالغة في نشر التسريبات لإظهارنا بصورة سيئة قدر الإمكان"، وادان في الوقت ذاته من وصفهم بالمتساهلين المسربين في إدارته، واصفا إياهم بـ"الخونة والجبناء".