نصر المجالي: أثار تقرير كتبه خبيران أميركيان تساؤلات عن الدور الذي لعبته سلطنة عمان في التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني المثير للجدل الذي تم توقيعه في عهد الرئيس الابق باراك أوباما. 

وكشف تحقيق لمجلس الشيوخ الأميركي الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، في الأسبوع الماضي عن أن إدارة أوباما سعت إلى مساعدة إيران على الاستفادة من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه العام 2015، إضافة للدور الذي لعبته مسقط التي تتمتع بموقع استاتيجي مهم في مدخل الخليج. 

وأورد التقرير الذي كتبه جوناثان شانزر، وهو محلل سابق في تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية وهونائب الرئيس الأول لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ونيكول سالتر مديرة المشروع والمحللة في الشؤون العمانية لصحيفة "وول ستريت جورنال" تفاصيل عن الدور العماني والتوصل الى الاتفاق النووي الإيراني. 

فريق أوباما

وقال التقرير إنه خلال الفترة التي سبقت الصفقة، كان مسؤولو الإدارة الأميركية تعهدوا بأن إيران لن تتاح لها الوصول إلى النظام المالي الأميركي. لكن فريق أوباما يسعى جاهدا لضمان أن إيران، وهي المنبوذة في المجتمع المصرفي،قد تحقق بعض المكاسب المالية من الصفقة ومن بين ما يمكن تحقيقة هو تحويل 5.7 مليار دولار من الريال العماني من الأرصدة الإيرانية المجمدة الى اليورو كعملة غير سائلة لصالح ايران. 

ويشير التقرير إلى أن المشكلة كانت تكمن في أن الريال العماني كان يجب تحويله أولاً إلى دولار أميركي بموجب نظام العقوبات، وكان هذا يتطلب ترخيصًا من وزارة الخزانة الأميركية. 

ووفقاً لتقرير مجلس الشيوخ، فإن وزارة الخزانة الأميركية اصدرت الترخيص ثم طلبت من بنكين أميركيين العمل مع بنك مسقط لبدء ترتيبات المعاملات المالية، لكن البنوك الأميركية رفضت ذلك، خوفا من المخاطر القانونية ومخاطر السمعة في التعامل مع إيران. 

وقال التقرير إن سلطنة عمان لجأت إلى شراء كميات صغيرة من اليورو يمكن أن تنقلها إلى إيران، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت إيران قد تلقت كل مبلغ 5.7 مليار دولار أميركي.

لماذا عُمان

ويسأل كاتبا التقرير: لكن لماذا سلطنة عمان ؟ والجواب هو أن السلطنة كانت بين عامي 2012 و 2015، موقعا لإجراء محادثات بين إيران والأطراف الأخرى في الاتفاق النووي.

وحينها أشادت إدارة أوباما بمساهمات عُمان في الصفقة، لكن بعض جيران السلطنة ينظرون إلى أنها ذاهبة بعيدا في سياستها تجاه إيران، لكن العمانيين الذين يتمتعون بقوة أقل وأقل غنى بالنفط من دول الخليج العربية منذ فترة طويلة يقولون إنهم لا يملكون خيارا سوى لعب دور صانع السلام، " لكن هذا لا يفسر بعض السلوكيات الحديثة لسلطنة عمان"، كسبما يفيد التقرير.

تهريب أسلحة

وينوه التقرير إلى خبر كن مصدره (رويترز) نشر العام 2016 حول أن إيران كانت تقوم بتهريب الأسلحة عبر سلطنة عُمان إلى المتمردين الحوثيين الذين يقاتلون الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن. 

وحينها قيل أن الشحنات شملت صواريخ مضادة للصواريخ، وصواريخ أرض - أرض قصيرة المدى، وأسلحة صغيرة ومتفجرات، ومركبات جوية غير مأهولة. مع ملاحظة ان كل شحنات الأسلحة إلى الحوثيين كانت تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي عام 2015.

وفي مارس 2017، ذكرت منظمة أبحاث التسلح في النزاعات، وهي منظمة غير حكومية مقرها المملكة المتحدة، أن الطائرات بدون طيار التي استخدمها الحوثيون دخلت اليمن عبر عمان.

وفي تقرير صدر في يناير 2018، أكد فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن المعني باليمن أن الطريق البري عبر عُمان هو التفسير "الأكثر احتمالاً" لكيفية وصول صواريخ بركان - Burkan-2H إلى اليمن. 

تفسير

أما التفسير الثاني المحتمل، وفقا للتقرير، هو أن ميناء صلالة في سلطنة عمان كان يستخدم كنقطة عبور بسبب إجراءات التفتيش المتراخية. وكانت السلطات اليمنية المحلية استولت على شاحنة صغيرة في 9 مايو 2017، عند المعبر الحدودي مع عمان، وكانت الشاحنة تحتوي على 3.42 مليون دولار بالعملة الأجنبية والذهب.

ويشير التقرير إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو بدء شركة الطيران السورية "أجنحة الشام" الطيران بين دمشق والعاصمة العمانية مسقط في عام 2015، الأمر الذي حدا بوزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أجنحة الشام في عام 2016 تحت بند مكافحة الإرهاب وانتشار الأسلحة.

ومن المحتمل أن تكون شركة الطيران السورية المذكورة قد جلبت أسلحة أو قطع غيار أو أفراد أو أموال إلى عُمان من سوريا لنقلها إلى اليمن. كما أنه ليس من الواضح لماذا تم إنشاء هذا الجسر الجوي. وكما كان وكيل وزارة الخزانة الأميركية سيغال ماندلبكر مؤخرا:، "الناس لا يذهبون لقضاء إجازة في سوريا".

لا دليل 

ويقول التقرير: لا يوجد دليل على أن السلطات العمانية تشارك بشكل مباشر في أنشطة غير مشروعة نيابة عن إيران. لكن المسؤولين الأميركيين عبروا عن قلقهم للسلطات العمانية عدة مرات منذ عام 2016. كما أعرب السعوديون واليمنيون والإماراتيون والإسرائيليون عن مخاوفهم. وينكر المسؤولون العمانيون بشكل قاطع وجود مشكلة على الإطلاق.

وعلى الرغم من أن معظم الأميركيين لا كادون موقع سلطنة عمان على الخريطة، إلا أنها تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. وكانت السلطنة سمحت للولايات المتحدة باستخدام قواعدها العسكرية منذ عام 1980. كما أن الأمر الشائك أيضا هو أن عُمان إلى جانب إيران، تسيطر على الممرات المهمة للنفط في مضيق هرمز.

ويختم التقرير قائلا: لقد نفذ الرئيس ترمب انقلابًا شبه كامل للسياسة الأميركية تجاه إيران. كما ان سلطنة عمان في وضع لا تحسد عليه إلا الاضطرار إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد. يجب أن يكون المسؤولون الأميركيون متعاطفين مع مسقط إلا إذا هي غضت الطرف عن تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيها.

تمت الترجمة بتصف عن موقع (وول ستريت جورنال ) الأميركية:

https://www.wsj.com/articles/omans-dangerous-double-game-1528652102