اديس ابابا: توجت اثيوبيا أسبوعا استثنائيا مع مواصلة رئيس الوزراء الجديد ابيي أحمد اصلاحات جريئة غير مسبوقة لم يردعها هجوم بقنبلة يدوية اثار مخاوف من رد فعل عنيف من معارضيه المتشددين.

وبعد ثلاثة أيام فقط من تفجير استهدف تجمعا عاما لابيي في وسط اديس ابابا اسفر عن مقتل شخصين، استقبل رئيس الوزراء الشاب البالغ 42 عاما وفدا من الجارة اريتريا التي تخوض معها اثيوبيا حربا منذ عقود.

وتولى ابيي منصبه في نيسان/أبريل الفائت بعد سنوات من الاضطرابات المناهضة للحكومة، وسرعان ما أعلن تغييرات غير مسبوقة بما في ذلك تحرير بعض نواحي الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة والافراج عن معارضين مسجونين.

لكن أكبر تحول في سياسته حتى الآن هو توجهه نحو إريتريا، إذ وعد ابيي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده منذ انتهاء الحرب الحدودية الدامية التي استمرت عامين في عام 2000.

وتسبب تفجير السبت في هلع كبير في التجمع وأسفر عن تدافع اصيب فيه نحو 150 شخصا، كما أثار مخاوف من رد فعل عنيف من جانب المتشددين في الحزب الحاكم وقوى الامن المعارضين لاصلاحات رئيس الوزراء.

وقال المحلل السياسي الاثيوبي هليلويا لولي "بالتأكيد هناك العديد من الجماعات والأفراد والمنظمات غير المسرورة بهذا النوع من الإصلاح الذي يقوم به" ابيي.

لكن خلال الاسبوع المنصرم، لم يخط اي خطوة ناقصة، كما يقول محللون انه لم يفقد حماسته.

وقال الاستاذ الجامعي سيوم تيشوم الذي نظم التجمع إن "الهجوم لم يكن فقط ضد رئيس الوزراء نفسه بل على حرية الشعب". وتابع "سيحصل (بيي) على المزيد من الدعم من الناس". 

وعلى الاثر، اعتقل عشرات المشتبه بهم بسرعة، وحذرت الحكومة من "مؤامرات ... لايقاف الإصلاحات الجارية".

ولم يردع الهجوم ابيي الذي سرعان ما استضاف وفدا إريتريا بعد ايام من الاعتداء.

- اجتماع "لا يمكن تصوره" -

وكانت إثيوبيا في حالة من الغليان قبل تعيين ابيي ضابط الجيش السابق والوزير في الحكومة من قبل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الأثيوبية الحاكمة، ليصبح أول مسؤول في العصر الحديث ينتمي لاتنية الاورومو، أكبر اتنيات البلاد.

بدأت الاحتجاجات العنيفة المناهضة للحكومة بقيادة الاورومو، والامهرة ثاني أكبر مجموعة اتنية بالبلاد في نهاية العام2015. 

ورغم مقتل المئات، لم تتمكن السلطات التي فرضت حالة الطوارئ مدة 10 أشهر من إخماد الغضب.

ومع توليه الحكم، كان أول ما فعله رئيس الحكومة الشاب القيام بجولة في المناطق المضطربة في البلاد سعيا لرفع مكانته وحشد الدعم، ثم رفع حالة الطوارئ الثانية التي فرضت بعد استقالة سلفه هايلي مريم ديسالين.

وشكّل التجمع في ميدان ميسكل في وسط أديس أبابا، أول ظهور علني كبير لابيي في العاصمة.

وقد استغل ابيي الذي كان يرتدي قميصا اخضر ويعتمر قبعة الحدش الذي جمع مئات الالاف للتعبير عن امتنانه متحدثا عن المحبة والوئام والوطنية.

الا انه غادر بسرعة فور حدوث الانفجار.

وبعد ثلاثة أيام من التفجير، ظهر ابيي هادئا ومبتسما فيما كان يسير على السجادة الحمراء اثناء استقباله اثنين من كبار المسؤولين الاريتريين اللذين وصلا من أسمرة في أول زيارة رسمية لاثيوبيا منذ الحرب الحدودية. 

ونظمت اديس ابابا استقبالا حافلا للمسؤولين الاريتريين حضرته شخصيات اثيوبية من عالمي الثقافة والرياضة، مثل العداء هايلي جبريسيلاسي.

وقال وزير الاعلام الاريترى يمانى جبرميسكل على تويتر "استجمع رجال دولة عظماء في اريتريا واثيوبيا الشجاعة والرؤية لبناء دعائم السلام الاقليمي المرتكز على القانون والعدالة".

وقبل بضعة أشهر، لم يكن ممكنا تخيل التقارب مع اريتريا الذي اعلنه ابيي في وقت سابق من حزيران/يونيو في نفس الوقت الذي أعلن فيه سياسة التحرير الاقتصادي.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية أن ابيي سيجتمع قريبا مع الرئيس الاريتري ايسايس افورقي.

وقال ابيي للضيوف اثناء مأدبة عشاء اقيمت لزائريه الاريتريين "سنحتفل بالعام الجديد في أسمرة وأديس أبابا، لذا علينا البدء في التحضير".

ويبدأ العام الجديد وفق التقويم القبطي الارثوذكسي الاثيوبي هذا العام في 11 ايلول/سبتمبر.

- خلافات عرقية مريرة -

وتاكيدا على عمق الازمات التي يواجهها ابيي داخليا، دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر هذا الاسبوع حول اعمال العنف بين الاتنيات في اطراف البلاد.

وأدى القتال بين الاتنيات المتجاورة الى نزوح أكثر من مليوني شخص من منازلهم، حسب ما أعلنت الامم المتحدة.

وبعد الإطاحة بالنظام العسكري الشيوعي في العام 1991، قسمت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الأثيوبية الحاكمة البلاد الى مناطق فدرالية على اساس اتني في محاولة لمنح الاتنيات نوعا من الحكم الذاتي. 

لكن نقاط التماس بين هذه الاتنيات شهدت أخيرا اشتباكات تسببت في ارباك وكالات الاغاثة التي تكافح بالفعل للتعامل مع أزمات اثيوبيا مثل الجفاف الدائم والاعداد الكبيرة للاجئين.

والاربعاء، قتل 10 اشخاص على الاقل في منطقة بني شنغول - غومز في الحلقة الاخيرة من اعمال العنف.

ورسم المحلل هلليلويا خطا بين هذه المعارك وتعامل قوات الامن العنيف مع الاضطرابات المناهضة للحكومة المستمرة منذ سنوات، مشيرا إلى أن إصلاحات ابيي قد تعيد الثقة والاطمئنان في الدولة وقدرتها على حل الازمات دون اللجوء للعنف.

وقال "إذا واصل بهذه السرعة وهذا النوع من الخطاب الذي انتهجه خلال الاشهر الثلاثة السابقة، اعتقد ان النزاعات ستخف حدة".