أثار نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، والذي تزامن مع الذكرى الـ 70 لإعلان قيام دولة إسرائيل (المعروف لدى العرب بيوم النكبة)، ردود فعل غاضبة في الصحف العربية.

وأدان بعض الكتاب ما وصفوه ب"التقصير العربي"، منددين بالعنف ضد المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة.

"ظلم تاريخي"

يقول مهند عبد الحميد في الأيام الفلسطينية: "في هذا اليوم يشاهد العالم لوحة سريالية فيها: سعادتهم وبؤسنا، غِناهم وفقرنا، استقرارهم وتشردنا، قوتهم وضعفنا، تقدمهم وتأخرنا، انتصارهم وهزيمتنا، ظلمهم التاريخي وعدالة قضيتنا. كل شيء يلتقي بنقيضه، كل شيء من هذا وغيره يتنافر مع شقه الآخر من المعادلة، مقدما بذلك وصفة سحرية لصراع مفتوح لا حل له في إطار ثنائية متنافرة، ولا يمكن حسمه بإعادة انتاج أسياد وعبيد، أو بإخراج 6 ملايين فلسطيني (ما يعادل نصف الشعب) خارج وطنهم التاريخي. مشروع إدارة ترامب الذي ينتمي الى عهد التوحش الاقتصادي والسياسي العالمي، المتطابق مع سياسات إدارة دولة الاحتلال والاستيطان، والمؤيد من الوكلاء العرب الجدد يشكل محاولة محمومة ونافرة لحسم الصراع عبر أشكال من التوحش الأمني".

على المنوال ذاته، كتب ماجد محمد الأنصاري في العرب القطرية: "أراد قادة الكيان مناسبة افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، تتويجا لعامهم الأفضل والأبشع، مئات القتلى الفلسطينيين لا جريمة لهم إلا التظاهر، غزل عربي واسع، وصمت عند الحاجة لا مثيل له، دعم من واشنطن في تحقيق ما خجلت عنه الإدارات السابقة، إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وكل ذلك في سياق أزمات عربية متلاحقة، جعلت من الكيان صانع ملوك في محيطه، لكن الصامدين في غزة أحالوا ذلك اليوم إلى إحراج دولي للكيان وداعميه، عبر التضحيات التي قُدّمت على حدود غزة مع الأراضي المحتلة".

أما الرياض السعودية فتقول في افتتاحيتها إن "عشرات الشهداء وآلاف الجرحى سقطوا في المواجهات المناهضة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، إسرائيل كعادتها استخدمت القوة المفرطة بحق مدنيين عزّل أرادوا الاحتجاج كحق مشروع على اغتصاب ثالث الحرمين".

وتضيف الجريدة أن "القضية الفلسطينية أصبحت أكثر تعقيدا عن ذي قبل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، كان هناك بصيص ضعيف من أمل أن يكون هناك حل لها، حتى ذاك البصيص لم يعد موجودا؛ لارتفاع سقف التعنت الإسرائيلي إلى مستويات عالية غير مسبوقة خاصة بعد قرار نقل السفارة إلى القدس".

"تقصير عربي وإسلامي مخجل"

كما تنتقد القدس الفلسطينية في افتتاحيتها ما وصفته ب"تقصير عربي وإسلامي مخجل".

وتقول الجريدة "إن مواقف الدول العربية والإسلامية هي مواقف مثيرة للخجل وتعبير قوي عن التقصير وعدم القيام بالواجب القومي والديني تجاه القدس بصورة خاصة. لقد جاء الرئيس ترامب وعقد قمة عربية وإسلامية وقدمت له دول عربية مليارات الدولارات ثم أدار ظهره للجميع وقرر نقل السفارة إلى القدس".

وتضيف: "لا بد من القول أيضا إن القيادات في الضفة وغزة مطالبة في هذه المرحلة بصورة خاصة، بالارتفاع فوق الانقسام والارتقاء للمستوى الوطني المطلوب لمواجهة التحديات الإسرائيلية والصفاقة الأمريكية".

بدوره، قال جلال عارف في الأخبار المصرية إن "الرئيس الأمريكي ترامب اعتمد في قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، علي حالة الضعف التي يمر بها العالم العربي، وعلي أن ردود الفعل لن تتجاوز الاحتجاج لعدة أيام، ثم تطوي الصفحة".

ويضيف الكاتب أن "الأوطان لا تسرق بقرارات حمقاء، فما بالك بالقدس زهرة المدائن. والقضايا تظل حية مادامت الشعوب قادرة علي ان تنجب أجيالا وراء أجيال من الشهداء. ستظل القدس ـ رغم أنف الصهانية وحماقات أمريكا ـ تزهو بعروبتها. وستبقي فلسطين في انتظار الخلاص من النازيين الجدد وسيبقي آخر استعمار في العالم ينتظر نهايته. والتاريخ يقول لنا ـ رغم كل الظروف ـ إن الانتظار لن يطول".

في السياق ذاته، يرى عصام قضماني في الرأي الأردنية أن "الرسالة من نقل السفارة أبعد من أن تكون نكاية بالعرب وخلفهم العالم الرافض لهذه الخطوة, فهي تكرس لمرحلة جديدة معناها أن الصلف الإسرائيلي المدعوم أمريكيا لم يكن بمثل هذا الوضوح يوما ما، لكنه علامة على ضعف بعض العرب وعدم اكتراث بعضهم الآخر، فمنهم من لم يعد يرى في القدس أولوية ومنهم سحب عنها الغطاء التاريخي والديني والحضاري فهي من وجهة نظرهم مجرد مدينة حتى أن بعضهم اعتبرها من حقوق إسرائيل والفرق كبير بين إسرائيل الصهيونية واليهود كديانة لأن ثمة يهود عارضوا الفكرة ربما بتشدد أكثر مما أبداه بعض المسلمين والعرب".