إيلاف من برلين: انتج العلماء، من مختلف بلدان العالم، أجساماً روبوتية منمنمة تدور في الدم وتنقل الدواء إلى مناطق الاصابة في الجسم. انتجوا بعضها بشكل أنابيب منمنة تحمل في باطنها أصغر محركات نفاثة في العالم، وبعضها يهتدي إلى الهدف بواسطة الضوء أو أشعة ليزر، كما تم منذ سنوات ابتكار كبسولات تعوض عن أجهزة المناظير بالقسطرة.

وإذ يجري تحريك معظم هذه الأجسام (الممغنطة بعض الأحيان) بواسطة حقول مغناطيسية من خارج الجسم، يقول العلماء السويسريون انهم ابتكروا غواصات روبوتية صغيرة تتحرك بالطاقة التي تكسبها من التغيرات الحرارية في المحيط الذي تسبح فيه.

وأشار العلماء من جامعة زيورخ التقنية في سويسرا إلى أنهم جربوا بنجاح النموذج الأول لأول غواصة صغيرة من نوعها لاتحتاج إلى الوقود أو الكهربائية في الحركة. وأضافوا انهم تمكنوا من تحريكها، بحرارة المحيط الذي تسبح به، إلى المكان المطلوب دون عناء.

تتحرك الغواصة الصغيرة بواسطة عدة"مجاذيف" تتحرك مثل الزعانف وتدفعها إلى الجهة المطلوبة كما تفعل السمكة. ويعتقد العلماء ان الغواصة المنمنمة ستتولى في المستقبل تنفيذ مهمات مبرمجة لها في مجالات الطب والبناء والفضاء.

بوليمرات تؤدي وظائف العضلات

وكتبت كريستينا شيا من جامعة زيوخ التقنية ان طول الغواصة لا يزيد عن7,5 سم وصنعت بالكامل بتقنية الطباعة الثلاثية الابعاد (المجسمة). واضافت الباحثة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences ان فرق هذا الانجاز عن غيره هو ان الغواصة تتحرك نحو الهدف، تؤدي مهماتها، دون كابل أو تيارات خارجية أو ضوء.

تتحرك الغواصة السويسرية الصغيرة باستخدام التقلبات الحرارية في المحيط الذي تسبح فيه. ولأجل تنفيذ ذلك زود العلماء الغواصة بـ "مجاذيف" تم صنع كل منها من شريطين من البوليمرات تتمتع بذاكرة للشكل. 
وتعمل هذه المجاذيف، أو شرائط البوليمرات، بمثابة عضلات، لأنها تنفتح وتنقبض مع تغيّر درجة حرارة المحيط الذي تسبح فيه الغواصة. يمعنى آخر ان هذه الشرائط تتقلص في الماء البارد وتتمدد بالتدريج كلما ارتفعت درجة حرارة المياه.

حركة جذف
وحينما ترتفع حرارة الماء قليلاً يتمدد شريط البوليمرات، ويحرك ذلك عتلة صغيرة في الغواصة تؤدي إلى حصول حركة جذف كما هي الحال في الزوارق. وتم تصميم الغواصة تماماً كي تتحرك في الاتجاه المطلوب مع كل ضربة مجذاف من هذه"العضلات" البوليمرية.

وأكدت كريستينا شيا ان النموذج الأول من هذه الغواصات نقل المواد المكلف بها داخل سائل إلى المحطة المطلوبة ثم عاد بنجاح إلى محطة الانطلاق.

تم تحميل الغواصة في المختبر بعملة معدنية صغيرة وتم تكليفها بنقلها إلى مكان معين. وفعلاً نفذت ذلك بحركة المجاذيف وصولاً إلى المكان المطلوب، ثم عادت بحركة مجاذيف معاكسة إلى نقطة الانطلاق.
ويعترف فريق العمل بأن النموذج الأول من الغواصة لايزال"بدائياً" ويعجز عن فعل الكثير، لكنهم يسعون إلى تطويره. ويمكن تطوير التقنية لجعل الغواصة تتحرك بشكل اسرع من خلال تطوير المجاذيف البوليمرية. كما ينظر العلماء في امكانية جعلها تتحرك بفعل تقلبات ملوحة الماء أو حامضيته أيضاً.

وتؤكد شيا ان أهمية انجازهم هو انه ابتكروا غواصة صغيرة تتحرك دون وقود أو كهربائية وما إلى ذلك. وتتبدى الأهمية الثانية في ان كامل الغواصة وأجزاءها تمت صناعتها بواسطة تقنية الطباعة المجسمة.
الجدير بالذكر ان الفضل في ابتكار المحركات المنمنمة يعود إلى الباحث صامويل سانشيز من معهد ماكس بلانك الألماني قبل سنة من الآن. وهي أنابيب منمنمة لايزيد طول الواحد منها عن 200 نانوميتر وتندفع داخل السوائل بقوة محرك مدمج داخلها.